اتهم مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، جيفري دي فيلتمان، من وصفهم بأصدقاء سورية في لبنان «بتقويض الاستقرار» في لبنان، وقال إن الولايات المتحدة في تحركها الدبلوماسي الأخير حيال المحكمة الخاصة بلبنان أبلغت سورية وإيران أنهما ليستا الدولتين الوحيدتين المعنيتين بشؤون لبنان، وأكد في هذا السياق أن المحكمة الدولية مستمرة في عملها «مهما أثار حزب الله من ضجيج وتهديد».
* أصدرت الإدارة (الأميركية) كثيرا من التحذيرات بشأن لبنان، لكن ما الذي تفعله الولايات المتحدة وحلفاؤها على أرض الواقع بخصوص لبنان؟
– يعاني لبنان حاليا من انقسامات. هناك، داخل البلاد، انقسامات سياسية عميقة. ومن الواضح أي الأطراف تساندها سورية وإيران. لذا أعتقد أنه من المهم بالنسبة لنا، وكذلك بالنسبة لأصدقاء لبنان الآخرين، إظهار أن الجانب الآخر لا يعاني فراغا. وأنا هنا أتحدث عن الدولة، وليس أنصار «14 آذار» فحسب (القوى السياسية المناوئة للتدخل السوري). وبمقدور واشنطن والدول الأخرى الأعضاء بالأمم المتحدة إظهار نجاح هذه السياسة لتحقيق مصلحة الدولة.
وبالنظر إلى الرسالة التي نقلتها من الرئيس أوباما إلى الرئيس (ميشال) سليمان، والاتصال الهاتفي الذي أجرته هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، بالرئيس سليمان، والمشاورات التي عقدناها مع أصدقائنا الإقليميين والدوليين، والتصريحات الصادرة عن السفيرة سوزان رايس في نيويورك في 28 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، نجدها جميعا أمثلة على جهود الولايات المتحدة، كي نثبت لسورية وإيران أنهما ليستا الدولتين الوحيدتين المعنيتين بما يدور في لبنان.
وقد جرت مشاورات ومحادثات هاتفية ومناقشات على مستويات عليا في الحكومة اللبنانية والكثير من الحكومات الأخرى. وقد ظهرت بعض القضايا المشتركة، منها الإقرار بأن المحكمة الخاصة المنعقدة بشأن لبنان لن تحل. وأعتقد أن هذه رسالة عمدت المحكمة الخاصة والأمين العام لمجلس الأمن على توصيلها بوضوح. ومهما أثار حزب الله من ضجيج وتهديد ووعيد، فسيستمر عمل المحكمة الخاصة. وقد ركز جزء من الجهود التي بذلناها على تعزيز هذه الرسالة، وهي أن المحكمة الخاصة ستمضي في عملها. ودار جزء آخر من جهودنا حول أنه إذا كانت هناك دولة أو شخص ما مهتم حقا بالحفاظ على استقرار لبنان، فإنه ليست هناك من إمكانية اختيار بين العدالة والاستقرار. إن هذا ليس سوى اختيار زائف، ذلك أن لبنان، مثل أي دولة أخرى، بحاجة لكلاهما.
* ما عواقب السلوك الإيراني والسوري؟
– قالت سورية إنها في حاجة لعلاقات ثنائية أفضل معنا. ونحن من جانبنا نود إقامة علاقات ثنائية أفضل معها. وقد اتخذت سورية والولايات المتحدة بعض الخطوات المتواضعة للنظر فيما إذا كان يمكن تحسين العلاقات الثنائية بينهما، لكن هذه الجهود لا يمكنها قطع شوط كبير، طالما أن أصدقاء دمشق يقوضون الاستقرار في لبنان. وقد أوضحنا هذا الأمر تماما للسوريين. إن ما يفعله أصدقاء سورية بلبنان له ثمن ستتكبده إمكانات علاقاتنا الثنائية. وقد أعلنت سورية أنها تأمل أن تتحقق توقعاتها الإقليمية عبر اتفاق سلام مع إسرائيل، وأنها تعترف بالدور الأساسي الذي نضطلع به من أجل تحقيق ذلك. إن إقرار سلام شامل بالشرق الأوسط يخدم المصالح الوطنية الأميركية. وأعتقد أن ما سبق يوحي بأن سورية مهتمة بتحسين علاقاتها بنا. إلا أن مصالحنا المتعلقة بعقد سلام شامل لا تعني أننا سنقدم على مقايضة مصالحنا في العراق أو لبنان بتقارب مع دمشق.
وقد حاولنا اختبار مقترح إمكانية أن تضطلع سورية بدور بناء في المنطقة، لكن ما يفعله أصدقاء دمشق في لبنان يقوض الحجة السورية القائلة بأن لسورية ذاتها مصلحة قوية في استقرار لبنان.
* يعتقد البعض أن طهران تحصد مزيدا من المكاسب داخل المنطقة حاليا، وهذا هو السبب وراء غياب اهتمام دمشق بتحسين علاقاتها بواشنطن، خاصة أن إدارة أوباما عاجزة حتى عن إقناع إسرائيل بوقف بناء المستوطنات.
– هل يعتقد السوريون حقا أن الإيرانيين قادرون على مساعدتهم على استعادة الجولان؟ أعتقد أن هذا أمر غير محتمل. إنني لا أنفي المصاعب القائمة أمام جهود إقرار سلام في الشرق الأوسط. من الواضح أننا جابهنا عقبات في سياق محاولاتنا إعطاء زخم لعملية التفاوض.
إلا أنه بالنسبة للسؤال الذي طرحته حول إيران، دعنا أولا نذكر دولة لم تذكرها، على الرغم من ورود اسمها كثيرا عند الحديث عن إيران، وهي العراق. لقد سمعت أناسا يقولون إن إيران تحرز انتصارا في العراق. نظرت في الأمر ولم أر ذلك. لقد حاولت إيران بناء جبهة موحدة للشيعة في الانتخابات، وفشلت. وحاولت توحيد الشيعة كافة وراء مرشح واحد لرئاسة الوزراء، وفشلت. وعند النظر إلى الوراء، نجد أن طهران حاولت منع العراقيين من الموافقة على الاتفاق الأمني واتفاق إطار العمل الاستراتيجي. وبذلك أسمع أحاديث حول نصر مزعوم تحققه طهران داخل العراق، لكنني لا أرى أي حقائق تدعم هذا القول.
وظهر الكثير من التحليلات حول زيارة أحمدي نجاد للبنان، ولكن أعتقد أنه يلجأ حاليا إلى العادة الأزلية للحكام عندما يجابهون مشكلات في الداخل، حيث يميلون حينها إلى محاولة الانشغال بالسياسة الخارجية والقيام بجولة خارجية يبدو فيها ناجحا لدى تغطية أنبائها على الصعيد المحلي، على الرغم من أنه ربما لا يحظى بالمستوى نفسه من الدعم داخل الدولة الأجنبية. أعتقد أن الزيارة التي قام بها أحمدي نجاد للبنان تتعلق باعتبارات سياسية داخلية في طهران بقدر ارتباطها بأي نمط من السياسات داخل لبنان.
* إذاً، لا تعتقد أن لبنان على وشك السقوط في يد إيران؟
– قطعا يساورنا قلق عميق إزاء لبنان. ولا تملك سوى الشعور بالقلق لدى معاينتك نمط الخطاب الموجود بالأعمدة الصحافية، وعلى ألسنة من يدعون بالسياسيين، مثلا، عندما تسمع حسن نصر الله يدعو فعليا إلى إنهاء التعاون مع محكمة تشكلت بناء على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة المعني بمجلس الأمن، لا تملك سوى الشعور بالقلق. وأعتقد أن الانقسامات داخل لبنان، الواضحة لجميع من هم داخل لبنان لا تخول لأي طرف داخل أو خارج لبنان القدرة على السيطرة على كل شيء.
فيلتمان: المحكمة الدولية مستمرة مهما أثار حزب الله من تهديدات العالم العربي برمته يحتاج للتغيير مثل أي بيت عتيق متهالك فإن لم يصلحوه سقط على رؤوس الناس، والتغيير آت مثل تبدل المناخ في الطبيعة فهو قدر مقدور لا يرد، وسوريا لا تخرج عن هذه القاعدة، ومن لا يغير ما بنفسه فإن قوانين التاريخ جاهزة لتغييره. ومن يغفل عن سنن الله فإن سنن الله لا تغفل عنه. وينفع في هذا الصدد تذكر دروس التاريخ فشاوسسكو حاكم رومانيا السابق كان في زيارة لطهران وكان إعصار التغيير يجتاح كل أوربا الشرقية؛ فبعد خرق سد برلين تدفقت الحريات مثل يأجوج ومأجوج فهم من كل… قراءة المزيد ..