بيروت (رويترز) – قال نشطاء ومقاتلون إن القوات السورية الموالية للرئيس بشار الأسد سيطرت يوم الأربعاء على بلدة استراتيجية شرقي دمشق لتقطع طريقا حيويا لنقل إمدادات السلاح للمعارضة.
ويسيطر مقاتلو المعارضة على سلسلة من المواقع في أنحاء شتى في المناطق الجنوبية والشرقية لريف دمشق لكنهم يبذلون جهودا مضنية للحفاظ على مواقعهم في مواجهة قصف بالمدفعية وهجمات جوية تشنها القوات السورية طوال الأسابيع الماضية.
وقال مقاتل من بلدة عتيبة لرويترز عبر برنامج سكايب “وقعت الكارثة.. الجيش دخل عتيبة. تمكن النظام من إغلاق صنبور السلاح.”
وتابع قائلا “ثمن الرصاصة سيرتفع من 50 ليرة سورية إلى ألف ليرة سورية (عشرة دولارات) الآن لكن يتعين علينا أن ندفع ونستعيدها. إنها الطريق الرئيسي إن لم تكن الطريق الوحيد.”
وقال مقاتلو المعارضة إنهم انسحبوا من عتيبة وهي مدخل إلى المناطق الريفية الواقعة شرقي دمشق والتي تعرف باسم الغوطة في الساعات الأولى من صباح يوم الاربعاء بعد قتال دام لأكثر من 37 يوما اتهموا فيه الحكومة باستخدام أسلحة كيماوية ضدهم مرتين.
وتنفي الحكومة استخدام أسلحة كيماوية وتتهم بدورها قوات المعارضة باستخدامها في حلب.
وعلى مدى ثمانية أشهر استخدم مقاتلو المعارضة عتيبة طريقا رئيسيا لنقل إمدادات السلاح التي تأتي عبر الحدود الأردنية إلى دمشق والتي يعتقد أن السعودية ومانحين آخرين يرسلونها.
واقتحمت القوات الحكومية عتيبة بالدبابات والجنود.
وقال مقاتل آخر في المنطقة كان يتحدث أيضا من خلال برنامج سكايب “الآن ستبدأ كل القرى في السقوط واحدة تلو الأخرى. المعركة في الغوطة الشرقية ستكون حرب استنزاف.”
ولا تزال المعارضة منقسمة بسبب اختلاف التوجهات الفكرية والصراع على النفوذ بعد مرور أكثر من عامين في حربها لإنهاء حكم عائلة الأسد المستمر منذ أربعة عقود.
وقال معارضون يقاتلون في عتيبة إنهم أرسلوا رسالة استغاثة لألوية في مناطق أخرى في الغوطة لكنهم لم يتلقون ردا من وحدات أخرى يتنافسون معها على النفوذ والأسلحة.
وجاء في جزء من الرسالة “إلى جميع المجاهدين: إذا سقطت عتيبة ستسقط الغوطة الشرقية كلها… هبوا للمساعدة.”
وأحرز الجيش تقدما على ما يبدو في الأسابيع القليلة الماضية على عدة جبهات في أنحاء سوريا حتى في المحافظات الشمالية حيث سيطرت المعارضة على مساحات كبيرة من الأراضي.
والأكثر أهمية أن الجيش حقق مكاسب في محيط دمشق وعند الحدود السورية اللبنانية وهي منطقة مهمة لربط العاصمة بالمحافظات الساحلية حيث معقل الأسد وحيث توجد الطائفة العلوية التي ينتمي إليها والتي سيطرت على مفاصل السلطة على مدى أربعة عقود من حكم عائلة الأسد.
وسيطرت المعارضة التي يشكل السنة غالبيتها على أراض في شمال وجنوب سوريا وتسيطر على حوالي نصف حلب كبرى المدن السورية. لكن القوات الموالية للأسد تسيطر على دمشق ومعظم المدن الكبرى.
وفي منطقة أخرى في دمشق قال نشطاء ووسائل إعلام رسمية إن قذيفتي مورتر أصابتا منطقة جرمانا التي تسيطر عليها الحكومة بريف دمشق يوم الاربعاء مما أدى إلى سقوط سبعة قتلى وأكثر من 25 مصابا.
وحملت سانا مسؤولية الهجوم على “إرهابيين” وهي الكلمة المستخدمة عادة لوصف المعارضين المسلحين.
وانتقدت بعض وحدات مقاتلي المعارضة الهجوم على جرمانا.
وقال لواء سعد بن عباده الخزرجي في بيان نشر على صفحته على فيسبوك “إننا نتقدم بخالص العزاء لجميع الضحايا وذويهم و لأهالي مدينة جرمانا داعين المولى تبارك وتعالى أن يقبل الشهداء في الصالحين ويرفعهم إلى مقام الشهداء وأن ينعم على وطننا العزيز بالأمن والاستقرار.”
وأضاف البيان “إننا في اللواء ندين بالصوت العالي مثل هذه الأعمال الإجرامية ونعتبرها لا تمت للإسلام بصلة.”
وقالت وحدات من المعارضة الإسلامية اليوم إنها شنت عدة هجمات في محافظة اللاذقية الساحلية وهي معقل للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد في تحرك من شأنه إذكاء التوترات الطائفية في حرب أدت إلى تقسيم البلاد على نحو متزايد على أسس دينية وعرقية.
وقال المقاتلون الإسلاميون إنهم أطلقوا صاروخين على بلدة القرداحة مسقط رأس الرئيس الراحل حافظ الأسد والد بشار والتي دفن فيها أيضا.
ومن المستحيل التحقق من صحة المزاعم بسبب القيود التي تفرضها الحكومة السورية على حرية وسائل الإعلام.
وأسفرت الحرب الأهلية السورية عن سقوط ما يزيد على 70 ألف قتيل وألحقت كذلك أضرارا أو دمرت الكثير من التراث الأثري والمعماري وبعضها مصنف في قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لمواقع التراث العالمي مثل البلدة القديمة في مدينة حلب حيث يقع الجامع الأموي الكبير.
وقال نشطاء ووسائل اعلام رسمية سورية إن مئذنة المسجد الأموي في حلب التي تعود الى ألف عام انهارت بفعل الاشتباكات بين المعارضة المسلحة وقوات الأسد. وتبادلت الأطراف المتحاربة الاتهامات بشأن المسؤولية عن انهيار المئذنة.
ودمر القتال الذي استمر لشهور كثيرا من القباب الحجرية في أزقة البلدة القديمة في حلب وأحال الكثير من مساجدها إلى أنقاض.
واتهمت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) جبهة النصرة – وهي جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة – بتدمير المئذنة. وقالت جماعات معارضة إن قذائف دبابة تابعة للجيش هي التي دمرت المئذنة.