إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
هنالك سؤال حيوي يظل بلا إجابة إلى حد كبير: لماذا ضحى صدام بفترة بقائه الطويلة في السلطة، وبنظامه، وفي نهاية المطاف بحياته، من أجل أسلحة لم يكن يملكها؟ كيف، ولماذا ساعد هو نفسه في خلق انطباع بأن لديه أسلحة خطيرة بينما لم يكن لديه؟ »
ما سَبَق هو جواب « ستيف كول »، مؤلّف كتاب « فخ أشيل: صدام حسين والسي آي أي وأصول الغزو الأميركي للعراق » عن الأسباب التي دفعته لتأليف كتاب جديد عن الديكتاتور العراقي. (أنظر المقابلة على صفحة “الشفاف” الإنكليزية هنا).
وهذا الجواب يهمّ بالطبع القارئ العراقي، والكويتي، والعربي عموماً, ولكنه يهمّ، أيضاً العرب، والإسرائيليين، وطبعاً الإيرانيين الخاضعين لحكم ديكتاتور يزعم أنه « أفتى » بحرمة السلاح النووي، سوى أنه يفعل كل شيء للحصول على السلاح « المُحرّم »!
والواقع أن الناطق بلسان الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، أعلن يوم أمس، بعد يومين، من الضربة الإسرائيلية خلال مؤتمر صحفي في طهران، إن “الأسلحة النووية ليس لها مكان في عقيدتنا النووية”. وادعى مرة أخرى أن البرنامج النووي الإيراني « مخصص للأغراض السلمية فقط ».
والعجيب أن تصريحه « المطمئن » صدر في نفس الوقت مع « تغريدة » للبرلماني الإيراني، جواد كريمي قدوسي، على شبكة التواصل الاجتماعي “X” جاء فيها: “إذا صدر الإذن، فأسبوع واحد يكفي لإجراء اختبار أول قنبلة نووية في إيران »!
فمن نصدّق؟
يضيف المؤلف، في مقابلة أجراها معه « مايكل يونغ » في «مؤسسة كارنيغي »، أنه « يمكن الإجابة على هذه الأسئلة بفضل المواد الهائلة التي تم الاستيلاء عليها من النظام العراقي بعد الغزو. وهي تتضمن آلاف الساعات من التسجيلات من الدائرة الداخلية لصدام، بالإضافة إلى ملايين الصفحات من الوثائق من داخل رئاسته ».
سؤال آخر مهمّ تطرحه المقابلة مع المؤلّف، وهو:
لماذا كانت إيران أكثر قدرة من الولايات المتحدة على استغلال وضع ما بعد الحرب في العراق؟ ولماذا كانت واشنطن عمياء إلى هذا الحد عن الكيفية التي قد يؤدي بها غزو عام 2003 إلى تعزيز القوة الإقليمية الإيرانية؟ ففي نهاية المطاف، كان القرار الأمريكي الأولي ببناء علاقات مع العراق خلال الحرب الإيرانية ـ العراقية يهدف إلى ضمان عدم تحقيق إيران مكاسب إقليمية من خلال هزيمة القوات العراقية؟
يجيب المؤلف « ستيف كول »:
« لقد تمكنت إيران من استغلال وضع ما بعد الحرب في العراق بشكل أفضل لأن خطط الولايات المتحدة للاحتلال كانت سيئة الإعداد وسيئة التصميم. وأنا أقول ذلك مع أنني لست متأكداً أنه كان ممكناً وجود مخطط “جيد للاحتلال” كان من شأنه أن يضعف النفوذ الإيراني، نظراً إلى أن الدولة البعثية تحطمت بسبب الغزو، وأن السكان الشيعة في العراق رحبوا بإحياء عقيدتهم ونفوذهم، الأمر الذي كانت إيران حريصة على دعمه. لماذا لم تتوقع إدارة بوش هذه النتيجة؟
إنه شيء ليس مفهوماً حتى الآن. ويبدو أن المنظّرين الإيديولوجيين في الإدارة قد أقنعوا أنفسهم بأن إنشاء أول حكومة عربية ديمقراطية حقيقية في الشرق الأوسط من شأنه أن يحمي العراق بطريقة أو بأخرى من التخريب الإيراني. لكن، لم تَسِر الأمور على هذا النحو.
سؤال أخير يطرحه « مايكل يونغ » على المؤلف:
من وجهة نظر أميركية فإن غزو العراق يعتبر الآن على نطاق واسع بمثابة فشل. ولكن من داخل المنطقة نفسها، ألم يكن هناك أي شيء مفيد في الإطاحة بالرجل الذي قتل مئات الآلاف من الناس؟ لاحظت أنك لم تتطرق إلى هذا السؤال في كتابك، وهو الأمر الذي وجدته مثيرا للاهتمام في ضوء حقيقة أن المنطقة بأكملها، ابتداء من 2010-2011، انتفضت ضد طغاتها؟
من المؤكد أن العالم والمنطقة في وضع أفضل بدون وجود صدام حسين في السلطة. ربما كان علي أن أعترف بذلك في التقييم الموجز لتكاليف الحرب الذي قدمته في الخاتمة. وربما قاومت القيام بذلك دون وعي، لأن هذا التبرير كثيرا ما استخدمه مهندسو حرب عام 2003 الذين ليسوا على استعداد لقبول المسؤولية عن أي خطأ.
إلى القراء: تم إصلاح خطأ كان يحول دون التعليق على المواضيع عند استخدام متصفّح “سافاري” أو غيره. بات ممكنا إرسال التعليقات الآن على أي موضوع. ضع تعليقك واضغط على زر “تعليق” الأزرق أدناه. ردّاً على تساؤلات بعض القراء: يمكن استخدام. الإسم الحقيقي أو غيره،ولا حاجة لوضع أي إيميل لمن لا يرغب.