(الصورة: فريق كرم القدم الإيراني في كوريا اليوم: 8 من اللاعبين، بينهم الكابتن علي كريمي، وضعوا شارات خضراء تأييداً لموسوي. تم بث المباراة على تلفزيون إيران الرسمي)
*
كشفت جريدة “لوموند” الفرنسية أن عدد السياسيين الإصلاحيين الذين اعتقلتهم سلطات طهران في اليومين الأخيرين بلغ
30، ويضاف إليهم صحفيون وناشطون في مجال حقوق الإنسان، بينهم المحامي “عبد الفتّاح سلطاني” الذي يشارك مع شيرين عبادي (الحائزة على جائزة نوبل) في إدارة “مركز حقوق الإنسان” (المقفل منذ أشهر). وكذلك مساعد الرئيس رفسنجانين “محمد أتريانفار”، الذي يمثّل حلقة الوصل بين “البراغماتيين” المحيطين برفسنجاني، والإصلاحيين. (وهذا إضافةً إلى نائب الرئيس السابق محمد علي أبطحي، وسعيد حجاريان، وسعيد ليلاز).
وتنقل جريدة “لوموند” عن مسؤول سابق في وزارة الداخلية، تحدّثت إليه بالهاتف، أن “النظام يسعى لإنقاذ ماء وجهه، ولإظهار أن كل ما يجري في البلاد هو قضية تتعلق بالأمن العام, وهذا هو السبب في اقتصار القمع على الميليشيات والشرطة المدنية. أما الإستعانة بالباسداران، فستكون بداية الحرب الاهلية”! والواقع أن الباسداران ظلّوا على مسافة من الأحداث الجارية حتى الآن. ولكن 10 من قادة هذا الجيش “الشعبي” اجتمعوا مع “المرشد” قبل يومين. وقالوا له” قبل 30 سنة، انتزع الإمام الخميني السلطة بمواجهة جيش الشاه الذي أطلق النار على الشعب. كيف سنسمح لأنفسنا الآن، نحن الجيش الثوري، بإطلاق النار على مظاهرة؟”
لكن، ما هي خطّة السلطة بمواجهة الإحتجاجات؟
تقول مراسلة لوموند Marie-Claude Decampsأن المرحلة الأولى تتمثل في “فرض الصمت. فالصحفيون الأجانب مطالبون بتجاهل المظاهرات الجارية، وإيران شبه مقطوعة عن العالم منذ يوم الثلاثاء. وبعد ذلك، ووسط العزلة عن العالم، سيشرع النظام بتشديد الخناق على عشرات الألوف من الإيرانيين من أنصار موسوي الذين يتظاهرون كل يوم في شوارع طهران وتبريز وشيراز وغيرها مطالبين بانتخابات جديدة.
وبعد ذلك فقط ستعمل السلطة على ترسيخ مصداقية رقم 63 بالمئة الذي أعطي لأحمدي نجاد، الذي كاد يعتذر قبل أن يحزم أمره على التوجّه إلى روسيا كضيف “شرعي”. وأخيراً، وخصوصاً، سحق الخلافات الداخلية التي تهدّد التوازنات في السراي الحكومي والتي يمكن أن تسيء حتى لصورة المرشد الأعلى، علي خامنئي، الذي لم يعد الإيرانيون يعتبرونه “حَكَماً” بل أحد زعماء كتلة الأصوليين، والمسؤول عن القمع أو عن غض النظر عن القمع الجاري.
تلك هي الأهداف التي تسعى السلطة لتحقيقها. ولكن التطورات تتسارع. فحركة الإحتجاج- التي لم تشهد البلاد مثلها منذ الإضطرابات الطلابية في العام 1999- بدأت تنتشر في الأرياف وتجتاح كل فئات المجتمع، من الأكثر تعليماً وحتى “البازاريين”، الذي كانوا مموّلي الثورة في الماضي والذين يتذمّرون الآن بسبب العقوبات المفروضة على إيران من جرّاء عدم شفافيتها في الملفّ النووي. والشرخ يتزايد بين البرجوازية والفقراء.
في هذه الأثناء، تتكاثر عمليات الإعتقال. إن عدد السياسيين الإصلاحيين الذين اعتقلتهم سلطات طهران في اليومين الأخيرين بلغ 30، ويضاف إليهم صحفيون وناشطون في مجال حقوق الإنسان، منهم المحامي “عبد الفتّاح سلطاني” الذي يشارك مع شيرين عبادي (الحائزة على جائزة نوبل) في إدارة “مركز حقوق الإنسان” (المقفل منذ أشهر). وكذلك مساعد الرئيس رفسنجانين “محمد أتريانفار”، الذي يمثّل حلقة الوصل بين “البراغماتيين” المحيطين برفسنجاني، والإصلاحيين. والإثنان مكروهان من الأصوليين.
ويقول كريم لحيدجي، رئيس “رابطة حقوق الإنسان الإيرانية” أن “هدف عملية تزوير الإنتخابات كان تعزيز مركز أحمدي نجاد بمواجهة الأميركيين. أي تحويله إلى خصم- محاور قوي. ولكن المناورة فشلت. والسلطة تدرك الآن أنها بالغت، وهي تتردّد. (هل ستعمد إلى إغراق البلاد في) حمام دم؟ إذا حصل ذلك، فإنه سيعني أن النظام سيصبح حاكماً لنصف إيران، وستكون النتيجة أن مصداقية أحمدي نجاد والمرشد ستضعف أكثر إزاء الخارج. هل تتراجع السلطة؟ ذلك سيكون إقراراً صارخاً بالضعف. ولذا، فإن السلطة تراوح مكانها الآن”.
إن رئيس البرلمان، علي لاريجاني، وهو خصم لأحمدي نجاد ولكنه مقرّب من المرشد، يشعر بخطر زعزعة إستقرار النظام، وهذا ما دفعه لإدانة تجاوزات عناصر الميليشيا الذين هاجموا الطلاب في مناماتهم، وخصوصاً في طهران وإصفهان، وللمطالبة بإجراء تحقيق. وكانت رابطة الطلاب المسلمين قد أعلنت عن مقتل 6 طلاب على الأقل.
في هذه الأثناء، طالب عدد من المراجع الدينية الحكومةَ بمزيد من ضبط النفس. ومن “قم”، أصدر آية الله العظمى “صانعي”، فتوى جاء فيها أنه “إذا أقدمت حكومة على الكذب ولم تتراجع، فإنه لا ينبغي إطاعتها”.
وكان آية الله صانعي قد تحدّث معنا قبل 3 أشهر حول قلقه البالغ من إنحرافات الجمهورية الإسلامية، وقال: “أخطاء كثيرة ارتُكِبَت. أثناء عمليات التزوير التي ندّدنا بها في إنتخابات 2005 الرئاسية، كان ملاذنا الوحيد هو الله!” أما خليفة آية الله الخميني، “آية الله العظمى منتظري”، فقد شجّع المتظاهرين علناً على “المطالبة بحقوقهم”.
“النظام يسعى لإنقاذ ماء وجهه، ولإظهار أن كل ما يجري في البلاد هو قضية تتعلق بالأمن العام, وهذا هو السبب في اقتصار القمع على الميليشيات والشرطة المدنية. أما الإستعانة بالباسداران، فستكون بداية الحرب الاهلية”! هذا ما قاله لنا مسؤول سابق في وزارة الداخلية، تحدّثنا إليه بالهاتف. والواقع أن الباسداران ظلّوا على مسافة من الأحداث الجارية حتى الآن. ولكن 10 من قادة هذا الجيش “الشعبي” اجتمعوا مع “المرشد” قبل يومين. وقالوا له” قبل 30 سنة، انتزع الإمام الخميني السلطة بمواجهة جيش الشاه الذي أطلق النار على الشعب. كيف سنسمح لأنفسنا الآن، نحن الجيش الثوري، بإطلاق النار على مظاهرة؟”
قيادة “الباسداران” لخامنئي: “الخميني انتزع السلطة حينما أطلق جيش الشاه النار على الشعب، فكيف سنطلق النار على مظاهرة؟”
لا للنظام الايراني المليشي. السؤال الهام: هل الشعب الايراني سيقطع الشجرة الصفوية الخبيثة التي اعيد نبتها في العصر الحديث ام ستستمر ودمر العالم؟ المفكر الإيراني الشيعي د. علي شريعتي يقول: الدولة الصفوية قامت على مزيج من القومية الفارسية، والمذهب الشيعي حيث تولدت آنذاك تيارات تدعو لإحياء التراث الوطني والاعتزاز بالهوية الإيرانية، وتفضيل العجم على العرب، وإشاعة اليأس من الإسلام، وفصل الإيرانيين عن تيار النهضة الإسلامية المندفع، وتمجيد الأكاسرة.