في السويدا لا يعرف القلب البكاء، وإن جرت دمعة بالصدفة فهي تنزل على الخد فلا تجد ممراً لها، فيستعيدها العطش إلى القلب مجدداً..
هناك من لم يناموا هذه الليلة وهم يفتشون عن سماء تحميهم، سمعوا عن “الساحل” وما حصل فيه للعلويين فخافوا أن ينتقل الرعب بعدما رأوا مشاهد قتل وتعذيب وإهانة، خرجوا ولم يجدوا أرضاً ممهدة أو مكان تحت أي نجمة ليختبئوا، لا يعرفون إن كانت هذه الشمس التي نراها الآن، هذا الصباح، ستعطيهم بعض الضوء ليجدوا طريقهم ويروا أملاً بعيون من بقي معهم، وكم نفس يأخذون وكم روح غادرت وعادت إليهم لترشدهم إلى مسالك النجاة من القهر.
هنا يبكي الطفل كما بكى في “الساحل” حين وجد نفسه وحيداً لأنه يدفع الحساب عن الآخرين، ورجل عجوز لم يترك بيته، لأنه لا يريد دفع الحساب عن الآخرين فمات على الأرض التي حرثها وزرع فيها شتلة بندورة وشجرة كرز أعطت هذا العام الكثير مما لديها فكانت عيون تتدلى بلونها الأحمر كالدم. ترك مع جسده حكاية نقلها عن جده وجيرانه الراحلين تروي قصة الصخور الصعبة والتاريخ الذي لا يرحم فيستعيد نفسه قهراً هنا وقهراً هناك.
من الإنترنيت: فيديو جميل لأردني شهم لا نعرف إسمه
سواد يغطي كل شيء وموت يهدر كمجرى من صخور قاسية، وغبار يرتفع عالياً فيعمي العيون.
في الجنوب السوري كانوا يقولون “نيال مين عندو بوابة ومرقد بالسويدا“، فصار المرقد نافذة للخوف مما حصل.
ففي بلادنا يدفع الإنسان ثمن تصرفات ومواقف أهله وأقربائه وأهل عشيرته وملته ومذهبه، هنا فقط نقول بلاد الدم أوطاني.
