حوار بيني وبين صحفي سويدي، تحوّل الى مشادة عنيفة. مدينة هذا الصحفي، ذات غالبية من المهاجرين. زرتها غير مرة. وشاهدت من العنصرية والانعزالية منهم الشيء الكثير.
لم أختلف معه على موقفه ورعبه من داعش. هذا الموقف الذي انسحب على موقفه من الإسلام والمسلمين كافة. لكن ما أشعل الجدل بيننا، هو أنه أقحم القضية الفلسطينية في الموضوع، وأسقط ” الداعشية” على جميع الفلسطينيين، وأنهم يقومون بتطهير عرقي، غير مباشر، ضد المسيحيين، وسألني كم كان عدد المسيحيين في فلسطين، وكم أصبح الان ! فأي دور يلعبه الإعلام المتأسلم، في تقديم تلك الصورة؟
قبل سنوات، وفي تلك المدينة بالذات، قام نشاط للفلسطينيين.. كان من بين المتحدثين الاعلامي د. احمد كامل. تحدث عن سوء أداء بعض وسائل إعلامنا العربي، وابرز صورا منفرة، مثل صورة طفل ملغم، وآخر عصّب رأسه بالشهادتين ! واطفال تحمل شعارات دينية الى جانب خنجر او سكين.. او حتى مشايخ بلحى منفرة وملامح حادة، وكلها تملأ صفحات الانترنت. احتجّ الكثيرون وحصلت مشادة انتهت باللكم والضرب واستدعاء البوليس السويدي، الذي سرعان ما فرّ هاربا من القاعة! كنت حضّرت لمداخلة.. فخفتُ وانسحبت!
لماذا نسمح لأنفسنا باستخدام صور منفرة، ونظهر أنفسنا بالوحوش الكاسرة المخيفة، وليس بالأبطال المدافعين عن وطن وقضية، كما نظن! هل هو تعويض نفسي لاواعي عن عجزنا في المقاومة الحقة؟ والنتيجة أننا لا نقاوم فعلا ونضرّ بقضيتنا إعلاميا..
السؤال الوجيه الذي نطرحه: لو لم تغتصب فلسطيننا.. فهل سيقوم اصحاب المشروع الديني بمطاردة اليهود في العالم، كما فعل هتلر؟ وهل سيقيم لهم افران الغاز لحرقهم؟ صراعنا لم يكن يوما دينيا ولن يكون .. لا ننكر على اهلنا اصحاب المشروع الديني بالنضال والتضحية، ولكن هل يحتاج شعبنا الى إغراءات بالحور العين والجنة وثمارها .. حتى يفتدي وطنه؟ لو لم تكن هناك جنة أعدّت للشهداء.. فهل سيعزف شعبنا عن التضحية والاستشهاد لاسترداد أرضه؟
فيديو كليب، تم تصويره لامرأة فلسطينية، قالت ان القدس لنا وسوف نستشهد بالملايين من اجلها، كلام جميل، والسبب هو أنها مسرى النبي، ولن تكون مسلمة اذا لم تؤمن بذلك! قالت انها فقدت ولدين. حزنت عليهما، ثم نسيتهما. فالنسيان نعمة من الخالق.. وان الحياة لا تعني لنا شيئا.. شريط فيديو ارسله لي ذلك الصحفي.. تساءلت في داخلي: هل أصبحنا أعداء الحياة، وكأنها هي العدو المغتصب! وأي نوع من الأفكار يحشون بها رؤوس البسطاء؟
قبل سنوات كتب رئيس الجمعية الموسوية في النرويج، رالف كيشنر مقالة، ادّعى فيها ، أنه لم يكن هناك فلسطين او فلسطينيين في التاريخ، وان هذه ارض اسرائيل التاريخية! وما نحن الا جماعات تزعج تلك الدولة! رددت عليه بمقالة لم تقترب من الدين.. فقط حشدت له جميع الآيات من الكتاب المقدس والتي تأتي على ذكر فلسطين، وارض الفلسطينيين.. وان الههم لم يخاطبهم الا بالغرباء في ارض فلسطين.. وقال لهم تغربوا في ارض الفلسطينيين.. فحاججته بالتاريخ وعبر كتابه المقدس! طلبت من رئيس التحرير ارسال دعوة له، للمناظرة بتاريح المنطقة وسكانها، وبأي وسيلة إعلام يريدها.. فرفض. حاججت الصحفي بالحقائق التاريخية.. فردّ: على
أي حال لم تعد أرضكم، عليكم نسيانها!
فلسطين.. كانت تسمى فلسطين قبل ابراهيم الخليل.. ابو الديانات الثلاث! فلماذا يا بعض شعبي تريدون مسخ تاريحنا بأقل من ألفي سنة ؟ اذا كانت القضية دينية.. فاذهبوا في الأرض كلها.. واكرزوا وبشروا بالدين.. ودعوا عشاق الارض يفتدونها.. دون مقابل من الحور العين، والفردوس !!
albakir8@hotmail.com