الله والوطن…
في تلك الغرفة.. تلاقى الله والوطن….
لم تكن همهمات الشباب تصلني.. لكن زئير الوحوش يغلف أصابعهم…. ينفخ في أنوفهم…… ينضح الإصرار من أحداقهم..
الشابات الجميلات…. ليس بالعيون المكحلة….. ولو أن هبوب الثورة مسح الأجفان بنشوة الحرية فازهرت بساتين الخوخ على الوجنات……
فاطمة.. أصبحت أجمل.. وذلك الحجاب الأبيض… كأنك سرب حمام.. يعدنا باستعادة الوطن والسلام……….
لم يقل عامر لفاطمة كم هي جميلة…. أسند يده على الجدار وهي تشرح اقتراحها حول مكان وزمان التظاهرة القادمة..
سوزان….. رائعة عندما تتحول كالجمرة تصلي القلوب وتستنهض الشباب بهتافاتها المدوية..
نعيم……. المعلم…. الأب……… الصديق…… على هذه الطاولة…. كتب رقم هاتفه لأول مرة ليوزعه على الشباب……. واستعاد بهم ومعهم…. إشراقة البشر. … صوت الإنسان….. اكتشف أن سنوات السجن العشر في أقبية الاستبداد.. ليست هدرا عندما يستيقظ على مخاض الوطن.. لتولد ثورة…. يا مرتسم القدر على الجبين…… يا بقايا السنوات.. تتفتح غضونا حول الشاربين الخفيفين……. كتلة الشيب الهادرة على رأس كنز الكثير من حكايات وطن…….. أمام هؤلاء الشباب… آن أوان عصف الذاكرة……
نور…. نور على نور……. طفلة بهيئة امرأة.. تشمر عن ساعديها. . وتمسك القلم….. ترسم خطوطا.. تترجم افكارها على الورق الأبيض. .. بالطريقة ذاتها التي ترسم بها صورة الحقل ووالدها في موسم الحصاد….. يطير شعرها الناعم فتلمه خلف أذنيها الصغيرتين..
عمار يا وريث آدم………. يا حبيب حواء…….. لكن حواءه تمتد من مرسين للجولان…. لعينيك سوريا….. لترابك روحي….. لوجهك عسى أن ينطلق من أسره…. دمي………….. يحمل عمار الصينية. . رائحة الشاي المغلي تعبق بأنفه…. تأخذ ربا الإبريق…..
على الطاولة أوراق متناثرة. . تسجل ربا تراويح كل يوم وطقوسها الجديدة على عمر الشعب المحروم من علاقته الحقيقية مع الله والبشر.. وعند الشهيد يتلاقى الله والبشر..
رمضان………. …. هذا العام. …. انتظرك الجميع….. كل الأحرار في وطني..
تنظر ربا لوجه عمار الملتف بحرارة الشمس في نهار شاق على معدة فارغة وتسأله:
لماذا وأنت صائم؟؟
لأن سورية ليست كلها صائمة. .
المجرمون أرادوا أن نختلف في الله ليسرقوا الوطن…. نحن اهتدينا لطريق العبادة والإنسان.
يحيا الإنسان..
اشربوا يا أصدقائي. ….. يا شركائي في الوطن والثورة….. اللهم إني صائم…. بيني وبينكم الأرض. …… أما السماء فلكل طريقه نحوها………. وكلنا نقف اليوم على سلم الشهادة…
عندما قلناها………. يد واحدة…… وطن واحد…….. تحيا الوحدة الوطنية…….. راهن الأوغاد على اختلافاتنا…… نفخوا في أبواق الطائفية ونيرانها…. وعندما فعلناها أغشاهم الجنون واقتراب النهايات…… تأكدوا أننا معا لنسترد سورية….. أمعنوا بقتلنا….. ذبحونا….. بسلامنا ووحدتنا ومحبتنا لبعضنا…….. لكننا بالكل من أجل الوطن سننتصر. .. الله الوطن……… الإنسان..
mais.krydee@gmail.com
* كاتبة سورية