في قضية تهديد الناشطة غادة جمشير ومحاولة التجسس عليها:
تابع مركز البحرين لحقوق الإنسان ما نشرته جريدة الأيام اليوم حول رد الوكيل المساعد للشئون القانونية بوزارة الداخلية بشأن تلقي الناشطة النسائية غادة جمشير تهديدا بالقتل وكشفها لمحاولة وزارة الداخلية زرع جهاز تجسس في منزلها. ويثمن مركز البحرين لحقوق الإنسان تصريح العقيد محمد بوحمود بأن وزارة الداخلية ” تولي اهتماما بالغا حيال ما نشر، خاصة أن ما حملته الشكوى من ادعاءات تحمل معها قدرا من الخطورة – إن صحت- كما إنها حملت بين طياتها اتهاما صريحا لأجهزة الأمن بالتجسس على المواطنين وهو ما يخالف أحكام الدستور والقوانين التي كفلت حماية الحرية الشخصية وحرمة الحياة الخاصة للمواطنين من أي انتهاك..” وطلب الوكيل المساعد للوزارة من الناشطة غادة جمشير “تقديم بلاغ رسمي يتضمن تحديد الأشخاص الذين أشارت إليهم بشكواها حتى يتسنى إجراء اللازم لكشف حقيقة الواقعة وملابساتها”
إن مركز البحرين إذ يدرك أهمية اللجوء للقضاء، وبأن قرار التقدم بشكوى يرجع لصاحبة القضية نفسها، إلا أن المركز لا يستطيع أن ينصح بذلك، كما كان يفعل عادة في قضايا مشابهة في الماضي، وذلك للنتائج السلبية أو العكسية التي آلت أليها تلك القضايا، والتي تكشف افتقاد التحقيقات والنيابة العامة للنزاهة والحياد، خصوصا حين يتعلق الأمر بالمعارضين أو المدافعين عن حقوق الإنسان. وقد كشفت قضية تعيين 15 من وكلاء النيابة الجدد مدى الفساد وانعدام النزاهة في الجهاز القضائي والنيابة. كما رصد التقرير السنوي لممارسات حقوق الإنسان الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية في مارس 2007، عدم استقلالية القضاء في البحرين ووجود ادعاءات بشأن الفساد فيه. علما بأن الإدارة الأميركية هي من يقوم بتأهيل القضاء البحريني. ونستعرض فيما يلي بعض التجارب المريرة نتيجة الاستعانة بالتحقيقات أو النيابة حين يتعلق الأمر بالاعتداءات على المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
فقد بذل المركز مجهودا كبيرا لإقناع موسى عبدعلي، 25 عاما، عضو لجنة العاطلين، بالكشف عما تعرض له من اعتداء جنسي وجسدي بتاريخ 28 نوفمبر 2005، وتقديم شكوى بذلك الشأن. وقد تدخل وزير الداخلية شخصيا في القضية وقابل الضحية وعائلته بحضور نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، و أعطى الوزير ضماناته باتخاذ الإجراءات اللازمة لكشف القضية. ولكن ما قامت به النيابة كان إساءة معاملة الضحية، والضغط على الشهود، ومنع المحامي من حضور الجلسات، والامتناع عن تسجيل أية إفادات تتعلق بالجهة المتهمة بالاعتداء، والسعي للتشكيك في وقوع الاعتداء الجنسي قبل الانتهاء من التحقيق في القضية. كل ذلك دفع الضحية إلى تجميد التعاون مع النيابة. وقد تعرض موسى بعدها للاعتقال بتهمة المشاركة في اعتصامات غير مرخصة، وبعد الإفراج عنه غادر البلاد إلى أوربا هربا من الملاحقات التي لا زالت تطال زملائه في لجنة العاطلين.
كذلك طلب مركز البحرين لحقوق الإنسان من عباس عبدعلي، 28 عام،– وهو شقيق موسى المذكور في القضية السابقة- أن يقدم بلاغا للنيابة بعد تعرضه إلى ضرب على رأسه وجسده كاد يفضي به إلى الموت وذلك بتاريخ 6 يوليو 2006. وقد انكشفت دلائل واضحة تتعلق بهوية الجناة من خلال التفاصيل والشهود الذين قدمهم رئيس التحقيقات العامة للصحافة. وبدلا من جلب الجناة للتحقيق والمحاكمة تم اعتقال وسجن المجني عليه لمدة ثلاثة اشهر بتهمة تقديم معلومات غير صحيحة اتهم فيها رجال أمن ملثمين بالاعتداء عليه. ثم تم مساومته لإطلاق سراحه وإرجاعه لعمله بوزارة الداخلية مقابل التنازل عن القضية. وعندما تنازل عن الشكوى تم إطلاق سراحه ولكن لم يتم إرجاعه للعمل، ولم تجلب التحقيقات أو النيابة العامة المشبوهين للتحقيق، والذين تبين من خلال ملف القضية وشهود الإثبات ضد عباس بأنهم أقرباء لضباط في الأمن والتحقيقات.
وقبل هاتين القضيتين ، في 19 يونيو 2005- تقدم اكثر من عشرين شخصا بشكوى إلى النيابة العامة قدموا فيها دلائل و إثباتات على تعرضهم للاعتداء الجسدي الجماعي من قبل قوات الأمن الخاصة، مرة أمام الديوان الملكي و أخرى في مركز أمن الرفاع وبحضور ناشطين سياسيين وأعضاء في البرلمان والمجلس النيابي. وقد رفضت النيابة طلب لضحايا الاعتداءات الحضور إلى المركز الأمني لمعاينة الوقائع، وتم إقناع الضحايا بالتوجه للنيابة، حيث تم عرضهم على الطبيب الشرعي واخذ إفاداتهم المفصلة. ولكن النيابة لم تحرك القضية حتى الآن. بل وتكررت الاعتداءات فيما بعد من قبل القوات الخاصة على الاعتصامات وكان الذي يعتقل ويحاكم دائما هم المعتصمون الذين دائما يكونون قد تعرضوا إلى الضرب المبرح أثناء الاعتقال. ولم يتم التحقيق حتى هذا اليوم في أية شكوى ضد قوات الأمن.
وفيما يتصل بحملات تشويه سمعة المعارضين وناشطي حقوق الإنسان بواسطة الرسائل البريدية والهاتفية، فقد تقدم رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان بشكوى رسمية في مركز أمن الخميس قبل اكثر من عام حول تعرض زوجته لمضايقات مستمرة عبر الرسائل النصية، وقد قدم عبدالهادي الخواجة للشرطة رقم الهاتف النقال واسم صاحبه الذي تبين بأنه يعمل بوزارة الدفاع. ولم تحرك النيابة ساكنا بذلك الشأن. كما تقدم نبيل رجب، نائب رئيس المركز بشكوى إلى النيابة قبل عامين، وقد كشف تقرير البندر لاحقا عن أسماء الأشخاص الذين كانوا يقومون بتلك الحملات، وبدلا من تحريك القضية ضدهم تم جلب رجب للنيابة الاسبوع الماضي بتهمة القذف ضد أحد هؤلاء الذين ورد اسمهم في تقرير البندر.
إن مركز البحرين إذ يبدى قلقه الشديد من عدم توفر حق التقاضي العادل والحماية القضائية للضحايا والشهود، بما في ذلك في القضية الأخيرة المتعلقة برئيسة لجنة العريضة النسائية غادة جمشير، فانه يطالب بإصلاح القضاء والنيابة، والتحقيق بشكل مستقل ونزيه في التهديدات التي تتعرض لها جمشير وغيرها من الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان.