يحلو للبعض ترديد عبارة: “إنني ترددت كثيرا قبل كتابة هذا المقال”. ودائما كنت أقول فيما التردد أليس كل كاتب حر في فيما يكتبه؟، والقارئ حر فيما يقرأ وفيما يجهله والقارئ أيضا له حق التعليق على أي مقال الآن، وتشهد صفحات هذا الموقع على ذلك. ولكني تيقنت الآن أن هناك بعض الكلمات التي يتردد الإنسان في كتابتها، ولعل الكلمات الآتية خرجت مني بعد تردد شديد ودائم
ذلك التردد له شقّان: الأول أنني سأبين حبي الشديد للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وأرفض أن يهاجمها أحد (مع الأخذ في الاعتبار من هي الكنيسة وما هي؟) وهو ما سيدعي البعض أن يقول إنني أنافق الكنيسة وأتراجع؛ لأني خائف من المنع والحرمان والقطع. والشق الثاني أنني سأبين اعتراضي على بعض أفعال كمال زاخر الذي يظن البعض أنني أتبع طريقه في التفكير والكتابة دون أن يدرك البعض أنني صحفي محايد ليس أكثر وليس ضد الكنيسة أو مع كمال زاخر. وإني في كل الأحوال لا أحب أن يكفر كمال زاخر أحدا أو أن تكفر الكنيسة أحدا
فكمال زاخر شخص غيور على الكنيسة وعلى قداسة البابا شنودة الثالث، وأعلم جيدا-خلال جلساتي الكثيرة معه- كم الحب الذي يكنه كمال زاخر للكنيسة ولشخص البابا الذي يعتبره كمال زاخر أنه الوحيد القادر على إصلاح الكنيسة لولا من حوله وأكرر لولا من حوله. وأتأكد أن مشكلة كمال زاخر مع الكنيسة مع من يلتف حول البابا شنودة ومنهم أساقفة كبار يتولون مناصب عليا داخل الكنيسة، ولولا هؤلاء لكان كمال زاخر الآن يحسب ضمن رجال البابا شنودة أمثال الكثيرين. ولكن الفرق بينه وبين هؤلاء أن الوقوف بجانب البابا سيكون بسبب حبه للكنيسة وغيرته عليها وليس لمنفعة أو مصلحة.
ورغم ذلك فلم يعجبني لقاء الإشكاليات الكنسية -رغم أنني شاركت فيه- لسبب واحد وهو سيطرة الإعلام عليه وتكالب الفضائيات على هذا اللقاء واستغلال البعض له في الترويج لأنفسهم كأنهم أحباب الكنيسة أو الترويج لأنفسهم كأنهم حماة العلمانية دون أن يعلموا أن العلمانية لا تعني أن يكون العلماني ضد الاكليروس.
وأعتقد أن كمال زاخر هو السبب في هذه السيطرة الإعلامية سواء عن قصد أو دون. هذا ما أعاتب عليه كمال زاخر. ولكن ذلك ليس معناه أن أعقد له محاكمة عبر وسائل الإعلام وأن أطلق عليه لفظ المفكر المزعوم أو عدو المسيح أو الكافر أو المهرطق أو الخائن والعميل. وما قاله كمال زاخر على قناة دريم خطأ، ورغم إدراكه الشديد لما يريد الناس الذين يلتفوا حول البابا أن يوقعوه فيه إلا أنه سقط في بئر هؤلاء.
الغريب أنه بعد هذا اللقاء على قناة دريم، كتب معظم الكتُاب مقالات كثيرة ضد كمال زاخر وجورج حبيب بباوي-الذي أخطئ خطأ فادحا بتكفير البابا شنودة الثالث- واصفين زاخر بأنه ضد الكنيسة، كما شن عليه الكثيرون هجوما عنيفا بعد لقائه الأخير في دريم لأنه(شتم) قسيس دون أن يكتب هؤلاء الكتُاب أي شيء على ما يقوله بعض الأساقفة الذين يريدون بالكنيسة أن تمر بما مرت به كنائس أوربا في العصور الوسطى، من قمع وعزل وفرز وقطع.
العيب أن كمال زاخر يتصرف بحرية في مجتمع لا يعرف الحرية، وأنه خسر معظم الناس الذين أقتنعوا بآرائه حين حاول أن يرد على من يلتفون حول البابا شنودة الثالث، غير مدرك أن الهدف هو أن يسقط في طريقتهم التي تكفر وتحرم وتمنع. وأعرف أن من يلتفون حول كمال زاخر الآن يحاولون تهدئة عقله وقلبه ويمنعوه من الانزلاق إلى بئر الأشرار.
لا أحد بالطبع يوافق أن يتم تكفير البابا شنودة كما فعل الدكتور جورج حبيب الذي خسر نضاله بعد أن كتب ما كتبه في دراسته للرد على البابا شنودة، ولا أحد بالطبع يوافق أن يتم تكفير كمال زاخر أو غيره. فمبدأ التكفير مرفوض وعلى الكتُاب أن يرفضوا ذلك. أن يرفضوا تكفير الناس لأحد وأن يرفضوا تكفير البابا شنودة أو أحد الأساقفة لأحد. وأن ينشر الكتُاب الحب الذي هو بلا شروط، لا أن ينشروا كتابات تزيد الموقف اشتعالا. وذلك في حب كمال زاخر وحب في الكنيسة القبطية. وأتمنى أن تصل مصر ليوم يقول فيه من على خلاف مع كمال زاخر أنهم يحترموه وأن يقول كمال زاخر أنه يجل من يختلف معه.
samhssamy@yahoo.com