لم يتسن لي التعرف على الكاتب والصحفي فايز سارة عن قرب ، قبل اعتقاله منذ حوالي ثمانية أشهر، وكل ما عرفته عنه أنه كاتب وصحفي ومحلل سياسي مهتم بالشـأن العام المحلي و العربي و الدولي. وقرأت له العديد من المقالات. – وهو من مواليد بلدة جيرود التابعة لريف دمشق عام 1950، متزوج و له أربعة أولاد، يكتب في العديد من الصحف و المجلات و الدوريات العربية وعلى مواقع النشر الالكترونية منها ( موقع كلنا شركاء والأوان وصحفية الحياة اللندنية والسفير والمستقبل اللبنانية والنور السورية والعرب اليوم الأردنية) له العديد من الكتب و المؤلفات نذكر منها: موسوعة الكاريكاتير العربي (جزءان) الأحزاب و القوى السياسية في تونس الأحزاب السياسية في المغرب، كما شارك بتأليف الموســوعة الفلسـطينية. ناشط في مجال حقوق الإنسان و المجتمع المدني، ومن مؤسـسي لجان إحياء المجتمع المدني كما شارك في العديد من المؤتمرات و الندوات و ورشات العمل في مجال حقوق الإنسان إضافة لعضويته في الهيئة الدولية لمكافحة الفقر.
تعرفت إليه لأول مرة في لقاء عابر أمام محكمة الجنايات الثانية بدمشق، عندما حضر لمتابعة محاكمة الكاتب والصحفي ميشيل كيلو. وفي المرة الثانية التقيت به عندما أعتقل على خلفية مشاركته في اجتماع المجلس الوطني لإعلان دمشق، حيث حضرت معه جلسة الاستجواب لدى قاضي التحقيق. أما أخر مرة التقيت به، كانت منذ أسبوعين عندما ذهبت لزيارته في مكان إقامته الحالية بسجن عدرا بريف دمشق.
في الطريق إلى سجن عدراً ، تساءلت في نفسي كيف سيكون اللقاء معه؟ وماذا سأقول له؟ ترى هل سيكون غاضباً من الحكومة التي زجت به في السجن؟ أم سيكون هادئاً قوياً واثقاً من نفسه كما بدا لي عندما استجوبه قاضي التحقيق؟ وأسئلة أخرى كثيرة انهارت كلها، عندما رأيته يدخل إلى الغرفة المخصصة لزيارة المحامين في السجن،برفقة ضابط السجن،وهو مرفوع الرأس والابتسامة لا تفارقه، فسلمت عليه بحرارة، حتى ظننت للوهلة الأولى أني لست في سجن عدرا، لولا كلام الضابط المرافق الذي قال: “تفضلا بالجلوس، ثم سألني عن اسمي”، وبعد ذلك استملت زمام الحديث بسؤال فايز سارة عن صحته في سجنه، وعن ظروف السجن والمعاملة التي يلقاها في مكان إقامته الجديدة.
بدأ فايز سارة الحديث ليس عن معاناته في السجن، بل عن معاناة السجناء جميعاً ، خصوصاً بعد الأحداث التي جرت بسجن عدرا على خلفية الاحتجاجات التي قام بها عدد من السجناء لتحسين ظروفهم في السجن العام الماضي، والقرار الذي اتخذته إدارة السجن بمعاقبة سجن عدرا بنزلائه لمد خمس سنوات، فقلت لفايز وما دخلك أنت في هذا الأمر، إذ لم تكن موجوداً في السجن عندما وقعت تلك الأحداث؟ فأجابني بمرارة :”للأسف من يدخل إلى سجن عدرا الآن فسيجد نفسه معاقباً بلا ذنب، علماً أن المذنبون الحقيقيون في تلك الأحداث نقلوا إلى سجون أخرى يتمتعون بشروط أفضل بكثير مما نعانيه في سجن عدرا”. وأضاف قائلا: “حتى المكتبة في السجن معاقبة، لا يسمحون لها أن تفتح أبوابها أمام السجناء.. مع أنه يتم تشجيع السجناء في سجون الكثير من بلدان العالم على ارتياد مكتبة السجن، لابل إن بعض أنظمة السجون تلزم السجناء بقضاء وقت محدد في مكتبة السجن لمطالعة الكتب والروايات، في محاولة منها لإعادة تأهيل السجين من جديد ، على اعتبار أن السجن ليس لمعاقبة السجين بقدر ما هو مكان مؤقت لإصلاح السجين وتأهيله ومساعدته على الاندماج في المجتمع من جديد بعد إطلاق سراحه، أما ما يحصل هنا في السجن هو العكس تماماً، فقد مللت سماع قصص النصب والاحتيال والتزوير على مدار الساعة في اليوم الواحد.وكم كنت أتمنى أن أهرب إلى مكتبة السجن لأقضي وقتي فيها بين الكتب والمجلات والصحف بعيداً عن تلك القصص التي لا تفيد في شيء سوى أن الكثيرين يخرجون من السجن وهم أساتذة في النصب والاحتيال والسرقة والتزوير والقتل وتهريب المخدرات..الخ. فقلت له مازحاً: ” أخشى عليك من تلك القصص التي قد.. “قاطعني ضاحكاً: أطمئن، لا تخشي علي من ذلك، فلدي من المؤونة الثقافية ما يكفي لصد تلك القصص والحكايات ومنعها من التسرب إلى داخلي. وتابع حديثه متسائلاً عن الحال الذي وصلت إليه الحفريات في الطريق المستقيم بدمشق الذي يمتد من باب الجابية وحتى باب شرقي، وعن أوضاع المحلات في حارة الزيتون، وهل تم تدعيم البيوت التي تعرض بعضها للانهيار من جراء الحفريات..فأجبته: أنت في السجن وتفكر في هذا الأمر..أطمئن لقد تم تدعيم جميع المحلات التي تعرضت للانهيار، والمشروع قد شارف على الانتهاء، وعند انتهائه سيضفي جمالاً على الأماكن المحيطة به.
سألته ثانية عن المعاملة التي يلقاها في السجن ، فأجاب: “لا مشكلة بيننا وبين إدارة السجن، ونحن نلقى معاملة جيدة باستثناء ما قلته عن إغلاق المكتبة، وعدم السماح بإدخال ألبسة،نتيجة معاقبة السجن بسبب تلك الأحداث التي لا ذنب لنا فيها، بل سمعت أن زملائي المعتقلين الذين شهدوا تلك الأحداث لم يشتركوا فيها وحسب، بل وساعدوا إدارة السجن على ضبط الأوضاع وتهدئة السجناء، فما نطلبه هو أبسط حقوق السجين التي نص القانون على احترامها وتوفيرها لجميع السجناء دون تمييز”. وأضاف قائلاًً: “في الواقع أنا لست غاضباً من اعتقالي، بقدر حزني وألمي من الطريقة الخاطئة التي تعاملت فيها الحكومة مع تجمع إعلان تجمع دمشق، وغيره من القوى الوطنية التي تطرح رؤى وطنية مختلفة عن رؤية الحكومة في إدارة شؤون البلاد وتطويرها وتقدمها، فنحن طلاب حوار قبل كل شيء ، حوار يقبل الأخر المختلف.. حوار ينبذ العنف، ويرفض أية تدخلات خارجية في إدارة شؤون بلادنا من أية جهة كانت، وعلى الحكومة أن تفرح من سلوك هكذا معارضة ” فقاطعته بالقول : ولماذا تفرح الحكومة من المعارضة؟ أجابني ضاحكاً : “نحن نعمل كمستشارين للحكومة ، ونقدم لها النصائح مجاناً” وهنا نهض الضابط المرافق معلناً نهاية الزيارة التي دامت حوالي 45 دقيقة.
وقبل أن أودعه، أعطاني ساعته التي توقفت عن العمل بعد سجنه، طالباً مني أن أخبر زوجته أن تجلب معها في زيارتها القادمة ساعة جديدة مثل تلك التي تباع على البسطات بمائة ليرة سورية، ثم ودعته على أمل اللقاء به مجدداً و طليقاً حراً..
وفي طريق العودة إلى دمشق تساءلت في نفسي عن سر عدم الاهتمام الإعلام العربي بخبر اعتقال فايز سارة حتى من قبل بعض الصحف التي كان يكتب فيها ولها، بينما شنت غالبية وسائل الإعلام العربية حملة كبيرة للتضامن مع مراسل الجزيرة الصحفي السوري تيسير علوني لإطلاق سراحه من سجنه في اسبانيا التي حاكمته بتهم لها علاقة بتنظيم القاعدة في إسبانيا، ترى هل في الأمر علاقة بإسلامية تسيير علوني ومدنية فايز سارة، حتى ينحاز الإعلام العربي بشقيه الخاص والرسمي لقضية علوني، دون قضية سارة؟ أم أن للأمر وجها؟
vik9op@gmail.com
• كاتب سوري
http://www.all4syria.org/Details.aspx?ArticleId=15570
لقاء مع فايز سارة في سجنه ماذا يجري في العالم! د. خالص جلبي – في صيف 2008 م نقلت لنا الأخبار ثلاث صور من ثلاث زوايا مختلفة من العالم: أوروبا وأمريكا وبلد عربي؛ أما الصورة الأولى فشيء عجيب من تفكير العلماء في أوروبا في مركز أبحاث الفيزياء النووية، المعروف بـ CERN حيث يجري نفق عميق تحت ستين مترا في الجبال الواقعة بين سويسرا وفرنسا بطول 27 كيلومترا، فيفكرون في استحداث انفجار عظيم على وجه الأرض، مما جعل الفيزيائي (والتر فاغنر) يقيم دعوى ضدهم، بأنه قد يحدث هذا الاختبار – الذي سترتفع فيه درجة الحرارة إلى مليارين – ما يشبه الثقب… قراءة المزيد ..
تيسير علوني وفايز سارة
لم يكن اهتمام العالم بتيسير علوني لانه سوري … ولكن لان الجزيرة القطرية هي التي تبنت الدفاع عنه وبذلت المال وقوتها الاعلامية ونفوذها للدفاع عن منسوبها .. وما فعلته الجزيرة هو الموقف الصحيح تجاه احد ابنائها … اما فايز سارة فهو ابن سورية فقط وليس ابن الجزيرة … بمعنى اخر .. هو يتيم … وعلى مائدة لئام … هل سمعت عن الايتام في مائدة اللئام … انهم في هذا الزمان عامة الشعب السوري