شهد سوق العقارات تطوراً وازدهاراً كبير خلال السنوات القليلة الماضية في منطقة الشرق الأوسط. وبعد أن كانت معظم دول الشرق الأوسط تعتمد على المواد البترولية والمحاصيل الزراعية والصناعة والتجارة الخارجية، أصبح سوق العقارات من الأسواق المنافسة بقوة لهذه المجالات، وذلك بعد أن شهدت المنطقة تطوراً كبير في كافة المجالات خاصة التكنولوجيا، وخاصة دولة الإمارات العربية. فهي من أول الدول العربية التي ساهمت في ظهور وتطور سوق العقارات، وبعد ذلك بدأ المجال ينفتح بصورة كبيرة، وبدأت باقي الدول العربية تخوض التجربة. وعندما أثبتت نجاحها الكبير، بدأ كبار رجال الأعمال يتجهون إلى هذا السوق، حتى يحققوا المزيد من الأرباح من خلاله، ليس رجال الأعمال العرب فقط، بل ورجال الأعمال الغربيين الذين بدأوا يتجهون إلى منطقة الشرق الأوسط، واشتركوا مع الشركات العربية في الكثير من المشروعات السكنية.
في الوقت الذي بدأ اقتصاد بعض الدول العربية في الانهيار، بسبب اعتمادها على قطاع واحد، صار سوق العقارات هو طوق النجاة بالنسبة لهم، حيث ساهم بشكل كبير في تقوية اقتصاد هذه الدول، خاصة الدول التي يعيش مواطنوها في مستوى مادي مرتفع، حيث إن هؤلاء الأشخاص يكون لديهم قدرة كبيرة على شراء أكثر من منزل في أكثر من مكان. هذا الأمر ساعد في نجاح سوق العقارات وتطوره بشكل سريع لم نعهده من قبل، وبدأت الدول العربية تلتفت إلى النجاح الكبير الذي حققته الدول الأخرى، نتيجة اعتمادها على سوق العقارات، ووضعه ضمن أهم الأسواق التي يقوم عليها الاقتصاد، ومن هنا اتجهت قطر والجزائر وتركيا والكويت إلى هذا المجال.
بطبيعة الحال الكثير من رجال الأعمال لا يحبون أن يخاطروا بأموالهم في المشروعات التي تزيد نسبة فشلها عن 20%. ولكن سوق العقارات هو السوق الوحيد الذي جعل رجال الأعمال يتسابقون على الدخول فيه، وذلك بفضل الأرباح الكثيرة التي يحققها، حيث اتجه عدد كبير من رجال الأعمال العرب إلى سوق العقارات، وشرعوا في إنشاء الكثير من الوحدات السكنية، وحققوا الكثير والكثير من الأرباح، التي جعلتهم يبدأون مشروعات سكنية جديدة. وبهذا انتعش سوق العقارات، وما زال منتعشاً حتى الآن رغم بعض الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها بعض البلدان العربية نتيجة انخفاض أسعار المواد البترولية، وخاصة دول الخليج، إلا أن سوق العقارات ما زال محافظا على مكانته بين الأسواق الأخرى، ومازال قادراً على المنافسة.
بعد أن تمكن رجال الأعمال العرب، من تحقيق الكثير من الإنجازات في مجال الأسواق العقارية، بدأ العالم الغربي يلتفت إلى هذا السوق، وأجرى الكثير من الدراسات الاستكشافية للدخول في هذا المجال. وتوصلوا إلى أن هذا المجال يعتبر من أفضل المجالات التي يمكن أن يستثمروا أموالهم فيها في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بسبب ارتفاع دخل الفرد في معظم الدول العربية، بالإضافة إلى ارتفاع الكثافة السكنية في دول أخرى، وبالتالي أصبحت جميع الدول العربية في حاجة إلى المزيد من الوحدات السكنية.
عقد رجال الأعمال والمستثمرون الخارجيون الكثير من الصفقات مع شركات ورجال أعمال عرب، وشاركوهم في بعض المشروعات السكنية التي أنشأت خلال السنوات الماضية، وعندما حققت هذه المشروعات الأرباح الكثيرة التي يتمناها المستثمرون، زاد الاهتمام بهذا المجال. ويعتبر رجل الأعمال عزمي ميقاتي، من أوائل رجال الأعمال الذين اقتحموا سوق العقارات، بل شارك بعض المستثمرين الأجانب في إنشاء وحدات سكنية للشباب.
بدأت بعض الدول العربية تتخلى عن بعض الأسواق التي يقوم عليها اقتصادها، مثل دولة الإمارات التي أعلنت أنها لن تصدر مواد بترولية للخارج مرة أخرى، إلا أن سوق العقارات كان وما زال حتى الآن من الأسواق الهامة التي من الصعب أن يقوم اقتصاد أي دولة بدونه.