يوم الجمعة، وردت في خطبة البطريرك الراعي لمناسبة مرور سنة على تولّيه سدة البطريركية عبارة يتيمة يمكن “تأويلها” كإشارةً إلى الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب السوري (أكثر من 10 آلاف قتيل و200 ألف معتقل..). والجملة اليتيمة هي “نرفضُ وندينُ العنفَ يُمارَس على أرضنا وفي أي مكانٍ آخر، وكلَّ تحريضٍ عليه”. والمشكلة أن العبارة “ديبلوماسية” إلى درجة أن المندوب الروسي في الأمم المتحدة يمكن أن يوافق عليها. خصوصاً أنها يمكن أن تنطبق على سوريا، أو الموزامبيق، أو اليابان، أو على حادث سير في.. الدورة!
ولا تختلف إشارة بيان الزعماء الروحيين، اليوم، إلى ما يحدث في سوريا (وقد اعترض عليها شيخ العقل) عما سبق: أن “الحاضرين توقفوا عند المشهد السوري وأعربوا عن شجبهم للعنف المتمادي وحزنهم على الشهداء”!
مرّة أخرى بيان يمكن أن يصدر عن وزارة الخارجية الروسية، خصوصاً أن الطاغية السوري (أو “المسكين بشار الأسد”!!) يستخدم تعبير “الشهداء” للإشارة إلى “شبّيحته”، كما يتّهم الشعب السوري بتصعيد “أعمال العنف”!
أمام هكذا بيان، ومرة أخرى: إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب!
الشفاف
*
أخفق البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عقد قمة روحية في الصرح البطريركي في بكركي اليوم الاحد، على هامش الاحتفال بالذكرى السنوية الاولى لتوليه سدة البطريركية. وتمت الإستعاضة عن القمة بلقاء روحي، بين زعماء الطوائف، تحفّظ عليه شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، مشيرا الى ان البيان الختامي للقاء لم يوزع على المشاركين قبل تلاوته، غامزا من قناة محاولة تسريب بيان يُلزم القادة الروحيين بموقف ضبابي من مجريات الثورة السورية، الامر الذي استدعى توضيحا من شيخ العقل نعيم حسن.
القداس الإحتفالي كان “برتقالياً” بامتياز! حيث حضر العماد عون ونواب كتلته فقط، وقرابة 150 مدعواً، في كنيسة الصرح التي تتسع لحوالي 1000 مشارك.
اما ابرز الغائبين عن القداس الاحتفالي، فكان التمثيل الرسمي للرؤساء الثلاثة، فضلا عن مقاطعة شاملة لقوى 14 آذار بكامل أطيافها وتلاوينها. حتى حزب “الكتائب اللبنانية” الذي يحتفظ بعلاقات مع البطريرك الراعي، اوفد سجعان قزي الى القداس بعد ان كان انتصف وقته.
من تحفّظ على “الحل السلمي في سوريا إنطلاقاً من مبادرة الجامعة العربية”؟
مكتب الإعلام في مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز أوضح في بيان أن المشيخة طلبت في خلال اللقاء الروحي الذي انعقد في بكركي لمناسبة مرور سنة على تولية غبطة البطريرك الماروني بشارة الراعي ولمناسبة عيد البشارة أن “يقتصر اللقاء على صدور دعاء مشترك من رؤساء الطوائف الإسلامية والمسيحية يدعو للإلفة والمحبة ونبذ العنف والتطرف ويؤكد فضائل الديانات السماوية لما فيه خير الإنسان والمجتمع، لكن الحاضرين أصرّوا على إصدار بيان يشمل بعض المواقف رغم أن مسودة البيان لم يتم توزيعها مُسبقاً على الرؤساء الروحيين خلافاً للمتعارف عليه”!
وأضاف البيان إن المشيخة “تمنت إضافة عبارة “الدعوة إلى حل سياسي سلمي في سوريا الشقيقة انطلاقاً من مبادرة جامعة الدول العربية” إلى البيان الختامي للقاء وهذا ما لم يؤخَذ به”، مشيرا الى “إنّ مشيخة العقل يهمها أن تلفُت إلى أنّ بيان القمة الروحية تضمّن نقاطاً مهمّة في مختلف العناوين، باستثناء ما تمّت الإشارة إليه أعلاه”، متمنية “إستمرار التواصل بين رؤساء الطوائف جميعاً لما فيه خير لبنان ورفعته وازدهاره”.
وكان اللقاء الروحي أصدر بيانا جاء فيه “أن رؤساء الطوائف عقدوا لقاءً روحيًا تم خلاله البحث في المستجدات واستعراض الأوضاع في لبنان والمنطقة وسبل معالجة تردداتها”.
وأوضح البيان أن المجتمعين اعربوا عن أسفهم لوفاة البابا شنودة الذي يعتبر من الشخصيات الاستثنائية التي تميزت حياتها في النضال وتقدموا باحر التعازي من مصر ومن الكنيسة القبطية”، كما توجّه المجتمعون بـ”التعزية من سوريا ومن الطائفة الدرزية بوفاة شيخ العقل في السويداء أحمد سلمان الهجري، وتوقفوا عند التحولات التي شهدتها المنطقة وأكدوا على حق الشعوب في خياراتها، لكنه أعربوا عن خشيتهم إذا ما طال الوقت حتى الوصول إلى دولة القانون في هذه المجتمعات”.
وأشار البيان إلى أنَّ “الحاضرين توقفوا عند المشهد السوري وأعربوا عن شجبهم للعنف المتمادي وحزنهم على الشهداء”، كما توقف المجتمعون عند “استمرار دوامة العنف والتفجيرات المتكررة في العراق” وأملوا أن “يستعيد هذا البلد دوره ضمن الاسرتين العربية والدولية”، مستنكرين في مجال آخر “ما يتعرض له الشعب الفلسطيني وطالبوا بانهاء الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينة وعاصمتها القدس وتطبيق القرارات الدولية”.
وتابع البيان أنَّ “المجتمعين تباحثوا في الأوضاع الداخلية وأكَّدوا خيار اللبنانيين الأساسي في أن يكونوا في كيان واحد وأسفوا لحال التفسخ الداخلي وأكّدوا أن لبنان لايستتطيع مواجهة القضايا الخلافية الا بالحوار، كما بحثوا التدابير التي تتخذها الدولة في سبيل الحفاظ على أمن المواطن ورأوا أن الملف الاجتماعي يجب أن يلقى الاهتمام اللازم بعيدًا عن التجاذبات السياسية والمصالحة الضيقة”. وفي الختام “أعرب المجتمعون عن مواصلة العمل من أجل عقد قمة روحية إسلامية – مسيحية على مستوى العالم العربي”.