أب مسلم يقتل ابنتيه في أمريكا رافضا للاختلاط وأب ثان يقتل ابنته لأنها رفضت لبس الحجاب وقتلت بنظير بوتو لأنها امرأة. وتعددت أسباب القتل إلا أني سأقف عند القتل المبرر دينياوالمشرعن للعنف ضد النساء عنف تجاوز كل القوانين والأعراف والعادات والتقاليد التي حرمت قتل النساء بما فيها أعراف الصعاليك وقطاع الطرق قديما .
إن أخطر ما في التبرير الديني للعنف ضد المرأة أنه يستخدم العاطفة ويستند إلى خروجهن عن الأخلاق الشرعية وعدم التزامهن بأوامر الله حسب تفسيراتهم البائسة.
خضوعا لهذا الفهم المعادي للنساء والذي نتج عن فكر دغمائي معد للحداثة وللتجديد بصفة عامة وللنساء بصفة خاصة, فكر يرفض حقوق النساء التي أعطاها الدين لهن و وترعبه كلمة المساواة بين الجنسين, فكر ظلامي يعترف فيه متبنيه أن أمه وأخته وابنته ..في طبقة دون,ناسيا أنه متى صدق هذا فهو بدوره في طبقة دونية.
فماهو مصدرهم في فكرهم المعادي للأنثى التي أنجبتهم؟
مصدرهم ثقافة شعبية تعود جذورها القرن الرابع قبل الميلاد –ولعلها أقدم من هذا التاريخ-أما التاريخ الذي.ذ كرته فقد اتسم به الفكر اليوناني واخترت منه قولة أرسطو” :الذكر أصلح للرئاسة من جنس الأنثى ومن ثم فتسلط الرجال على النساء مسألة طبيعية جدا””السياسة 1259 أ “, وتصنيف أفلاطون –دائما – للنساء في كتاباته مع العبيد والأطفال والأ شرار والخبولين من الرجال أو مع الحيوانات والقطيع ومن أقواله: “ليس في أي امرأة أو صبي أو حيوان أن يحدد ماهو صالح له وأن يأخذ في علاج نفسه”.
وإن كنا نلتمس عذرا لأرسطو وأفلاطون وغيرهم من مفكري ذاك الزمان الغابر الذي وقع فيه تبرير العبودية واحتقار المرأة وكان أرسطو أفضل مثل له لأنك “لن تجد فيلسوفا ينطبق عليه تعريف هيجل للفلسفة بأنها عصرها ملخصا في الفكر- ولاهيجل نفسه- مثلما ينطبق على فلسفة أرسطو” بعبارة سوزان أوكينو.فالمرأة عندهم إما للذة أو للإنجاب حسب نص ديموستين:”إننا نتخذ العاهرات للذة وأما الزوجات فلكي يلدن لنا الابناء الشرعيين.”
ثم تواصلت هذه النظرة الدونية للمرأة عبر الحضارات يغذيها الفكر الرجالي إلى أن تشرعها الأديان وترسخها القرا ءات الفقهيه والتفسيرات الذكورية وتمررها للنساء في صبغة دينية فتقبلنها دون مقاومة مادامت حكما إلاهيا, وتنزه الله أن يميز بين الذكر والأنثى والذي خلقهم من نفس واحدة.
ومن التفسيرات التي تبر دونية المرأة دينيا وتقنن استعبادها واضطهادها تفسير الرجال للقوامة في الإسلام الواردة في الآية 34 من سورة النساء:” الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا.”
اتخذ بعض الرجال هذه الآية تعلة لفرض السيطرة على المرأة –ولن أعود للتفسيرات التي أنصفت المرأة مثل تفسير “أحكام القرآن ” لابن الفرس الأندلسي من رجال القرن السادس للهجرة وتفسير المنار لمحمد عبده وتلميذه محمد رشيد رضا,لأنها لم تؤثر كثيرا في عقلية الذين يمارسون التمييز ضد المرأة, وإنما سأركز على المفهوم العام للقوامة في الفكر الذ كوري.تعني القوامة أن المرأة ضعيفة وناقصة عقل ودين وغير مؤهلة وفاسدة الرأس فلا يعتد بأقوالها إن استشيرت ومن الأفضل عدم استشارتها لأنها من السفهاء.أما الرجل فهو القوي البنية الحصيف الرأي الكامل العقل والدين فاستحق أن يكون سيدها والمتحكم فيها ومؤدبها وخاصة إذا كان المنفق عليها فله استعبادها وليس لها أن تعصي أوامره وإن خالفت الأوامر فأقل عقوبة تنالها هي القتل وهو سبب قتل البنات الثلاثة اللاتي ذكرتهن في مطلع المقال.
ومن تفكر في المشاركة السيا سية فالحديث حاضر دائما في الأنظمة الأبوية التي قضت على نظام الأمومة السابق له ونصه” لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة”.فكيف تتولى الأمور العظام وهي غير مؤهلة طيلة حياتها ولذاك حرموا عليها الإمامة الكبرى وتبعا لها منعوها من الإمامة في الصلاة كلهم باستثناء الطبري وأبو ثورأجازا لها إمامة الصلاة مطلقا في حين أجاز لها الشافعي إمامة النساء فقط, ومنوا المرأة من القضاء ايضا إلا الطبري والغريب أن البلدان التي مكنت النساء من تولي القضاء في هذا الزمن تتعرض لهجمة شرسة من المتشددين الذين يلوكون كذبة أن المرأة عاطفية فليس من حقها مهمة القضاء ولاممارسة أي وظيفة فمكانها البيت والحال أن الصحابة رضي الله عنهم تسامحوا في زمنهم وولوا المرأة مناصب إدارية كانت حكرا على الرجال فتولت سمراء بنت نهيك الأسدية أمر الأسواق وكانت تتجول فيها وتضرب بالدرة المخالفين والغشاشين, وولى عمر بن الخطاب الشفاء بنت عبد الله الإشراف على الأسواق في زمنه,و في الألفية الثالثة يستنكر المتشددون على المرأة مشاركتها في العمل السياسي مدعمين رأيهم –إضافة للقوامة- بآيات أذكر بعضا منها:”وللجال عليهن درجة”.”وقرن في بيوتكن”.” وليس الذكر كالأنثى”.ومن الأحاديث:”النساء ناقصات عقل ودين”. و”النساء خلقن من ضلع أعوج”.و”هلكت الرجال حين أطاعت النساء”.و”خير مساجد النساء قعر بيوتهن”و” ماتركت بعدي من فتنة أضر على الرجال من النساء”….
استنادا إلى هذه النصوص حرم المتشددون على المرأة الخروج من البيت إلا إلى القبر, وإن اضطرت للخروج فبإذن زوجها وتخرج في هيئة رثة وتختار طريقها في المواضع الخالية دون الشوارع والاسواق وتحترز من سماع صوتها وتمشي في جانب الطريق لأنه ليس للنساء وسط الطريق والأفضل أن لا خرج فإنها إن سلمت في نفسها لم يسلم الرجال منها.ولأنها”عورة إذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون المرأة من الله ما كانت في بيتها” حديث نبوي برواية ابن مسعود. فكيف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحديث وهو الذي أمر بخروج الحيض وربات الخدور ليشهدن المشاهد في الأعياد والمناسبات!!!
ولكن أمر الرسول هذا لم يمنع عبد الله أن يقول:”النساء عورة فاحبسوهن في البيوت ,فإذا خرجت إلى الطريق قال لها أهلها: أين تذهبين؟ قالت:أعود مريضا وأشيع جنازة فلا يزال بها الشيطان حتى تخرج ذراعها وما التمست امرأة وجه الله بمثل أن تقر في بيتها تعبد الله”.
وبيظير بوتو خرجت من بيتها واقتحمت عرين الرجال المحرم على النساء السياسة واستشرفها الشيطان في رأي المتعصبين ورفعت صوتها بالخطب وهو عورة عندهم, والبنات المذكورات طالبن بحقهن في الدراسة وفي اللباس فوجب قتلهن, وكل من يقتل امرأة أو طفلا أو شيخا مسنا أو امرأة عجوزا فهو إرهابي مهما كان دينه ولونه وجنسه وعرقه.
هكذا تقتل يد الإرهاب النساء ببرودة دم وإن لم تتحد جهود العقلاء للحد من هذه الظواهر المسيئة للإسلام وللإنسان فإن البلاء سيعم والنار ستحرق الجميع وها أنتم ترون وتسمعون أن الفكر المتشدد لا يعترف بحق المخالف له في الحياة وأن أول وسيلة حوار عند القتل ويرفض حقوق الإنسان التي كثيرا ما استعملها وتباكى عليها ليطالب بحقوقه المضمخة بالدماء فهاهو حالما يمتلك القوة ينصب نفسه حكما على رقاب الناس وأعمالهم ولباسهم ومناهج تعليمهم وأفكارهم وربما نواياهم.
فإلى أين يسير العالم الإسلامي على أيدي هؤلاء.
nfzimzin@yahoo.fr
* منجية السوايحي أكاديمية من تونس
قتل النساءلا اكراه في الدين لا اكراه في السياسة لا اكراه في الزواج: هناك مقالة رائعة للدكتور خالص جلبي يمن ان تضيف معلومات عن باكستان باكستان وجذور التوتر بشرّ الفيلسوف محمد إقبال بولادة باكستان، قبل أن تولد على كرسي جسداً، كما حصل مع سليمان. ونفذها محمد علي جناح عام 1947م، وولدت طرحاً بعملية قيصرية، كلفت عشرات الملايين من أرواح الناس، ونمت، وشهدت توترات كان آخرها نزف دماء “بوتو” في 27 ديسمبر 2007م نسفاً. واكتمل التوتر بقنبلة نووية مثل عِجل السامري، فأخرج لهم عجلاً جسداً له خوار، أفلا يرون أنه لا يملك لهم ضراً ولا نفعاً، اتخذوه وكانوا ظالمين. ظهر ذلك… قراءة المزيد ..