يتخلق في ايامنا، ومنذ بعض الوقت، تطوران خطيران يتمثل احدهما في تحول عميق يصيب الموقف الدولي من الاسد ونظامه، انتقل معه من القول بحتمية رحيله عن السلطة إلى القبول ببقائه فيها خلال المرحلة الانتقالية، ويتمثل ثانيهما في التغير الخطير الذي احدثه في اوضاعنا السورية احتلال الجيش الروسي لاجزاء عزيزة من وطننا، وقيامه ببناء قواعد عسكرية برية وبحرية وجوية فيها، انطلاقا من الساحل وصولا إلى حماه وحمص ودمشق، بالإضافة إلي ما يمكن ان يترتب على يملكه الغزاة من اسلحة فائقة التطور، سيكون لاستخدامها نتائج سلبية، ووخيمة، على الشعب السوري وثورته وقواه السياسية والعسكرية.
ويزيد من قلقنا في”اتحاد الديمقراطيين السوريين” اعلان اطراف من”المعارضة” قبولها الوجود العسكري الروس في بلادنا، واعتباره عاملا يساعد على تحقيق حل سياسي لصالحنا، وما سيترتب على هذا القبول من انقسامات في الصف المعارض، ومن اختراقات روسية وغير روسية للصف الوطني، واضعاف لما هو مطلوب من وحدة حيال المشاريع الدولية المطروحة، وما فيها من تجاوز لرحيل الأسد في المرحلة الانتقالية، وقبول بقيادته لها وبتشكيله حكومة حدة وطنية تعمل تحت اشرافه وقيادته، مع ما تمثله هذه التنازلات والتراجعات من قفز فاضح عن وثيقة جنيف والقرار الدولي رقم ٢١١٨، الذي ينص على نقل كامل صلاحياته التنفيذية وصلاحيات رئيس حكومته إلى”هيئة حاكمة انتقالية، تنتفي بتشكيلها كخطوة اولى في اي حل سياسي الحاجة إليه، وتجعله بلا عمل أو وظيفة.
يعلن”اتحاد الديمقراطيين السوريين” أن روسيا لم ترسل جيشها إلي بلادنا من اجل تحقيق مطالب شعبنا، بل ارسلته لحماية جزار يحتل القصر الجمهوري في دمشق، تسببت جرائمه في اعظم نكبة حلت بشعبنا على مر العصور والدهور. ويؤكد أن قبول اي سوري بالغزو الروسي لوطننا يندرج في باب الخيانة الموصوفة، ويذكر في الوقت نفسه بأن مكافحة الارهاب لا تستدعي تسليح الطائرات الروسية بصواريخ جو/جو مداها ٣٠٠ كيلومتر، وبصواريخ متوسطة المدي هي على الآرجح رد روسي على صواريخ أميركا في المانيا واوروبا. ويلفت الانظار الى أن وجود الروس سيتسدعي بالضرورة وجود غيرهم، مباشرة أو بالواسطة، مع ما سيترتب على ذلك من صراع طاحن لا ناقة للسوريين فيه ولا جمل، وأن هذا الصراع سيفضي إلى إبادة من بقوا احياء من شعبنا، وتهجير من لم يهجروا بعد، وتدمير القرى والبلدات والمدن، التي لم تمحها يد الجريمة الاسدية إلى اليوم عن وجه الأرض.
ويعلن”الاتحاد” رفضه المطلق للاحتلال الروسي لسورية، وللدور الذي يعدنا الكرملين بلعبه حماية للاسد ونظامه، وللحل السياسي الذي سيحاول فرضه، ويقوم على احتواء المعارضة وكسر شوكة الشعب والمقاومة بحجة مكافحة الإرهاب، الذي يبدو أنه لا دور لنا نحن السوريين فيه غير الدور الذي يلزمنا بأن نكون ضحايا له ولمن يكافحونه.
ويدين”الاتحاد” باشد العبارات وضوحا تحولات مواقف أميركا ومعظم بلدان اوروبا من الاسد، وقبولها رئاسته خلال مرحلة الانتقال، رغم ما ارتكبه من جرائم ضد شعبنا، ويرفض تخليها عن فهم ، وثيقة جنيف والقرار ٢١١٨ لهذه المرحلة، التي اقتصرت مهامها على”نقل سورية إلى الديمقراطية”، ويعلن انه لن يقبل باستمرار الاسد ولو ليوم واحد، بما أن جوهر مرحلة الانتقال يكمن في رحيله عن السلطة.
يدين”اتحاد الديمقراطيين” نزعات التساهل البادية في عمل فصائل معارضة يفترض انها مسؤولة عن مصالح الشعب واستقلال الوطن، ويطالب القوي السياسية والعسكرية وقوى المجتمع المدني بتوحيد جهودها على اسس راسخة ولا عودة عنها، وبتشكيل قيادة مشتركة موسعة تتولى ادارة دفة المقاومة السياسية والعسكرية والمدنية في الظرف الجديد، الذي نشأ مع غرو الجيش الروسي لوطننا وتبدل المواقف من الاسد، وتعمل في الوقت نفسه لبناء جبهة من الدول العربية والاجنبية، التي تدعم حق السوريين في الحياة والحرية.
لم يعد التهاون في عملنا الوطني مقبولا لأي سبب وتحت اي ظرف. بلادنا في مهب الريح، وشعبنا يباد ويطرد من بلاده، والاغراب يحتلون سوريتنا الغالية جزءا بعد آخر، فهل بعد هذا كله نبقى غافلين عن المصير الذي ينتظرنا، ونتصرف وكأن امورنا بخير،أو كأن لا اخطار داهمة تهددنا؟.