في الذكرى 5 للإنسحاب: دمشق تتمادى بالتدخّل وباريس توفد “غيان” للإحتجاج

1

بيروت الشفاف وجدي ضاهر

نشرت صحيفة “الاخبار” التابعة لحزب الله خبراً بشأن الاستياء السوري من مندوب لبنان في الامم المتحدة ومجلس الامن السفير نواف سلام. فقد اوردت الصحيفة امس انه “سَمع أكثر من مسؤول لبناني كلاماً سورياً رفيعاً عن ضرورة تغيير رئيس بعثة لبنان إلى الأمم المتحدة السفير نواف سلام الذي يصعب التعاون معه، ويتعامل مع محمد شطح كما لو أنه وزير للخارجية».

وعطفاً على “الخبر” المذكور، فقد اشارت معلومات العاصمة اللبناية ان الاستياء السوري يطال كذلك رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة، وان هناك من اوصى الحريري بشطب السنيورة كليا من الحياة السياسية اللبنانية كي تستقيم العلاقات مع دمشق. والحريري مُطالَب بعزله من جميع المسؤوليات التي يقوم بها سواء في تيار المستقبل او على رأس الكتلة النيابية!

وإزاء هذه الضغوط السورية رأى مراقبون ان دمشق عادت لتجمع ما تستطيع من اوراق على الساحة اللبنانية بعد ان بدا ان المجتمع الدولي والعربي سهّلا للنظام السوري الاستفراد بالساحة اللبنانية من باب الإقرار بمصالحه في لبنان، الامر الذي اعتبرته دمشق تفويضا جديدا لترتيب الاوضاع على الساحة اللبنانية على طريقتها القديمة.

وفي هذا السياق نقلت مصادر التقت وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط في بيروت عن الاخير تأكيده ان لا عودة سورية الى لبنان ولكن الشأن اللبناني لا يدخل في سلم اولويات الاهتمامت المصرية. وقال أبو الغيط ان مصر لديها حدود مع فلسطين وإسرائيل والملف النووي الايراني وشؤون “المملكة السودانية المصرية” والحدود مع ليبيا وخمسة وعشرون مليون طالب مصري يتوجهون يوميا الى مدارسهم، وهذا إضافة الى العلاقات السورية- المصرية واللبنانية- المصرية، مشيرا الى الاسد مرحب به في القاهرة من دون ان يعني ذلك ان هذه الزيارة ستتم اليوم او غدا حسب ما قال الوزير المصري.

المصادر سمعت كلاما ملتبسا من ابو الغيط بشأن إحتمالات الحرب على لبنان او سوريا او الاثنين معا. فهو اشار الى ان الحرب ليست واردة حاليا وما نسمعه تهويل لا صحة له، إلا انه لاحقا قال “إن الحرب ممكنة الوقوع في اي لحظة مشيرا الى ان المنطقة تعيش على فوهة بركان”!

وانطلاقا من كل ذلك تسعى 8 آذار الى الامعان في إضعاف موقف الحكومة اللبنانية ورئيسها سعد الحريري. ومع ان هذه القوى تشارك في الحكومة، إلا أنها تسعى الى تدمير مواقع القوة الحريرية تباعا ولدى توفر اي فرصة. حيث عمد حزب الله الى اعتماد سياسات متناقضة ي الانتخابات البلدية والاختيارية إزاء “تيار المستقبل” الذي سعى الى عدم خوض اي انتخابات تحت اي مسمى او شعار سياسي حرصا على تغليب الطابع الانمائي المحلي لهذه الانتخابات وخشية إفتعال معارك سياسية جانبية لا يسمح الوضع الداخلي الحالي بخوضها.

ولكن حزب الله اعتمد سياسة الاتفاق مع الحريري حيث يستطيع، ويعمل حاليا، تحت ستار مسميات “المطالب العونية” للتمثل في بلدية بيروت، الى استدراج “تيار المستقبل” الى معركة بلدية سياسية بامتياز.

مراقبون لبنانيون اعتبروا ان رفع سقف المطالب العونية، على جري العادة، هدفه دفع “تيار المستقبل” الى عدم القبول بها، وتاليا فتح معركة انتخابية في بيروت في ظل الوضع الحالي الصعب لتيار المستقبل، مالياً وسياسياً. فكما اصبح معلوما ان التيار يعاني منذ مدة من ضائقة مالية إنعكست سلبا على إداء بعض المؤسسات التابعة له، كما ان السقف السياسي لحث الناس على النزول والمشاركة في الانتخابات يتراجع طردا منذ زيارة الحريري الى دمشق.

ويشير المراقبون الى ان الحريري، الذي يخضع في كل شاردة وواردة من تحركاته السياسية والحكومية لمراقبة سورية مشددة تحاسب على الفواصل والنقاط في خطابات الحريري، لن يكون قادرا على رفع السقف السياسي لحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات، ما يعني انه سيستعيض عن السياسة بالمال غير المتوفر حاليا. ومؤدّى ذلك جر الرئيس الحريري الى مأزق مع جمهوره في مقابل الصناديق الايرانية والمال “النظيف” و”الشريف” الذي يتدفق على حلفاء ايران بغزارة تدفق الاسلحة، ومقابل تفلّت الخطاب السياسي لقوى الثامن من آذار في السياسة الداخلية والخارجية على حد سواء.

وإنطلاقا مما سبق تشير المعلومات الى ان الرئيس الحريري بدوره لا يستعجل اي امر، وهو ادرك اهمية الوقت في لعبة “عض الاصابع مع النظام السوري وحلفائه اللبنانيين”. فهو يسعى الى قيادة البلاد “بالممكن” واعتماد سياسة الحد من الخسائر مع دمشق في انتظار الوقت المناسب الذي يتيح السير قدما بعلاقات ندية مع بين لبنان وسوريا.

إستياء فرنسي من دمشق

وفي سياق متصل تضيف المعلومات ان السطات الفرنسية ابدت استياءها من التدخل السوري المتمادي والسافر في الشأن اللبناني بما يخالف الوعود الدمشقية لباريس بالتعاطي الايجابي مع لبنان ووقف التدخل في شؤونه الداخلية. واعلنت عن زيارة يقوم بها مستشار الرئيس الفرنسي كلود غيان الى دمشق لبحث الاجندة التي اعلنت دمشق التزامها لبنانيا واقليميا من اجل اعادتها الى حضن المجتمع الدولي.

1 تعليق
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
ضيف
ضيف
14 سنوات

في الذكرى 5 للإنسحاب: دمشق تتمادى بالتدخّل وباريس توفد “غيان” للإحتجاججمال — petra1973@hotmail.fr الكلمة الأوجز لمسلسلات التراجيديا المستنقعية اللبنانية، البارحة اللامتناهية، تبقى كلمة الرئيس الفرنسي السابق شيراك : إما الكيان العائلي الأسدي، وإما الجمهورية اللبنانية. مقوّمات الكيان العائلي الأسدي وسبل بقائه على قيد الحياة : في الداخل، شبكات المخابرات وامتداداتها من معتقلات واغتيالات وإخفاءات؛ وفي الخارج، طوق الأمان الإسرائيلي، وإمداداته الإبقائية الأمريكية، والإثنتان تتغذّيان من ثدي العدم العربي (الجبن، أو التواطؤ، والأرجح الإثنان معاً)، والنمطية السياسية الخارجية الأوروبية، “الواقعية”، بما ينخلط فيها من سذاجة واستِنهام المصالح. لا إرادة مرسومةً بعد، لا في لبنان، وطبعاً لا في سورية، ولا في لبنان-سورية… قراءة المزيد ..

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading