“تشهد القيادة السعودية الطاعنة في السن مرحلة انتقالية، مما قد يعيق من سياسات واشنطن بشأن سوريا وإيران.”
في صباح السابع والعشرين من آب/أغسطس، غادر العاهل السعودي الملك عبد الله بلاده في طريقة إلى وجهة غير معلومة (لاحقاً، تم الإعلان عن زيارات سيقوم بها الملك إلى المغرب والأردن ومصر- “الشفاف”) بعد إنابة ولي العهد الأمير سلمان بإدارة شؤون المملكة والنهوض بمسؤولياته أثناء فترة تغيبه. هذا ولم يتم حتى الآن الإفصاح عن سبب هذه الرحلة، لكن هناك تكهنات واسعة النطاق بأن الملك البالغ من العمر ثمانية وثمانين عاماً سوف يتوجه إلى مدينة نيويورك لتلقي علاج طبي، وربما بعد توقف قصير في المغرب. يشار إلى أن الملك قد خضع لعمليات جراحية إثر مشاكل عانى منها في الظهر خلال عامي 2010 و2011، كما أن تحدبه قد تضاعف تقريباً وهو ما ظهر جلياً أثناء وقوفه في [مؤتمر] القمة الإسلامية في مكة قبل أسبوعين. وفي الصور التي التقطت له، ظهر عليه الانزعاج بصورة واضحة أثناء مغادرته المملكة في السابع والعشرين من آب/أغسطس.
ورغم الافتقار إلى المعلومات بشأن هذه الرحلة، إلا أن الوقت قد أصبح ملائماً للنظر في الدور الإقليمي للمملكة العربية السعودية والعلاقة مع الولايات المتحدة. وتنظر إدارة أوباما إلى الملك عبد الله باعتباره حليفاً هاماً في عدة مجالات. ففي سوريا، تعمل الرياض على تزويد الثوار المناهضين للأسد بالأسلحة. وفي سوق النفط، وسّعت المملكة من إنتاجها لتعويض التراجع في الصادرات الإيرانية جراء العقوبات النووية. ورغم ما أوردته التقارير من خيبة أمل الرياض في تخلي واشنطن السريع عن دعم حليفها المخضرم حسني مبارك في مصر، إلا أنه يبدو أن المملكة تشارك الولايات المتحدة العديد من الأهداف السياسية. ولا شك أن واشنطن تنظر إلى قيادة السعودية للعالمين العربي والإسلامي على أنها مفيدة، ناهيك عن دورها كمورد رئيسي للنفط.
إن إنابة ولي العهد سلمان بتولي شؤون المملكة ليست مصدر ارتياح. فرغم خدمته كوزير للدفاع وبلوغه من العمر ست وسبعين عاماً، وبذلك يكون أصغر بكثير من الملك عبد الله، إلا أن البعض أعرب عن مخاوفه بشأن صحته وقدرته على التركيز على التفاصيل. ومصدر القلق الإضافي هو أن آل سعود ليس لديهم ولي عهد واضح يأتي بعده في القائمة. وقد أصبحت الحاجة إلى مرشح كهذا أكثر إلحاحاً في العام الماضي نظراً لوفاة ما لا يقل عن اثنين من أولياء العهد، سلطان ونايف، اللذين كانا أخوين غير شقيقين للملك عبد الله وشقيقين لسلمان، إلا أن الفاصل الزمني بين وفاة كليهما كان ثمانية أشهر فقط.
نجل الملك مثّل السعودية في قمة طهران
إن قدرات السياسة الخارجية السعودية منهكة بالفعل بسبب اعتلال صحة وزير الخارجية المخضرم الأمير سعود الفيصل. وفي غيابه، فإن نجل الملك ونائب وزير الخارجية الأمير عبد العزيز بن عبد الله سوف يمثل المملكة في قمة عدم الانحياز التي ستُعقد هذا الأسبوع في طهران. ولا يتضح إلى أي مدى كان تعيين الأمير بندر بن سلطان مؤخراً كرئيس للاستخبارات عامل تعزيز للقدرات السعودية.
وفي غضون ذلك، فإن التهديد الإرهابي المستمر من تنظيم «القاعدة» في المملكة أصبح جلياً في نهاية الأسبوع المنصرم مع الإعلان عن اعتقالات تستهدف خلايا إرهابية في الرياض وجدة. وقد كان المشتبه بهم بصفة أساسية من اليمن، لكن يقال إن قادة الخلايا كانوا من السعوديين. وقد عرضت الشرطة على الصحافة كميات كبيرة من المتفجرات التي تمت مصادرتها. إن اكتشاف الخلايا، التي قيل إنها كانت تستهدف “رجال الأمن والمواطنين والمقيمين الأجانب والمرافق العامة” يمكن أن يُعزى إلى الأمير محمد بن نايف، مساعد وزير الداخلية لمكافحة الإرهاب. فقد أوردت التقارير أنه يمتلك قدرات خاصة لكن لم يتم ترقيته بعد إلى منصب نائب وزير الداخلية الشاغر، ويعود ذلك على ما يبدو إلى المنافسة المحتدمة على الترقية بين أبناء الجيل الحالي من القادة. ولا يزال منصب نائب وزير الداخلية شاغراً بعد أن أصبح الأمير أحمد – الذي كان يشغل ذلك المنصب في السابق – وزيراً للداخلية بعد وفاة الأمير نايف، الذي شغل هذا المنصب أثناء كونه ولي العهد.
إن مساعدة السعودية لواشنطن فيما يتعلق بسياسة النفط تمثل مسألة أخرى تتطلب الانتباه. فرغم أن المملكة زادت من إنتاجها إلى أعلى المستويات خلال سنوات عديدة، إلا أن الأسعار العالمية لا تزال مرتفعة بقوة، ويعود ذلك على ما يبدو إلى رغبة الرياض في تخزين الكميات الإضافية بدلاً من طرحها في السوق.
ويتمثل التحدي قصير الأجل في تحديد نقطة الاتصال الرئيسية: الملك عبد الله أم ولي العهد سلمان. وعلى المدى الطويل، يجب على واشنطن أن تضمن بناء علاقات عمل جيدة مع أي شخص قد يصبح ولي العهد المقبل – حيث إنه ربما يصبح الملك المقبل عاجلاً وليس آجلاً.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، ومؤلف كتاب: “بعد الملك عبد الله: الخلافة في المملكة العربية السعودية.”