مع الإنفجار الشعبي الذي تسبّب به محمد مرسي بـ”إعلانه الدستور المكمل”، وما تلاه من تثبيت الدستور الاسلامي الجديد في مجلس الشورى، اشتركت المصريات في فعاليات احتجاجية مختلفة، للتعبير عن معارضتهن لهذا الدستور. أولى هذه الفعاليات وأكثرها بياناً تنظيمهن التظاهرات المناهضة له، وباندفاعة متجدّدة. كأنهن عُدنَ بزخم وغضب، بعدما حاول “المتحرشون”، جسداً أو قولاً أو خطباً، ثنيهن عن الشارع وإغلاق الأبواب عليهن. “مركز حقوق المرأة المصرية” جمع الشعارات التي اطلقتها النساء في تظاهراتهن هذه:
1) اكتب يا تاريخ سجل يازمان .. وقفة ستات مصر الجدعان.
2) لا ماتقولش عورة .. صوت المرأة ثورة.
3) لينا قضية ولينا دور وعايزين حقنا في الدستور
4) قولوا معانا يا اهالينا الستات مش صورة ولا زينة
5) مش عايزين المصرية تبقى مواطنة درجة تانية
6) مش محتاجة سين ولا جيم .. ستات جدعة ومش حريم.
7) مش هنساوم ع الحقوق .. ولا بالعافية ولا بالذوق.
8)المشاركة فى القرار يعنى امان يعنى استقرار
9)احنا كنا في الميدان وهما دخلوا البرلمان
10) بره الشعب وبره الشورى ليه الست بقت مقهورة
11) يا امهات الشهداء معانا .. دم ولادنا دين وامانة
12) عّليّ وعلّي وعّلي الصوت .. ستات مصر اتحدوا الموت
13) على وعلى وعلى كمان .. ستات مصر في كل ميدان
14) مطالبنا من التحرير العدالة والتغيير
15) مطالبنا من الميدان ناخد فرصة في كل مكان
16) مطالبنا هي هي المواطنة والحرية
17) مطالبنا من سنين احنا شركاء مش تابعين
18) مطالبنا من زمان عايزين الشارع امان
19)مش محتاجة سين ولا جيم حقنا راجع مش ساكتين
.20) لأ ما تقولش ماهياش فارقة أوعى تهمش دور المراة
.21) مش عاوزين نخسر مكاسبنا حقوق المراة مش هتعبنا
.22)ما احناش عورة ولا عوالة ستات جدعة ومش رجالة
.23) مطلب واحد للستات مش هنسيب المكتسبات
.24) يا اخواتنا ويا اهالينا دم الشهداء غالي علينا
. 25) حقي وحقك فرصة شغل فيها تامين وضمان للكل
. 26)أاوعى تقول قوانين سوزان حقوق المرأة حقوق انسان
.27) دى مش حجة يا اخوان .. .احنا مش بنات سوزان
. 28) ليه عاوزين تلغوا القوانين اللى صاغوها مش فاسدين
.29) لينا قضية ولينا دور وعايزين حقنا فى الدستور
. 30) ضرب وسحل وهتك العرض حطوا وشوشكوا خلاص فى الارض.
31) ياللي رايح قول للجاي .. حق المرأة يضيع ازاى ؟!.
32) ياللي سامعنا قول ويانا العنف مهانة والصمت إهانة
اثنتان وثلاثون شعاراً يلخصون كتاب المرأة المصرية الراهن: فصله الأول تاريخي، يحكي عن “مكتسبات” لا يمكن التراجع عنها. عن قبل سوزان وما بعدها. ليس لأنها زوجة المستبد الذي سقط عرشه، تقول الشعارات، وُجب علينا إلغاؤها (المقصود هنا قانونيّ “الخُلع” والحضانة اللذان منحا أماناً أسرياً نسبياً للنساء). “لسنا بنات سوزان”: أي لسنا “فلولاً”، من مؤيدي العهد البائد. ولكننا لا نرى بأن الذين صاغوا هذه القوانين هم من الفاسدين. انما محاولاتكم إلغائها هي التي تنمّ عن تذّرع، لا حجة صالحة ولا دين.
مشهد تاريخي آخر ترويه الشعارات، معاصر هذه المرة: قصة ركوب الاخوان للثورة. نحن النساء اللواتي شاركن في الميدان، في الثورة، نشهد بأن الاخوان “سرقوها”.
أهم المكتسبات على الاطلاق، هي توسع الفضاء النسائي خارج البيت: النساء المصريات خرجن الى كل مكان، الى الساحات والميادين والشوارع. ولا يمكن للإخوان أن يعيدوا هذا المكتسب الى أدراج التوثيق التاريخي. تبدو عزيمة الخروج هنا قوية ليس فقط بلسانها، بل ايضاً بالموقف نفسه، بالتظاهر نفسه…. يتم التأكيد وإعادة التأكيد على هذا الحق. وفي هذا السياق، لا يسعهن غير التقاط التعبيرات السلبية الصادرة عن الإسلاميين، وهدفها بث جو من الرعب والعيب والتحريم في الشارع: أوله العنف الجسدي، المسكوت عن جزء عظيم منه، من تحرش واغتصاب. تصرخ النساء عاليا رفضهن ومقاومتهن لهذا النوع من الحروب ضد وجودهن في الفضاء العام.
ثلاث إشارات “إسلامية” أخرى تلتقطها الشعارات، وتبحر في التنديد بها: صوت النساء، الذي تحوم حوله شبهة التحريم، أي الإخراس، أي الصمت المطبق، خلف القضبان التي تكون قد اغلقت عليهن. “عورة” يقولون عن هذا الصوت، مثل صخرة على الشفاه. بل “ثورة” تجيب النساء، في تعارض تام مع المقصد الاسلامي. النساء “صورة”، أو “زينة”، يقولون أيضاً. أو أدهي…. الستات “حريم”. كلا انما “جدعة”، ستات قوية شجاعة نظيفة، وهذه صفات أنوثة ايضاً، كما تقول:”ستات جدعة ومش رجالة”. بوسعنا ان يكون لدينا كل هذه الصفات “الرجولية” من دون ان نبخس بأنوثتنا كما تفعلون…
ما ينوين القيام به؟ سوف يقاومن، بقوة وشجاعة. أما رؤيتهن لهذه المقاومة، لبرنامجها اذا جاز القول، فكلماته موزعة هنا وهناك بين الشعارات. هي ربما الأكثر وروداً. هن صاحبات قضية ودور أولاً. يعارضن الدستور الاسلامي الذي يكاد يعيدهن الى أيام “الحريم”. هن شريكات لا تابعات. حصتهن هكذا. لهن الحق الكامل بالشارع الآمن، بالعمل، بالسياسة. على قاعدة “المواطنة” والمساوة، مطالبهن هي التغيير والعدالة والحرية. ومن هذا المنطلق هن من صميم الثورة، التي حملت التطلعات نفسها. ولذلك فان واحد من النقاط المكررة في الشعارات هي “حق الشهداء” بقصاص قتلتهم. وهي، كما نعلم، إحدى المطالب الأساسية التي رفعتها المجموعات الثورية المناهضة لحكم الاخوان المسلمين. النساء عضويات مع الثورة. هذا ما تثبّته الشعارات.
شيء أخير ينضح من هذه الشعارات من غير ان تتفوه كلماته به صراحة: هي انهيار الهيبة المعنوية التي كان الاخوان المسلمون يتمتعون بها في ظل مبارك. بعدما كانوا يُعذرون بـ”وسطيتهم” و”اعتدالهم” و”خوفهم من الله”، ها هم يفقدون الجاذبية السياسية والحصانة الاخلاقية، تلك الهيمنة الناعمة التي مكنتهم من إقناع ناخبيهم بأنهم إنما يتكلمون باسم الله، وانهم بالتالي أصحاب حق طبيعي بأن يتولوا السلطة…
dalal.elbizri@gmail.com
كاتبة لبنانية
المستقبل