لندن: علي نوري زاده
وصف مصدر إيراني قريب من رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني، زيارة رئيس الوزراء العراقي الثالثة لإيران، بـ«الفاشلة من الألف الى الياء». وأوضح المصدر أن «المالكي جاء الى طهران نصف متفائل، وغادرها متشائما مائة بالمائة». وقال ان «رئيس الحكومة العراقية علم خلال لقاء عابر مع أحد المسؤولين الإيرانيين، وهو من اصدقائه القدامى، ان الاستخبارات الإيرانية لم تكتف بدعم جيش المهدي والميليشيات الشيعية والسنية المناهضة لحكومته فحسب، بل انها تسعى بكل ما بوسعها، لافشال حكومته من أجل اعادة غريمه ابراهيم الجعفري الى الحكم».
ووصف الدكتور علي الدباغ، المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، زيارة الوفد العراقي الى ايران برئاسة رئيس الحكومة نوري المالكي بانها «ناجحة وان لم تكن بمستوى طموحاتنا»، مشيرا الى ان «الوفد العراقي اهتم بالملفات الامنية وطلب من ايران ان تكون عنصرا ايجابيا في حل المشاكل الامنية لا عنصرا سلبيا».
وقال الدباغ الذي كان قد رافق المالكي في زيارته لطهران لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف من دبي امس، ان «المباحثات لامست المشاكل التي تعاني منها الحكومة العراقية والتي تعتقد ان ايران يجب ان تكون جزءا من حل المشكلة وليس المشكلة ذاتها، خاصة فيما يتعلق بالجانب الامني».
وأضاف الدباغ قائلا «ان الحكومة العراقية دعت القادة الايرانيين الى المساهمة ايجابيا في بالوضع العراقي، وان الدعم يجب ان يكون عن طريق الحكومة العراقية لا عبر أحزاب دينية وميليشيات وكيانات من خارج الحكومة»، منوها بأن «الحكومة العراقية تعتبر أي دعم خارجي يمر من خلال جهات غير حكومية يعد بمثابة معاكسة الحكومة».
وأكد المصدر الايراني لـ«الشرق الأوسط»، ان نوري المالكي كان صريحا هذه المرة في مواجهة كبار المسؤولين الايرانيين، الذين اكدوا له ان مشاكل العراق ستحل فور انسحاب قوات التحالف من العراق. وقال المالكي لمرشد النظام الايراني آية الله علي خامنئي والرئيس محمود أحمدي نجاد، ان العراق ليس قادرا بمفرده على ان يسيطر على الوضع ويهزم الجماعات المتطرفة، السلفية منها والشيعية. كما قال نوري المالكي حسب المصدر الايراني، ان العراق يواجه معركة مصيرية والولايات المتحدة تساند الكيان العراقي بحياة ابنائها، فلهذا لن يقبل العراق بأن تحدد جاراته مصيره، بل ان الشعب العراقي فقط من يرسم مستقبله ويحدد مصير ابنائه. والمعروف ان المالكي يعرف قليلا من اللغة والأدب الفارسي، لكنه لم يعتمد على فارسيته في لقاءاته مع المسؤولين الايرانيين حتى لا يفتح المجال أمام خامنئي وغيره كي يعتمدوا على لغتهم العربية الركيكة، هكذا ظل مترجم من المعاودين (أي الايرانيين المطرودين من العراق خلال حكم صدام حسين) يرافقه أينما ذهب، الا خلال لقائه مع حجة الاسلام محمود هاشمي الشاهرودي رئيس السلطة القضائية والرئيس المؤسس للمجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق، الذي قضى نصف حياته في العراق منذ ولادته في كربلاء، وحديث نوري المالكي مع الشاهرودي كان صريحا وبعيدا عن المجاملات المتداولة في المباحثات الرسمية، بحيث شرح لرئيس السلطة القضائية جانبا من المشاكل التي يواجهها ليس فقط في مواجهة الارهابيين، بل داخل حكومته ومن حلفائه.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية قائلا، ان «هذه الزيارة جاءت في اطار السعي الى توثيق العلاقات، والسعي الى تعريف العلاقة بين العراق وايران»، مشيرا الى ان «رئيس الحكومة تحدث مع جميع من التقاهم باللغة العربية، حيث لا يجيد الفارسية، ولاننا وفد رسمي فقد تحدث الجميع باللغة العربية». ولم يخف رئيس الوزراء العراقي استياءه من تحركات السفارة الايرانية في بغداد «لدعم الدكتور ابراهيم الجعفري وتسهيل عودته الى رئاسة الحكومة»، كما أورده المصدر الايراني في حديثه مع «الشرق الأوسط». وقد طالب المالكي بشفافية أكثر في تعامل اجهزة الأمن الايرانية مع الملف الأمني في بلاده. وكان الوفد العراقي قد حمل معه الى طهران وثائق ومستندات عن الأسلحة الايرانية المهربة الى العراق، والتي عثرت عليها القوات العراقية والقوات المتعددة الجنسيات خلال حملات الدهم التي جرت ضد مراكز تابعة لوحدات جيش المهدي جنوب العراق وفي مدينة الصدر.
وعلمت «الشرق الأوسط» بأن نوري المالكي ابلغ الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد بمضمون التحذيرات التي طالب الرئيس جورج بوش بتوجيهها الى المسؤولين الايرانيين في آخر حديث هاتفي اجراه معه قبيل مغادرته بغداد.
وتضمنت تحذيرات بوش، تهديدا صريحا بأن قوات التحالف، لن تتردد في اقتلاع جذور الطابور الايراني الخامس في العراق، وأن قراره السابق باطلاق النار على عناصر الحرس الموجودين في العراق اينما وجدتهم القوات الأميركية ساري المفعول في جميع أنحاء العراق.
(الشرق الأوسط)