إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
هنالك من لا يستبعد ان الزيارة تضمَّنَت البحثَ عن ملاذات آمنة، مؤقتة، لقيادات بارزة في الحزب، ومن لا يستبعد ان رسالة ما وصلت من صنعاء الى المخابرات الإسرائيلية حول تحركات “سرور”
قبلَ ان يلقى حتفه في الطابق ١٤ تحت الأرض بيومين، تمكَّنَ حسن نصر الله من تسجيلِ ظهوره الأخير على سطح الأرض بمشاركة خاطفة في تشييع جثمان رفيقه “محمد سرور”، قائد “وحدة صواريخ أرض-جو” والمسؤول عن وحدة الطائرات المُسَيَّرة، “وحدة عزيز”، التابعة لقوات الرضوان، الذي اغتالته اسرائيل في 26 سبتمبر، بعد ثلاثة أيام من عودته من اليمن حيث كان يزاول مهمة الإشراف والتخطيط للقوات الصاروخية الحوثية، وتوجيهها لتصعيد هجماتها في البحر الأحمر.
لقد كان حزبُ الله يُدير ويَقود كافة المليشيات الإلهية في المنطقة، وفي اليمن خصوصا،رحيث حرصَ خبراءُ الحزب وقادته على تدريب وتأهيل الحوثيين عبر عقود الى ان تَمكنوا من الإنقلاب على الحكومة الشرعية في ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ وانفسح المجال لهيمنة اتباع حسن نصرالله على شبكة الإتصالات بصنعاء، ومباشرتهم لبناء شبكة موازية وبديلة بالإستناد الى خبرتهم في بيروت.
وخلال الأيام التالية للإنقلاب صار مطار صنعاء في قبضة حزب الله والحرس الثوري الإيراني، واصبح يستقبل الرحلات اليومية القادمة من طهران وبيروت وهي تحمل الخبراء والقادة العسكريين والأسلحة والمعدات الخاصة ببناء قوة صاروخية ووِرَش لتركيب الطائرات المُسَيَّرة والقوارب الَمفخخة، جنبا الى جنب مع نشر الخبراء الفنيين والعسكرييين في صنعاء” و”صَعدة” و”الحُدَيدة” للإشراف على بناء قوة صاروخية قادرة على الوصول إلى عواصم” دول الخليج لإبتزازها ووضعها تحت رحمة ملالي طهران، وفي نطاق دائرة النفوذ الإيراني.
كان محمد سرور”،الحاج ابو صالح”، القائدَ الأبرز الذي أشرف على بناء القوة الصاروخية ووجَّهَ وقاد تنفيذ المخططات بالمسيرات والصواريخ البالستية نحو السعودية وغيرها، بحسب وسائل الإعلام السعودية التي كشفت مؤخرا عن تورطه في الإعداد لبعض الهجمات الخطيرة التي شنتها الجماعة الحوثية على السعودية.
” الحاج ابوصالح” َمُتَخصص في “الرياضيات”، واحد رُوَّاد مشاريع انتاج الطائرات المُسيَّرة في اليمن وفي لبنان، وقد كشف المتحدث بأسم الجيش الإسرائيلي، “افيخاي ادرعي”، أن حزب الله ارسله الى اليمن للعمل على المنظومة الجوية التابعة لسلطة الإرهاب الحوثية، فسرور هو من درَّبَ الحوثيين، وصاحب الإسهام الأبرز في نقلتهم النوعية في إستخدام هذا النوع من الأسلحة من لحظة تعيينه قائدا لوحدة صواريخ حزب الله مطلع ٢٠٢٠.
وقد هدفت زيارته الأخيرة لصنعاء الى رسم خطة تصعيدية للهجمات في البحر الأحمر والفرقعات الصاروخية الموجهة الى إسرائيل، وللذهاب بتلك الهجمات الى ماهو ابعد من مجرد التحرش والمشاغلة، وإلى مايمكن ان يلفت الأنظار بجد تجاه المخاطر الناجمة عن اشتعال المواجهات في البحر الأحمر للتنفيس عن الضغط الذي أشتد وأحتدم على المعقل الرئيسي لحزب الله في الضاحية الجنوبية.
الواضح ان القائد الأعلى للميليشيات الإلهية في بيروت راهن على “إسناد الساحات”، وعلى مَدَدٍ من”شيعة الشوا ع” في اليمن بالدرجة الأولى، ضمن تَصَوُّر أن التصعيد في البحر الأحمر وتهديد حركة الملاحة الدولية، ومناوشة واستهداف البوارج والأساطيل الأمريكية والغربية يمكن ان يخفف من الإختناق والإحتراق بلهب نيران الهجمات الإسرائيلية الوحشية التي لم تخفّ، هذه المرة، انها سوف تتجاوز كل “قواعد الإشتباك” والخطوط الحمراء، بالذهاب الى الإجهاز على رأس الحربة شخصيا.
انه الرهان الخاسر والمتأخِّر. وقد كان التوسل بحبلِ نجاة من اليمن اشبه بتعلق الغريق بقشِّهِ، واتضح ان زيارة المبعوث الخاص للسيد حسن إلى صنعاء كانت مرصودة من قبل الَمخابرات الإسرائيلية التي تعقَّبت أَثره وسارعت الى استقباله حين عاد إلى بيروت بقطف رأسه قبل ان يقدم التقرير النهائي الى السيد حسن عن زيارة صنعاء.
هنالك من لا يستبعد ان الزيارة تضمَّنَت البحثَ عن ملاذات آمنة، مؤقتة، لقيادات بارزة في الحزب، ومن لا يستبعد ان رسالة ما وصلت من صنعاء الى المخابرات الإسرائيلية حول تحركات “سرور”، فالجماعة الحوثية عبارة عن مرتزقة مخترقين بمرتزقة، وذلك هو حال كل المليشيات العابرة للحدود، ومآل البلدان في حالة إبدال المليشيات بالجيوش.
لقد ارتعدت فرائص السيد عبدالملك وجماعته بعد الإعلان عن مقتل سرور ثم مقتل حسن نصر الله، واصابتها هستيريا الإرتياب، واقدمت على إعتقال المئات من اليمنيين بعد ان اعتقلت جل العاملين َمع الهيئات الإغاثية والخيرية والأَممية بزعم التجسس لإسرائيل وبريطانيا وامريكا و….. الخ.
وعلاوة على هستيريا الإرتياب، التاثت الجماعة بجنون العظمة وغدت تتصرف كقوة عظَمى، وتتباهى بَمنازلة القوى الكبرى. ودخل الَمكرُ الإيراني على الخط حينما سارعت المواقع ووسائل الإعلام الإيرانية، وقبل ان يُوارى السيد حسن الثرى، الى تمجيد دور البطل عبد الملك “سيد الجزيرة العربية” و”اليماني الموعود” و”الموعود بنحر اليهود” و”زعيم الشيعة العربية”… إنهم يسوقون الرجل كـ”خروف العيد”. ومن الراجح ان يندفع الى ارتكاب حَماقات لا تخطر على بال، وأن يدفع باليمن الى كارثة ماحقة تتحدى الخيال، فهو أحمق ويتمتع بغباء إلهي مطلق.
الفادح في كل هذا ان الرجل صار من علامات الساعة العربية، ما يؤشِّر الى ان حالة العرب بلغت حدود رثاثتها القصوى، ومن عجائب آخر الزمن ان يلجأ “سيد الََمقاومة” الى اليمن!!!.