بعيدا عن الأسباب الرسمية، غير المعلنة، التي أدت بمجلس صيانة الدستور في ايران إلى رفض أهلية كل من الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني (مرشح الإصلاحيين والطبقة السياسية الوسطى) ومستشار الرئيس الإيراني اسفنديار رحيم مشائي (مرشح الجناح المحافظ الوسط، المخالف للكثير من سياسات المرشد الأعلى علي خامنئي) للترشح للانتخابات الرئاسية، وحصر التنافس بين مرشحي الجناح المحافظ التقليدي، يبدو أن الرفض هدف لتحقيق بعض النقاط، منها:
– عدم تكرار أحداث العنف في أعقاب الاحتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2009 والتي اتهم الإصلاحيون خلالها السلطة بتزوير النتائج لصالح الرئيس محمود أحمدي نجاد، ما جعل المواجهات تتوسع لتهدد نظام الدولة وكيانها. فوجود رفسنجاني ومشائي في المنافسة على الرئاسة، وبالذات رفسنجاني، الذي تعهد الإصلاحيون بإلقاء ثقلهم خلفه، ثم مشائي، الذي اعتمد في رهانه الانتخابي على الحصيلة الشعبية الكبيرة التي كوّنها أحمدي نجاد لنفسه خلال السنوات الثماني من رئاسته، كان سيدفع بحظوظهما للوصول إلى سدة الرئاسة، وهذا من شأنه أن يغيّر المعادلة السياسية في علاقة أيٍ منهما برأس النظام، أي المرشد، في حين أن المحافظين التقليديين، المسيطرين على مفاصل الدولة الإسلامية، يعوّلون على رئيس “مطيع” للفترة السياسية المقبلة، وهو ما لا يتحقق في رفسنجاني ولا في مشائي، ومن ثم فإن أي محاولة لجعل نتيجة الانتخابات تسير في صالح المرشح “المطيع” هو مسعى لإعادة رسم سيناريو أحداث عام 2009.
– حصر المنافسة الانتخابية بين المرشحين المحافظين التقليديين من أجل التحكم في الصراع في ظل التأكيد على عدم فقدان “الصورة” الرئيسية للديموقراطية، أي الانتخابات. كل ذلك يهدف إلى جعل السياسات والمصالح العليا، والضيقة، تحت سيطرة الجناح المحافظ التقليدي، في سبيل تعزيز بسط هيمنة المرشد على مختلف المسائل والأمور، عن طريق استغلال الوضع السياسي لإيجاد علاقة جديدة بين الرئاسة والقيادة العليا تقوم على “الطاعة المطلقة”، والتي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال مرشحي هذا الجناح.
من هذا المنطلق يُتوقع أن يتم تسليط الأضواء على المرشح “المطيع” الأكثر قدرة على التعامل مع ظروف المنطقة والظروف الدولية، المتحكمة بشكل كبير في الظروف المحلية، وبالذات في الاقتصاد، وخاصة ما يتعلق بالملف النووي الإيراني، ويتبعه في ذلك ملف الثورات العربية، وفي مقدمتها النزاع في سورية. وعلى هذا الأساس يبرز اسم مسؤول التفاوض في الملف النووي الإيراني سعيد جليلي، القريب من المرشد، والمتمرّس في العديد من الملفات الدولية، كأحد أبرز المتوقع فوزهم في الانتخابات.
كاتب كويتي
fakher_alsultan@hotmail.com