للوهلة الأولى فإن إهود أولمرت قوّى حكومته وعزز مكانته كرئيس حكومة. فقد أقال عمير بيرتس من وزارة الدفاع وأوصل إهود براك الذي كان قائداً للأركان وكان رئيساً للحكومة، وهو محط ثقة كبيرة من الشعب الإسرائيلي، في القضايا العسكرية على الأقل.
كذلك أجرى تعديلاً واسعاً في الحكومة، يوم 4/7/2007 فأدخل حاييم رامون إلى الحكومة نائباً لرئيس الحكومة ومسؤولاً عن مهمات خاصة بالتنسيق مع رئيس الحكومة. كما عيَّن روني بار أون وزيراً للمالية (بدل هرشزون الذي استقال بسبب ورطات مالية وتحقيقات). وأدخل مئير شطريت إلى الداخلية (محل بار أون) وزئيف بويم للبناء والإسكان ويعقوب إدري لشؤون الجليل والنقب. وأدخل روحاما أبراهام للحكومة.
للوهلة الأولى، حكومة أولمرت الثانية عززت مركز أولمرت وعززت الحكومة.
ولكن في الأسبوع القادم سنرى أن الأمر ليس كذلك، فعندما سيقترح أولمرت تخفيضاً في الميزانية بقيمة مليار ونصف شاقل، لن يصوت معه كل نواب حزب العمل ووزراؤه. وربما تفشل الحكومة في مسعاها. بالمناسبة، هناك هزائم كثيرة للحكومة في الكنيست واقتراحات كثيرة للحكومة تفشل.
النائب البارز في حزب العمل الذي كان وزيراً واستقال أوفير بينس، قال هذا الأسبوع إن أولمرت يحاول الايهام بأن كل الأمور عادية. ولكن لا شيء عادي. فبعد شهرين سوف يُنْشَر تقرير لجنة فينوغراد، بشأن الحرب في لبنان، وأغلب الظن، أن التقرير النهائي، (مثل التقرير الجزئي) سيقول إن أولمرت وحكومته أدارا الحرب بشكل فضائحي وكانا فاشلين تماماً، وعندها سوف تسقط الحكومة. وإذا ظن أولمرت أن بإمكانه أن يواصل الأمور، كالمعتاد، فإن حزب العمل سوف يخرج فوراً من الحكومة، وهذا التزام رسمي من إهود براك
إن حزب “قديما” عندما قام كان حزب شخص واحد هو شارون، ولكن شارون أصيب بجلطة دماغية قبل الانتخابات وهو الآن في غيبوبة يرقد في المستشفى حياً بيولوجياً وعملياً ميتاً. وحزب قديما لم يتمكن أن يُقيم فروعاً ولا أن يقيم هيئات قيادية، وهو حزب وهمي، بكل معنى الكلمة. واستطلاعات الرأي تقول إنه لو جرت انتخابات عامة الآن، فسوف يحصل حزب “قديما” على ثمانية إلى عشرة مقاعد (الآن 29 مقعداً) وقد تكون تلك آخر انتخابات يشارك فيها الحزب الوهمي قديما، ويعود الليكود والعمل ليكونا الحزبين الرئيسيين، واحد ممثل عام لليمين والآخر اشتراكي ديمقراطي على شاكلة حزب العمال البريطاني.
أساتذة العلوم السياسية في الجامعة يعبرون عن القلق الشديد من فراغ كل الأحزاب، تقريباً، من مضامين أيديولوجية واجتماعية وسياسية، ويشيرون إلى الصلات الوطيدة بين الأحزاب وبين مجموعات رأس المال التي تغذي الأحزاب مالياً، وبالتالي تؤثر تأثيراً عنيفاً على السياسة الاقتصادية والاجتماعية.
والأحزاب تنشط في موسم الانتخابات ثم “تنام ” نوماً عميقاً، بلا نقاشات فكرية وسياسية وبقدر ما تنشأ صراعات فهي صراعات على الكراسي والمراكز والحقائب الوزارية ومراكز القوى.
علينا الإشارة، أيضاً إلى أن إهود أولمرت متهم بالعديد من الفضائح الاقتصادية وهناك صراع حاد جداً ومكشوف بين رئيس الحكومة ومراقب الدولة ليندشتراوس الذي يتهم رئيس الحكومة باتهامات حادة جداً وخطيرة. وقد يجد أولمرت نفسه تحت طائلة القضاء على فضائح مالية.
لكل ذلك فمن الوهم السطحي جداً القول بإن أولمرت ، بإعادة تشكيل الحكومة وتوسيعها، قد عزز مكانة الحكومة وعزز مكانته شخصياً كرئيس للحكومة.
على هامش كل ذلك والنشاطات لتعزيز استتباب النظام، يدور الكلام، بصوت عال، حول إمكانية حرب جديدة في الشمال، ضد سورية ولبنان. ويقال إن براك يريد أن “يبرهن” أنه كوزير دفاع “يجلب النصر”، كما أن أولمرت يريد “انتصاراً عسكرياً” لعله يُنسي الناس في إسرائيل فضائحه الاقتصادية والسياسية والحربية.
ويقال إن الهبوط الحاد، المستقر ، لشعبية أولمرت وحكومته، قد يكون سبباً أساسياً لاندفاع هذه الحكومة المعزولة شعبياً، لمغامرات عسكرية.
أمر واحد لا نقاش حوله: أن حكومة أولمرت تحصل على معدلات هزيلة من تأييد الرأي العام، في كل استطلاع آخر الأسبوع. ولعل هذا هو ما يجعل العاقلين يقولون: كونوا على حذر من حكومة ضعيفة.
salim_jubran@yahoo.com