تكشف الدراسة التالية “النادرة” عن النظام السياسي في قطر، التي نشرتها “قضايا النهار”، أن دولة قطر تملك (منذ العام 2004) دستوراً شبه ديمقراطي، يعاني من مشكلتين: الأولى أنه “معطّل التنفيذ” منذ صدوره قبل 6 سنوات وحتى العام 2013 على الأقل. والثانية، أنه “ملغوم” بمواد تعطّل صفاته “الديمقراطية” وتجعل “الأمير” وليس “الشعب” مصدر السلطات!
أي ما يسمّى “ديمقراطية مضبوطة” بالإرادة الأميرية التي لا يبدو أنها، من جهتها، تخضع لـ”ضوابط”!
رقم مذهل: 25 بالمئة من عائدات شركة نفط قطر للأمير!!
وتكشف الدراسة أن المادة (17) فقد نصت على أن “المخصصات المالية للأمير وكذلك مخصصات المساعدات والهبات، يصدر بتحديدها قرار من الأمير سنوياً..
وجدير بالذكر أن حاكم قطر في فترة النظام الأساسي لعام 1970 كان يحصل على 25% من عائدات شركة نفط قطر (الحقول البرية فقط) من خارج الميزانية. وبعد صدور النظام الأساسي المؤقت المعدل لعام 1972، صدر المرسوم الرقم (43) لسنة 1972 بأيلولة مخصصات الأمير السابق إلى الخزينة العامة.
لا تقول دراسة السيد الكواري ما هي “نسبة” مداخيل الأمير حالياً! وليس واضحاً من الدراسة ما إذا كانت هنالك “أحكام” تخضع لها موارد الأمير. وإن كان يبدو أنه لا توجد “ضوابط” حالياً طالما أن كل الدستور معلّق!
مع ذلك، فدراسة السيد الكواري تسمح ببعض المقارنات:
إن التقديرات الفرنسية الموثوقة “تتّهم” نظام الفساد الذي أقامه الرئيس الراحل عمر بونغو في جمهورية الغابون بـ”اقتطاع” حوالي 15 بالمئة من موارد البلاد له ولعائلته. فقط لا غير! وهذه نسبة “هائلة” في بلد حديث ولا يتجاوزها سوى حكّام من نوع معمّر القذافي!
وإذا ما عدنا إلى السلطنة العثمانية، فإن دراسة ممتازة عن السلطان عبد الحميد (صاحب “الإستبداد الحميدي”) تكشف أن موارد السلطان (و”خليفة المسلمين”) من مخصّصات الدولة له، ومن أملاكه الشخصية، ومن إستثماراته الشخصية خارج السلطنة العثمانية، كانت توفّر له موارد تبلغ قيمتها ما بين 6 و10 بالمئة من قيمة الميزانية العامة! فقط لا غير! أي أنها تنخفض إلى حوالي 2 بالمئة، إذا اقتصرنا على ما تخصصه له الميزانية العامة! وهذا في عهد سلطان “مستبد”، و”علّق الدستور”، كما هو الحال في قطر الآن.
والسيد الكواري يلاحظ في دراسته أن “دستور 2004” يتأخر عن النظام الأساسي للعام 1970 لأنه أبطل الحظر السابق على الجمع بين الوظيفة العامة والعمل التجاري. وهذه النقطة، بالمناسبة، هي أحد أكبر مآخذ المغاربة (والسعوديين أيضاً) على نظامهم السياسي. ففي المغرب، تمثّل شركة “أونا” الملكية أكبر “رب عمل” في البلاد! وقد رفع المتظاهرون في المغرب يافطات ضد الجمع بين السلطة و”البيزنس”! وهي آفة تعاني منها كل دول الخليج، مثلها مثل اليمن، والمغرب، وسوريا، ومصر في عهد مبارك، ولبنان حالياً وسابقاً..
للراغبين، الدراسة الممتازة حول السلطان عبد الحميد هي:
François Georgeon: Abdulhamid II, le sultan Calife . Fayard 2003
بيار عقل
*
قطر: ملامح ديموقراطية مع إرجاء في التنفيذ
بقلم علي خليفه الكواري
في ضوء انتفاضات الديموقراطية التي تعم اليوم الساحة العربية، نحتاج إلى تقديم قراءة ديموقراطية في دساتير وممارسات الدول العربية، بعد أن أصبحت الديموقراطية في الماضي شعارا أجوف ترفعه نظم الحكم، دون تحديد لمفهوم الديموقراطية أو التزام بالمقومات العامة المشتركة لنظام الحكم الديموقراطي من حيث النص والممارسة.
و بدوري سوف أقدم هذه القراءة عن بلدي قطر، معتمدا على نتائج دراسة سابقة نشرت بعنوان “نحو مفهوم جامع للديموقراطية في البلدان العربية” (المستقبل العربي، العدد 338، 4/2007، بيروت، لبنان)، توصلت فيها إلى أن المقومات العامة المشتركة للدستور الديموقراطي هي ما يلي:
أولاً: أن لا سيادة لفرد أو لقلة على الشعب. و الشعب مصدر السلطات.
ثانياً : إقرار مبدأ المواطنة باعتبارها مصدر الحقوق ومناط الواجبات.
ثالثاً: سيطرة أحكام القانون والمساواة أمامه، وإستقلال ونزاهة القضاء.
رابعاً: عدم الجمع بين السلطات في يد شخص أو مؤسسة واحدة.
خامساً: ضمان الحقوق والحريات العامة دون تمييز، وتأكيد حق الدفاع عن الحريات العامة وعلى الأخص حرية التعبير وحرية التنظيم.
سادساً: تداول السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية -في النظام الجمهوري والنظام الملكي- سلمياً، وفق آلية انتخابات حرة ونزيهة و فعالة.
•••
يقترب دستور قطر الدائم لعام 2004 من حيث النص، في بعض مواده من مقومات نظام الحكم الديمقراطي، ولكن المادة 150 منه عطلت ذلك الاقتراب بارجاء تفعيل فصل السلطة التشريعية إلى أن يتم انتخاب مجلس الشورى. وفي عام 2010 تم التمديد لمجلس الشورى المعين ثلاث سنوات.
في الباب الأول ( الدولة وأسس الحكم ) نجد تقاربا في اغلب المواد بين ما جاء به الدستور وبين ما جاء في النظام الأساسي المؤقت لعام 1970 والنظام الأساسي المؤقت المعدل لعام 1972. ومثال ذلك هو المادة (1) التي نصت على أن “قطر دولة عربية ذات سيادة مستقلة. دينها الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها، ونظامها ديموقراطي، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية.
وشعب قطر جزء من الأمة العربية.”
وتنص المادة (6) على أن “تحترم الدولة المواثيق والعهود الدولية، وتعمل على تنفيذ كافة الاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية التي تكون طرفاً فيها. وهذه المادة تجعل من مواثيق واتفاقيات حقوق الإنسان وغيرها من الاتفاقيات والعهود الدولية، التي صادقت عليها الدولة جزءا من مرجعية دستورها.
أما المادة (17) فقد نصت على أن “المخصصات المالية للأمير وكذلك مخصصات المساعدات والهبات، يصدر بتحديدها قرار من الأمير سنوياً”. وهذه المادة قد تجعل جزءا رئيسيا من النفقات العامة خارج ما يحق لمجلس الشورى المنتخب(المنتظر) مناقشته وإقراره عندما يمارس رقابته على المال العام ويمارس حقه في إقرار قانون الميزانية العامة للدولة.
وجدير بالذكر أن حاكم قطر في فترة النظام الأساسي لعام 1970 كان يحصل على 25% من عائدات شركة نفط قطر (الحقول البرية فقط) من خارج الميزانية. وبعد صدور النظام الأساسي المؤقت المعدل لعام 1972، صدر المرسوم الرقم (43) لسنة 1972 بأيلولة مخصصات الأمير السابق إلى الخزينة العامة. وبذلك ألغيت كافة المخصصات من خارج الميزانية وأصبحت بذلك مخصصات الأمير جزءا من النفقات العامة تخضع لما يخضع له الإنفاق العام من ضوابط ومحددات.
في الباب الثاني والثالث (المقومات الأساسية للمجتمع ) و(الحقوق والواجبات العامة)، نجد المادة (34) تنص: “المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات العامة”. ولكن قانون الجنسية لعام 2005 وعددا من الإجراءات و الأوامر الإدارية والأعراف المشيخية، تعطل بداية المواطنة المتساوية.
وتتطرق بقية المواد في هذا الباب إلى تأكيد حرية كل من التعبير والبحث العلمي والصحافة والطباعة والنشر، وحرية التجمع وتكوين الجمعيات وحق كل فرد في مخاطبة السلطات العامة. ولكن تلك المواد أيضا تحيل إلى القانون تنظيم هذه الحريات، والقوانين السارية من المحتمل أن تعطل ما جاء في الدستور من حريات. ومثال ذلك ما نشاهده من حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير والتجمع وحرية النشر. كما إن هذا الباب يتجاهل حرية التنظيم ولا يتيح حق التعبير السلمي، وفي ذلك انتقاص لضمانات نظام الحكم الديموقراطي.
وتؤكد المادة (54) على أن الوظائف العامة خدمة وطنية. كما تؤكد المادة (55) على انه “للأموال العامة حرمة وحمايتها واجب على الجميع وفق القانون”. ولكن لم تظهر في الدستور المادة (41) من النظام الأساسي لعام 1970 التي تنص على انه “لا يجوز لرئيس مجلس الوزراء أو الوزراء أثناء توليهم مناصبهم، أن يزاولوا أي عمل مهني أو تجاري، أو أن يدخلوا في معاملة تجارية مع الدولة”.
في الباب الرابع (تنظيم السلطات)، نجد في الفصل الأول منه (أحكام عامة)، ملامح نظام حكم ديموقراطي من حيث بعض النصوص. فالمادة (59) تنص على أن “الشعب مصدر السلطات ويمارسها وفقاً لأحكام هذا الدستور”. والمادة (60) تقول “يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها على الوجه المبين في هذا الدستور”. وتنص المواد (61) و(62) و(63) على أن “السلطة القضائية تتولاها المحاكم” وتنتهي كل من هذه المواد الثلاثة بعبارة “على الوجه المبين بالدستور”.
ثم تأتي بقية فصول الباب الرابع لتوضح كيف تمارس كل من السلطات الثلاث:
ففي الفصل الثاني منه (الأمير)، وهذا الفصل عندما نقرأه مع بقية فصول الباب الرابع نجده يضع الأمير فوق السلطات وهو مصدرها دون وجود نص على ذلك، وفي الوقت نفسه يجعل السلطة التنفيذية من اختصاصه حيث تنص المادة (120) على أن “يقوم مجلس الوزراء بمعاونة الأمير على أداء مهامه وممارسة سلطاته وفقاً لأحكام الدستور”.
ومن اختصاصات الأمير الواردة في المادة (67) “1- رسم السياسة العليا للدولة بمعاونة مجلس الوزراء” و”2- المصادقة على القوانين وإصدارها. ولا يصدر قانون ما لم يصادق عليه الأمير”. وأخر الصلاحيات (الفقرة 10) تنص على تولي الأمير “أي اختصاصات أخرى بموجب هذا الدستور أو القانون”. وهذه الاختصاصات غير المحددة يمكن أن يكون مصدرها القانون، ما صدر منه في السابق وما سوف يصدر في المستقبل باستمرار وجود مجلس الشورى المعين أو المجلس المنتخب.
وإذا توقفنا عند الاختصاص الثاني من اختصاصات الأمير فإننا نجد أن المادة (106) في فصل السلطة التشريعية تنص على ما يلي:
“1- كل مشروع قانون أقره مجلس الشورى يرفع للأمير للتصديق عليه. 2- إذا لم يرد الأمير التصديق على مشروع القانون، رده إلى المجلس في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ رفعه إليه مشفوعاً بأسباب عدم التصديق. 3- إذا رد أي قانون خلال المدة المبينة في البند السابق واقره مجلس الشورى مرة ثانية بموافقة ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس صدق عليه الأمير وأصدره. ويجوز للأمير عند الضرورة القصوى أن يأمر بإيقاف العمل بهذا القانون للمدة التي يقدر أنها تحقق المصلحة العليا للبلاد…”.
وهذه المادة تجعل مصير العمل بالتشريعات في يد الأمير وتقديره للمصلحة العامة، وتجرد “السلطة التشريعية” من أهم اختصاصاتها. وتأتي المادة (68) لتجرد السلطة التشريعية أيضا من اختصاص الرقابة على بعض المعاهدات والاتفاقيات التي يكون لها قوة القانون، حيث تنص على أن “يبرم الأمير المعاهدات والاتفاقيات بمرسوم ويبلغها لمجلس الشورى، مشفوعة بما يناسب من البيان. وتكون للمعاهدات والاتفاقيات قوة القانون بعد التصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية”.
وتنص المادة (75) على أن “للأمير أن يستفتي المواطنين في القضايا الهامة التي تتصل بمصالح البلاد، ويعتبر موضوع الاستفتاء موافقاً عليه إذا أقرته أغلبية من أدلوا بأصواتهم، وتكون نتيجة الاستفتاء ملزمة ونافذة من تاريخ إعلانها. وتنشر في الجريدة الرسمية”. ويلاحظ أن هذه المادة لا تعطي مجلس الشورى أي دور في قرار إجراء الاستفتاء. كما أن نتيجة الاستفتاء بأغلبية من أدلوا بأصواتهم فيه وليس بأغلبية من لهم حق التصويت أو أي أغلبية أخرى.
السلطة التشريعية
وإذا عدنا إلى بقية فصول الباب الرابع (تنظيم السلطات) لنستوضح النصوص عن أحكام الدستور التي تمارس من خلالها المادة (59) الشعب مصدر السلطات…” والمادة (60) التي تقول “يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها…” فإننا نلاحظ ما يلي:
تنص المادة (76) على أن “يتولى مجلس الشورى سلطة التشريع، ويقر الموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة على السلطة التنفيذية، وذلك على الوجه المبين في هذا الدستور”.
ونجد المادة (78) تنص على أن “يصدر نظام الانتخاب بقانون” والمادة (79) تنص على ان “تحدد الدوائر الانتخابية التي تقسم الدولة إليها ومناطق كل منها بمرسوم”.
وعلينا هنا أن نتذكر أن قانون أول انتخابات مقبلة سوف تضعه السلطة التنفيذية دون وجود أحكام دستورية تلزمها بتحقيق متطلبات الانتخابات الديموقراطية ومن أهمها إشراف قضاء مستقل بعيدا عن تدخل السلطة التنفيذية. كما أن تحديد الدوائر الانتخابية يتم بموجب مرسوم، الأمر الذي قد يطلق يد السلطة التنفيذية عند كل انتخابات في هندسة نتائجها من خلال تحديد الدوائر الانتخابية والمبالغة في عددها.
وتنص المادة (104) على أن “للأمير أن يحل مجلس الشورى بمرسوم يبين فيه أسباب الحل، على انه لا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى، وإذا حل المجلس وجب إجراء انتخابات المجلس الجديد في موعد لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ الحل. والى ان يجري انتخاب المجلس الجديد يتولى الأمير بمعاونة مجلس الوزراء سلطة التشريع”.
ومن قراءة المادة (104) نجد أن الأمير ومجلس الوزراء (السلطة التنفيذية) من حقهم أن يصدروا التشريعات (القوانين) في فترة حل المجلس دون النص على ضرورة عرضها على مجلس الشورى عند اعادة انتخابه.
ومن هذه المواد والمواد (106) و(68) و(57) المشار اليها سابقا نرى ان السلطة التشريعية المعطاة لمجلس الشورى المنتخب (عندما يأذن بانتخابه)، يمكن تجاوزها من السلطة التنفيذية عند الضرورة التي يقدرها الأمير وبالتالي تجعل من الأمير مرجع السلطة التشريعية وليس الشعب.
وإذا نظرنا إلى الاختصاص الثاني الجديد والهام لمجلس الشورى “إقرار الموازنة العامة للدولة” فإننا نجد ما يلي:
المادة (107) (المؤجلة) تنص على انه “يجب عرض الموازنة العامة على مجلس الشورى قبل شهرين على الأقل من بدء السنة المالية، ولا تعتبرها نافذة الا بإقراره لها…”.
وجدير بالذكر أن النص على وجوب عرض الموازنة العامة للدولة على مجلس الشورى من اجل إقرارها، يشير إلى تطور من حيث النص المقارن في كل من النظامين الأساسيين لعام 1970 وعام 1972 الفقرة (3) من المادة (51) والمادة (55) اللتين نصتا على أن اختصاص مجلس الشورى يقتصر على “مناقشة ميزانية المشروعات العامة الرئيسية” وتقديم توصيات. وهذا هو الحال الآن حتى يتم انتخاب مجلس الشورى. ولكن تبقى هذه المادة من الدستور الدائم غامضة من حيث حق مجلس الشورى في مناقشة المخصصات والمساعدات والهبات التي نصت عليها المادة (17) من الدستور التي سبقت الإشارة إليها. كما أن هذه المادة تتحدث عن الموازنة العامة ولا توضح ما يخص الاحتياطي العام للدولة واستثماراته، ولا تبين ما إذا كان من حق مجلس الشورى إقرار الحساب الختامي للموازنة العامة ومراقبة جهاز قطر للاستثمار والاطلاع على تقرير ديوان المحاسبة التابع للسلطة التنفيذية وليست له صلة رسمية بالسلطة التشريعية كما جرت عليه العادة في الدول الديموقراطية.
وتتناول المواد من (108) إلى ( 112) ما يتعلق بالاختصاص الثالث لمجس الشورى، ممارس الرقابة على السلطة التنفيذية. ونجد ان هذه الرقابة لا تشمل مراقبة وإقرار اختصاصات الأمير أو مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الوزراء وانما تقف عند حد إبداء الرغبات للحكومة في المسائل العامة، المادة (108). وتضيف المادة (111) قائلة ” كل وزير مسؤول أمام مجلس الشورى عن أعمال وزارته، ولا يجوز طرح الثقة عن وزير الا بعد مناقشة استجواب موجه إليه…، ويعتبر الوزير معتزلا “من تاريخ سحب الثقة”.
السلطة التنفيذية
تنص المادة (62) التي سبق الإشارة إليها على أن “السلطة التنفيذية يتولاها الأمير ويعاونه في ذلك مجلس الوزراء على الوجه المبين في هذا الدستور”. وتنص المادة 118 على أن ” يكون تشكيل الوزارة بأمر أميري بناء على اقتراح رئيس الوزراء…”. وتؤكد المادة 120 على أن “يقوم مجلس الوزراء بمعاونة الأمير على أداء مهامه وممارسة سلطاته وفقا لهذا الدستور وأحكام القانون”. وتنص المادة 121 على انه “يناط بمجلس الوزراء، بوصفه الهيئة التنفيذية العليا، إدارة جميع الشؤون الداخلية والخارجية التي يختص بها وفقا لأحكام هذا الدستور وأحكام القانون”. وتفصل المادة اختصاصات مجلس الوزراء. وبذلك نجد هناك اختصاصات للسلطة التنفيذية لا تعتبر من اختصاصات مجلس الوزراء. ومثال ذلك مجلس الدفاع والمجلس الأعلى للتعليم والمجلس الأعلى للاستثمار والهيئة العليا للتخطيط التنموي والكثير من المؤسسات والهيئات العامة مثل قناة “الجزيرة” وأجهزة الرياضة و قطر للبترول، وبالتالي لا تخضع عملية اتخاذ القرار فيها والرقابة عليها لما تخضع له اختصاصات مجلس الوزراء.
ويلاحظ أن اختصاصات السلطة التنفيذية لا يخضع منها لرقابة مجلس الشورى التشريعية إلا ما يتطلب اصدار قانون، أما ما يكتفي في إقراره بأمر أو مرسوم أميري فإنها لا تدخل تحت سلطة أو رقابة مجلس الشورى المنتخب (المنتظر) على ضعفها.
السلطة القضائية
تنص المادة 129 على ان “سيادة القانون أساس الحكم في الدولة…” وتنص المادة 130 على ان “السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفق القانون”. وتنص المادة 137 على أن “يكون للقضاء مجلس أعلى يشرف على حسن سير العمل في المحاكم والأجهزة المعاونة لها، ويبين القانون تشكيله وصلاحياته واختصاصاته”. وتأتي في الفصل الخامس المادة 140 التي تقول “يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح، ويبين صلاحياتها وكيفية الطعن والإجراءات التي تتبع إمامها، كما يبين القانون آثار الحكم بعدم الدستورية.
ونجد هنا أن استقلال القضاء هو جزء من استقلال السلطة التشريعية التي تصدر القوانين إضافة إلى ضرورة قيام وصلاحيات محكمة دستورية تفصل في دستورية القوانين وما في حكمها، وإذا علمنا أن المحكمة الدستورية لم تنشأ حتى الان، وأن كل القوانين السارية حاليا السابقة على إعلان الدستور واللاحقة له حتى يتم انتخاب مجلس شورى جديد في المستقبل غير المعروف، تم تشريعها من قبل السلطة التنفيذية، فإن السلطة القضائية مثلها مثل السلطة التشريعية في الدستور ما زالت تابعة للسلطة التنفيذية وغير مستقلة.
الفصل الخامس: الأحكام الختامية، ونجد هنا المادة (141) تنص على انه “يبقى صحيحا ونافذا ما قررته القوانين واللوائح الصادرة قبل العمل بهذا الدستور ما لم يجر تعديلها وفقا لأحكامه ولا يترتب على العمل بالدستور الإخلال بالإحكام والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تكون الدولة طرفا فيها”. وهنا أيضا نجد الدستور لا يخضع القوانين واللوائح السابقة على صدوره، لاحكام الدستور ومرجعياته وانما يعتبرها نافذة حتى يتم تعديلها. ونحن نعرف صعوبة بل إستحالة تعديل قانون بدون موافقة السلطة التنفيذية. ولعل هذا هو السبب وراء كثرة الاحالة في مواد الدستور، على القانون.
وبعد عدة مواد يفاجئ الدستور قارئه في المادة 150 وهي الاخيرة، بجملة اقحمت عليها – ولم تتعرض لتوضيحها المذكرة التفسيرية -، ووضعت بالتالي مصير العمل بفصل ما سمي بالسلطة التشريعية والمواد من 76 – 116 حوالى ثلث مواد الدستور، في يد السلطة التنفيذية حيث نصت المادة 150 على ان “يلغي النظام الاساسي المؤقت المعدل المعمول به في الدولة والصادر في 19/4/1972، وتبقى سارية الأحكام الخاصة بمجلس الشورى الحالي إلى أن يتم انتخاب مجلس الشورى الجديد”. وبذلك تساوى الدستور بالنظام الاساسي الذي جاء ليحل محله.
خلاصة
يكشف التحليل السابق لدستور قطر الدائم اختلافات جوهرية بينه وبين مفهوم الدستور الديموقراطي الذي تم ذكر مقوماته في مطلع هذا المقال.
فدستور قطر يبدأ بالتأكيد على أن نظام الحكم في قطر ديموقراطي وان الشعب مصدر السلطات كما يؤكد على الفصل بين السلطات واستقلال القضاء وعلى المساواة بين المواطنين وقيام حريات عامة، ولكن سرعان ما يضيف فقرة إلى كل من تلك المواد أو إحالة على مواد في الدستور متعارضة معها، أو ترك الأمر للقوانين والمراسيم واللوائح، التي في بعض الحالات نجدها لا تراعي مع الاسف، المواد الحاكمة في الدستور ومرجعياته. الأمر الذي يفرغ تلك المواد من مضمونها الديموقراطي وتجعل من الأمير وليس الشعب، مصدر السلطات والمرجع الأخير لها، لغياب الفصل بين السلطات وبسبب عدم استقلال القضاء وغياب محكمة دستورية.
وما نجده من قصور وتردد وإرجاء في تفعيل الدستور وابتعاده عن مقومات الدستور الديموقراطي، يعود إلى أن دستور قطر لعام 2004 – مثل سائر دساتير دول مجلس التعاون باستثناء الكويت – هو دستور منحة، لم تضعه جمعية تأسيسية منتخبة من الشعب.
وهذا يجعلنا نقول أن انتقال قطر إلى نظام حكم ديموقراطي لن يتم إلا بقيام دستور تعاقدي تضعه جمعية تأسيسية منتخبة من جميع المواطنين وفق نظام انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة وفعالة تحت اشراف قضاء مستقل. فالديموقراطية حق أصيل لكل مواطن وليست منحة يمن بها على الشعب وينتقص منها.
( باحث وكاتب قطريdr_alkuwari@hotmail.com)
قطر: ملامح ديموقراطية مع إرجاء في التنفيذ
اي دستور واي قوانين واي نظام في هذه الاماره التعبانه…بصراحه رغم ماخذنا على اسرائيل الا انها الدوله الديمقراطيه الوحيده بالشرق الاوسط..ايش جاب امير قطر المتخلف لرئيس اسرائيل مثلا..وايش جاب قوانين قطر لقوانين اسرائيل الواضحه الشفافه والمحترمه لشعبهم والمطبقه فعلا وليس كلام مكتوب على ورق كما في كل الدول العربيه..حتى لو كان الموضوع لا علاقه له باسرائيل واننا على خلاف معها لكن لابد من المقارنه بها لانها الديمقراطيه الوحيده بمنطقتنا