بيروت الحياة – 08/08/07
قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ «الحياة» إن خروج الرجل الثاني في تنظيم «فتح الاسلام» شهاب القدور الملقب بـ «أبو هريرة» الذي قتلته قوى الأمن الداخلي قبل أسبوع، من مخيم نهر البارد، كان وراءه «مخطط كبير».
وكان مجلس الوزراء اللبناني تبلغ مساء أول من أمس من وزير الداخلية حسن السبع مقتل «أبو هريرة» الذي كان مسؤولاً عسكرياً في «فتح الإسلام» في مخيم نهر البارد وقيل انه الرجل الثاني في التنظيم.
وأعلن وزير الإعلام غازي العريضي أن لا أحد يدري ماذا كان المخطط من وراء خروج «أبو هريرة» من نهر البارد، قبل مقتله، موضحاً ان التأخر في كشف مقتله كان سببه اجراءات التأكد من هويته.
لكن وقائع هرب «أبو هريرة» كشفت عن لقاءات قام بها عند نجاحه في الخروج من مخيم نهر البارد مع خلايا نائمة تابعة لتنظيم «فتح الإسلام»، ما يعني ان للأخير عناصر ما زالت موجودة في أماكن عدة، في غير منطقة في لبنان.
وأحاط التكتم الشديد بالتحقيقات التي تجريها حالياً قوى الأمن ومديرية المخابرات في الجيش اللبناني. واستقت «الحياة» من مصادر أمنية معطيات عن طريقة خروج «أبو هريرة» من مخيم نهر البارد حيث تدور اشتباكات منذ 80 يوماً بين الجيش اللبناني ومسلحي «فتح الاسلام» الذين كان «أبو هريرة» قائدهم الميداني لفترة طويلة من بداية المعارك، وكذلك عن تنقلاته بعدها، إضافة الى ما ذكرته قوى الأمن في بيان صدر عنها أمس.
وبحسب رواية تجمعت لـ «الحياة»، فإن «أبو هريرة» المولود في بلدة مشمش – عكار عام 1962 والذي سجن في سورية 6 سنوات حين كان في الرابعة عشرة، خرج مع شخص آخر من نهر البارد سباحة (لمدة 4 ساعات) قبل 7 أيام من مقتله في 31 تموز (يوليو) الماضي في محلة أبي سمراء في طرابلس (شمال لبنان)، وأنهما أمضيا بعدما خرجا من البحر، 4 أيام ينتقلان متخفيين في أحراش جرود عكار و3 أيام في باب التبانة عند جمال الدين مصطفى ملص الذي كان برفقة «أبو هريرة» حين قتل الأخير من دون معرفة هويته وأوقف ملص.
وكان «أبو هريرة» وملص يستقلان دراجة نارية حين فوجئا بحاجز تفتيش لقوى الأمن الداخلي في ساحة سعدون في أبي سمرا، فحاولا الهرب منه، إلا أن عنصراً من أفراد الدورية ركل الدراجة فسقطا أرضاً وهمّ ملص بالفرار بينما سقط مسدس «أبو هريرة» عن وسطه فأمسكه وراح يطلق النار على أفراد الدورية واتجه هارباً نحو شارع تبين انه مقفل فحاول تسلق حائط لكن إطلاق قوى الأمن النار عليه أرداه، بينما لاحق عناصر آخرون ملص وأوقفوه.
وكان حينها «أبو هريرة» حليقاً ويحمل بطاقة خاصة باللاجئين الفلسطينيين مزورة، باسم خالد محمد بليبل مواليد 1970.
وأظهرت التحقيقات مع ملص الذي لم يكن مطلوباً ولم يذكر اسمه في أي من التحقيقات، أنه ينتمي الى «فتح الاسلام» وأنه استضاف «أبو هريرة» بعدما جرى اتصال مع خلية تابعة للتنظيم نفسه في مخيم عين الحلوة (شرق صيدا) وأن أشخاصاً حددت هويتهم أوصلوا «أبو هريرة» الى منزل ملص، وكذلك تبين أن أشخاصاً أحضروا لـ «أبو هريرة» 30 ألف دولار ضبطت في منزل ملص وصودر جهاز كومبيوتر من منزل ذويه. وكذلك حددت هوية الشخص الذي فرّ مع «أبو هريرة» من نهر البارد ويلاحق حالياً.
وتبين من التحقيقات الأولية أن «أبو هريرة» وملص كانا ذاهبين للقاء أشخاص حين وقع الحادث في أبي سمرا، وأن زوجة «أبو هريرة» وطفله الرضيع شامل لا يزالان في نهر البارد، وأن زوجة «أبو هريرة» هي التي أقنعت نساء من تبقى من مقاتلي «فتح الاسلام» بعدم مغادرة المخيم، ويقدر عددهن بنحو 21 و45 طفلاً.
وتبين من خلال معاينة الأطباء الشرعيين لجثة «أبو هريرة» أنه لم يصب في اشتباكات نهر البارد، وأن في جسمه آثاراً لإصابات قديمة في يده ورجله يرجح أنه أصيب بها في العراق حيث كان يقاتل الى جانب شاكر العبسي، قائد تنظيم «فتح الاسلام».
وبحسب المعلومات فان «أبو هريرة» كان في عداد مجموعة الضنية التي اشتبكت مع الجيش اللبناني في العام 2000، وفرّ الى مخيم عين الحلوة حينها، ومنه ذهب الى العراق بعد احتلاله من الجيش الأميركي في العام 2003، حيث تعرف الى العبسي وشارك في معارك القائم. وأفيد أن اسمي العبسي و «أبو هريرة» ذكرا للمرة الأولى على لسان أفراد مجموعة أوقفها جهاز أمني في 13 شباط (فبراير) 2006 أقروا بتخطيطهم لإلقاء قنابل على احتفال في بيروت في الذكرى الأولى لاستشهاد الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري، وأن بعض أفراد المجموعة الذين كانوا في العراق أفادوا بأنهم تعرفوا الى العبسي و «أبو هريرة» في العراق.
وتكشفت هذه المعلومات للجهات الأمنية حين أجرت مقارنة مع الصور والمعلومات المتوافرة لديها، في إطار عملها على التعرف الى هوية القتيل بعدما توافرت لديها من خلال الاستقصاءات والتحريات «معطيات ودلائل تشير الى أنه شخص على مستوى كبير من الأهمية»، علماً أن ملص أنكر معرفته بالقتيل بداية، ولدى مواجهته بالمعطيات أكد أنه «أبو هريرة» وكذلك تم التأكد من ذلك من خلال فحص الحمض النووي ومن تعرف شقيقته صباح القدور عليه التي انهارت حين شاهدت جثة أخيها.
وكان مخيم نهر البارد شهد اشتباكات عنيفة أمس وسط قصف كثيف من الجيش على مواقع «فتح الإسلام» فأصاب مواقع حساسة يتحصن فيها المسلحون، ما دفع هؤلاء الى إطلاق صواريخ كاتيوشا في أنحاء منطقة عكار.
وعصراً صدر عن قيادة الجيش الآتي: «لا يزال تنظيم «فتح الاسلام» يتمادى بإطلاق الصواريخ بشكل عشوائي باتجاه الأهالي الآمنين في منطقة عكار، ويمتنع مسلحوه عن تسليم انفسهم، مستمرين باحتجاز عائلاتهم ومنعهم من مغادرة المخيم على رغم الدعوات المتكررة الموجهة اليهم للخضوع للقانون والاحتكام للعدالة، مما يضيف جريمة اخرى الى جرائمهم المرتكبة بحق العسكريين وأبناء الشمال.
من جهتها تتابع وحدات الجيش ملاحقة المسلحين في الملاجئ المستخدمة وإزالة الألغام والأفخاخ والعوائق وتدمير الخنادق والانفاق، وقد تمكنت هذه الوحدات اثناء تقدمها من ضبط كميات كبيرة من الاسلحة والذخائر والاعتدة العسكرية، تضمنت عشرات البنادق والرشاشات وقذائف الـ «آر بي جي»، إضافة الى قطعة هاون وكمية من القذائف والصواريخ والألغام والصواعق والمتفجرات وعملات مزورة صودرت جميعها وسلمت الى المراجع المختصة».