بالتأكيد هي مفارقة مؤسفة.. ومؤسفة جداً أن نخاطب »نواب الشعب« في يوم احتفالنا نحن الصحفيين والكتاب بـ»يوم حرية الصحافة« بأن يخففوا خناقهم ومطاردتهم للصحفيين والكتّاب وبأن يكفّوا عن »جرجرتهم« الى مراكز الشرطة والى النيابة والمحاكم، وأن يتعاملوا مع الصحافة بوصفها »سلطة رابعة« لتكريس مبدأ فصل السلطات الذي يرفعونه شعاراً وينقضونه فعلاً ومسلكاً حين تتوالى من بعضهم وبالتحديد من بعضهم كتلهم النيابية وبتحديد اكثر من »كتلة المنبر الاسلامي« شكاوى كيدية تتصيد كل شاردة وواردة يكتبها الصحفيون والكتّاب عنهم وكأنهم »معصومون« وفوق النقد والمساءلة والمراجعة.!! أليست مفارقة مؤسفة ومؤسية ومعيبة أيضاً أن تأتي ملاحقة ومـطارة الصحفـيين والكتّـاب من بعض من احتلوا »بيت الشعب« وطرحوا أنفـسـهم كممثلين لضمير هذا الشعب ومعـبريـن عن صوتـه. فـإذا بهم يقمعون ويمنعون صوته من خلال قمع الكتابات النقدية ومصادرة الحقـائق والوقائع التي تنشرها الصحافة عن بعضهم في تجاوزاتهم واستغـلالهم لمنـاصبهم وسطـوتهم النـيابـية الـتي وظفـوهـا لخدمة مصالحهم الخاصة، وخدمة الأهل والأقارب والحـزبيين التـابعين لهم.. وهـي حقـائق يتـداولـها القـاصي والداني فما ذنب الصحفي والكاتب حين ينقلها وحين ينشرها فلا يملكون دحض حقيقتها الواضحة فيـلجؤون الى النيـابة والى الشكاية والوشـاية كنوع من الضغط والقمع والمنع الذي احترفوه وأدمنوه، وأرادوا أن يعمموه ويطبقوه على المجتمع بأسره في عهد الانفتاح وفي عهد الحريات التي يخاصمونها ويعـادونـها؛ لأنـها باختصار شديد تفضح ألاعيبهم المعروفة.
هذه العينة والنوعية من النواب الذين وصلوا الى »بيت الشعب« لأسباب لم تعد خافية على أحد، وفي ظروف التبس فيها الوعي وتشوه لا يريدون للصحافة أن تتنفس في فضاء الحرية وأن تمارس دورها الوطني بحرية، لأنهم يفهمون »الحرية« بوصفها حرية لهم وحدهم دون الآخرين، وهو فهم قاصر، وهو فهم أناني، وهوفهم انتقائي متحزب ومتعالي على الآخرين الذين لا يحق لهم ما يحق لتلك الجماعة التي »على رأسها ريشة« كما ترى نفسها.. والمفارقة الأخرى في هـذا اليـوم »يوم حرية الصحافة« أن نلاحظ أن الصحـافة البحـرينية والصحفـيين والكـتّاب تلاحقهـم القضايا والشكاوى المرفوعة من بعض »نواب الشعـب« أكـثر بكـثير مما تـلاحـقهم القضـايـا والشـكاوى المرفـوعة من الحـكومـة أو من الأجهزة الرسمية وهي مفـارقة جديرة بالتـأمل والتفـكر والوقـوف عنـدها طويلاً فـان تـأتي الشـكوى وأن يكـون مصدرهـا »نائب« أو »كـتلة نيـابـية« فـهي قلب للمـوازين رأسـاً على عـقب لاسـيما وأن الشـكاوى والقضايا المرفوعة من نواب كتلة معينة قد جاوزت العقول والمقبول بما ينبىء وبما يكشف أن هؤلاء بالتحديد يريدون »الانتقام« من كتّاب وصحفيين معينيين، ويتمنون من أعماق قلوبهم »حبسهم« والزج بهم في السجون دون أن يلاحظوا أن زمن سجن الرأي وحبسه قد ولى الى غير رجعة في زمن حمد بن عيسى. وفي اليوم العالمي لحريـة الصحافة يعول الصحفيون البحرينـيون في مـفارقـة أخرى في زمن المفارقات على قانون الصحافة والنشر الذي ستتقدم به الحكومة الى البرلمان، وقد رفعت منه المادة التي تنص على »حبس« الصـحفي والكـاتب.. آملـين أن يقـف معـنا النواب الذين يتطـلعون فعلاً وبقـناعات حقـيقية راسـخة الى صحافة بحـرينـية حرة تساهم في البـناء وفي العطاء وفي التحـولات الديمـقراطية التي لن تتحقق بشكل كامل مادام البعض مازال يعيش أسير ثقافة القمع والمنع..!!
sadaalesbua@alayam.com
كاتب واعلامي من البحرين