“أ ف ب”-
“كنت اتمنى ألا يمر الدستور لكي يقف الحزب الحاكم عند حده”.. بهذه الكلمات يعكس فيكتور فهيم مخاوف الاقباط المصريين من ان يؤدي اقرار الدستور الى تكريس هيمنة الاسلاميين في البلاد.
واقر مشروع الدستور الذي وضعته جمعية تاسيسية يهيمن عليها الاسلاميون ورفضته الكنيسة القبطية، باغلبية 64% تقريبا من المقترعين، وفقا للنتائج شبه الرسمية التي اعلنت الاحد.
واعلن البابا تواضروس الثاني، بطريرك الاقباط، الذين يمثلون ما بين 6% و10% من 83 مليون مصري، معارضته الصريحة للمادة 219 المستحدثة في الدستور لتفسير المادة الثانية منه التي تنص على ان “مبادىء الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع”.
وتنص المادة 219 على ان “مبادىء الشريعة الاسلامية تشمل ادلتها الكلية وقواعدها الاصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب اهل السنة والجماعة” وهي بذلك تفتح الباب، وفق الكنيسة والمعارضة المصرية، لاكثر التفسيرات تشددا للشريعة.
ومثل غالبية اقباط المنيا، الذين يشكلون اكثر من 20% من عدد سكان المحافظة البالغ نحو اربعة ملايين نسمة، لا يستطيع فيكتور فهيم (32 سنة) الذي يعمل وكيلا لاحدى شركات المواد الكيماوية، ان يشرح اسباب رفضه للدستور او ان يحدد المواد التي يعترض عليها، لكنه يقول انه “واثق بان هذا الدستور ستكون له اثار سلبية” وبان الاقباط، الذين كانوا يشتكون من التمييز في عهد حسني مبارك، “سيواجهون مشاكل اكبر” تحت حكم الاسلاميين.
ويضيف فهيم بمرارة “انا كمسيحي لا اشعر بالامان وعند اول فرصة (عمل) في الخارج ساغادر البلد بالطبع” خصوصا انني “ارى من حولي مسلمين عاديين لم يكن لهم اي علاقة بالحركات الاسلامية يطلقون الان لحاهم في محاولة للتقرب من السلطة الحاكمة لتحقيق مكاسب شخصية من وراء ذلك”.
وتعد المنيا مهد الحركات الجهادية التي خرج منها منفذو عملية اغتيال الرئيس المصري الاسبق انور السادات في العام 1981 وكانت بؤرة العنف الاسلامي في تسعينات القرن الماضي وشهدت خلال العامين الماضيين مواجهات طائفية عدة.
وفي ظل اجواء الاحتقان التي خلفتها هذه المواجهات، يبدو التوجس حاضرا فكاهن مطرانية الاقباط الكاثوليك يرفض بتهذيب اي حديث في السياسة ويقول “اعتذر لا استطيع ان ادلي بتصريحات للصحافة” من دون ان يوضح اسباب التزامه الصمت.
ولدى خروجها من هذه الكاتدرائية، تكلمت سيدة شابة بكثير من التردد والحذر لكنها رفضت ان تعطي اسمها. وقالت “لم اصوت ولا احب ان اتحدث في السياسة ليس لانني خائفة ولكن لانه لا جدوى من ذلك فهناك الان رئيس (اسلامي) سيتخذ ما يشاء من قرارات وستتطبق على الكل سواء اردنا او لم نرد”.
كثيرون مثل هذه السيدة اكدوا انه لم تكن لديهم اي اوهام ولذلك لم يجدوا حافزا للذهاب الى مكاتب الاقتراع.
من بين هؤلاء مارلين التي اكدت انها لم تصوت “لانه لم يكن لدي اي دافع كي انزل واذهب الى مكتب الاقتراع فالنتيجة محسومة مسبقا والتزوير تم في المرحلة الاولى” للاستفتاء التي جرت في عشر محافظات في 15 كانون الاول/ديسمبر الجاري “مع ذلك اعلنت النتيجة ولم يتحرك احد لوقف التزوير”.
وكانت المنيا ضمن المحافظات ال 17 للمرحلة الثانية من الاستفتاء التي جرت السبت الماضي.
واضافت هذه السيدة القبطية التي تبلغ الخامسة والثلاثين من العمر وتعمل بائعة في محل، “الدستور سيء جدا ولا يضمن حقوقنا واثره سيكون سلبيا بالتأكيد”، لكنها تداركت بسرعة “انا كمسيحية لست خائفة لانني لا انظر الى ما يحدث على الارض وانما الى ما يحصل في السماء”.
وتابعت “رغم كل شيء انا متفائلة لان زمام الامور في يد الله”.
مسيحيون اخرون، مثل مرزق، فضلوا المشاركة في التصويت رغم انهم كانوا مقتنعين كذلك بان النتيجة معروفة سلفا.
واكد مرزق وهو موظف صغير في وزارة الصحة “ذهبت وقلت رأيي رغم انني اعرف انه لن يؤخر ولن يقدم لان الاسلاميين يريدون تطبيق الشريعة حتى على المسيحيين”.
اما زوجته ماريان (25 سنة) التي ادلت بصوتها كذلك فتقول بتصميم “اذا حاولوا تطبيق الشريعة وفرض الحجاب علينا فانني بالتأكيد لن ارتديه”.