إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
الياس،
بيلبقلك تعيش، يا الياس. وبيلبقلك تكتب. وبيلبقلك تخبّر. وتحكي.
انت بتعرف منيح كيف تحكي، يا الياس. وكيف تروي. وكمان كيف تشرب الكاس. وفنجان القهوة. وتقعد مع الصحبة الطيبة. واللقمة الطيبة. وتروح بالاشياء لـ آخر الاشياء. وعن جدّ.
وفجأةً، يا الياس، بتصير كأنّك قاعد بالخريطة. بالمكان الواسع. بالأمكنة. والأزمنة. بمطارح بتشبه المتاهة.
وبتصير تعبث. وتزعبر. وتسخر. وتتمسخر. وتتخيّل. وتفبرك. وتختلق. وتخترع.
وبتصير تخلط الاشياء ببعضها. وتربطها.
هيدي هيي الرواية. وهيدا هو الروائي، يا الياس.
وهيدا انت، يا الياس.
شو صعبة ها الشغلة. وشو حلوة وممتعة، وفيها لذّة.
وقت بيقدر الكاتب يكون عم يزرع قمح الواقع بأرض المتخيّل، ويكون شخصيّاتو، وبالوقت نفسه بيضحك علينا، ويقول أنا ما خصّني،
وقاعد ع جنب، وإنّو أبطالي بيتصرّفوا ع ذوقهن، وتاركهم يلعبوا بالحياة والمصائر.
لها الحدّ بيقدر الروائي يمزج الراوي بالكاتب، والماضي بالحاضر، والحقيقة بالمنام وباختراع الحقيقة.
وتكون، يا الياس، عم تتفلسف ع الدني. وتتمقرع. وبالوقت نفسه تكون قابضها عن جدّ.
كيف بدّي صدّق إنّو الرواية مش سيرة ذاتية وسيرة مجتمعية بنفس الوقت، وإنّو الكاتب ب يتبرّأ من أبطالو؟!
كيف بدّي صدّق إنّو ما خصّك بشخصياتك وأبطالك؟ يالو ويونس وخليل وآدم ومأمون وأليس ونورما وميليا وفاطمة ووداد وشمس ومنال؟ كيف بدّي صدّق؟
الياس،
فايق، يا الياس، ع “الملحق”؟ ع الأفكار؟ ع المواضيع اللي ما حدا كان يتجرّأ يكتبها وينشرها، وكنا بليالي ما فيها ضوّ قمر، نطلّع الضوء، كأنو الفجر كان يطلع من حبر “الملحق”؟
فايق ع الثورات اللي كانت تولد بمطبخ “الملحق”، وكيف كانت تكبر وتطير، وتعيش حريتها للآخر، كأنّوا خلقت لوحدها؟ وما حدا وراها؟
هيدا “الملحق”. وهيدا انت، يا الياس، وهيدا نحنا. والرفاق. والأصحاب. وصحبة الحرية.
وهيك بتكون الحرية.
والله، بيلبقلك العيش، يا الياس
كأنّو بينطرك ت تعيشو. وهيك بتكون الحكايات والقصص. وهيك انتَ بتعيشها وبتكتبها. أحلام ماشية بنهر الواقع. وأحداث حاملها نهر الخيال. وبتروح تغرق ببحر واحد. وبتصير هيي الحقيقة. وهيي الرواية.
و… يا ستّ نجلاء، وأنتِ يا عبلة، ويا ابن أخي طلال، وأنتَ يا يامن، حفيد أخي الياس، وسائر العائلة، والأحباب والرفاق، وجموع بيروت ولبنان وفلسطين، وهلمّ، راجيًا اعتبار هذا الرقاد تعزيةً وانتقالًا.
المسيح قام.