ما أن سقط النظام حتى تكالب “أيديولوجيو” الإرهاب والبطش والجريمة وفلول صدام على العراقيين، وراحوا ينعتون كل ما يحدث في العراق على أنه باطل، مرددين المقولة المعروفة “كل ما بني على باطل هو باطل”. هذه المقولة التي تم إستغلالها، كما استغلت آيات قرآنية أو أحاديث نبوية وحِكم معروفة، لتشويهها كي تتلائم مع الأفكار المريضة لفتاوى الأرهابيين من أهل العمائم والنكد وهيئاتهم وجيوشهم المفلسة أخلاقياً وسياسياً.
وعلى هذا النهج السقيم نظروا الى كل فعل، بل والى كل ما يجري من أحداث، أو حتى من يهب ويدب على أرض العراق بعد ذلك التاريخ، على إنه ضرب من الباطل والكفر والزندقة مما يستدعي إفشاله ومقاومته ومقاطعته وتفخيخه وتفجيره، وشن حملة من القتل العام ضده وضد كل من يفكر، نعم ولو يفكر بقبول ذلك. وهكذا بدأوا بدور العبادة وروادها إسلامية كانت أم مسيحية أم مندائية أو يزيدية وغيرها بإعتبارها جزء من هذا الباطل المزعوم، وشرعوا بتفجيرها وقتل روادها. وبعد ذلك إنتقلوا الى دور العلم والتعليم، فشرعوا بإغتيال “مروجي الباطل” من أساتذة الجامعات والمدارس والمؤسسات التعليمية. وأضافوا لذلك إستهداف الجامعات والمدارس بكل مراحلها ودور الحضانة ومراكز المعوقين بإعتبارها أقبح أماكن هذا “الباطل”. وهكذا أفرغوا جامعة الأنبار من أساتذتها وطلابها. كما أستهدفت هذه الفئة المتوحشة كل جامعات العراق دون أن تستطيع ردع طلبة العلم وحرمانهم من دراستهم ومن تلقي العلم. أما الطبابة والعلاج فالعياذ بالله، فعند أتباع هذا الدين “لأعوج” لا تمثل الطبابة إلا الزندقة بعينها، مما يستدعي مطاردة الأطباء خاصة الأخصائيين والجراحين منهم لأنهم خارجون على الدين ويسعون الى معالجة أهل”الباطل”. ولاعجب في ذلك فهم إعتادوا على تعليق “التعاويذ” على رقابهم أو تحت وساداتهم بدلاً من إجراء العمليات الضرورية أو إستخدام المضادات الحيوية لعلاج المواقع المتقيحة في الجسم، إذ يعتبرونها من نتاجات الكفار. ويبالغ هؤلاء غريبوا الأطوار في عدائهم للجمال والزينة، ولهذا ركزوا كل حقدهم على حلاقي الرجال الذين يتلقون في بلاد الرافدين التهديد والوعيد بسفك دمائهم بإعتبارهم عملاء الكفار الأمريكان والبريطانيين، ولا يستحقون الحياة والبقاء على وجه الأرض. أما الحلاقة النسائية فلم يعد لها ذكر على أرض السواد لأنها تحمل الفكر “الضال” و”الممارسات الشنعاء” التي تستحق الرجم بأحجار تزيد على ما يرميه حاج بيت الله الحرام من حجارة على كل الشياطين من الأكبر والأوسط والأصغر منهم. وينتاب هؤلاء الرعب عند الحديث عن الإنتخابات التي يعدونها “بدعة شيطانية أمريكية وبضاعة للكفار” جلبت الى العراق لإفساد أخلاق العراقيين ومنعهم من التصفيق “للقائد الضرورة” و”للأمير الذبّاح”. ولذا أعتبروا أن واجبهم “الشرعي” يحتم عليهم محاربة الانتخابات ونسف مراكز الاقتراع بكل الاسلحة التقليدية وغير التقليدية لكي يتعض كل من سارع من العراقيين الى المشاركة في هذه العملية المتعارضة مع فتاوى “دولة العراق الإسلامية” وجهلة أنصار القاعدة وأتباع بقية الجيوش المشبوهة التي تقطع رؤوس العراقيات والعراقيين وتنهب ممتلكاتهم وتنغص حياتهم. ولا يسلم من محرمات هؤلاء حتى الموتى. فقد جرى تحريم إقامة الفواتح على أرواح من تزهق روحه على يد هؤلاء الجهلة مما دفعهم الى إرسال السيارات المفخخة الى تلعفر والفلوجة وغيرها من المدن العراقية كي ينسفوا مراسيم ومناقب الضحايا ومجالس الفاتحة على أرواحهم. أما ما ينغص مزاج هؤلاء القتلة فهي إحتفالات الأعراس، مظهر الحياة والخصب، في حين يعدونها هؤلاء الأوباش هي الأخرى ضرب من الباطل وتحتاج الى التعامل بكتيبة من كتائب التكفير والهجرة وفرق “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” بإعتبارها من هذه “الأفعال الضالة”.
أما رياضة الرجال، ولا نتحدث عن رياضة النساء لأنهن أصبحن حبيسات الخيم السوداء، فهي أي رياضة الرجال من وجهة نظر هؤلاء الجهلة وأتباع دين الملثمين فعل شيطاني يثير “الغرائز” ويسمم الأخلاق ويفسدها مما يستدعي وقفها ومنعها وتهديد من يمارسها بالويل والثبور والقتل. أن الرياضة بمزاج هؤلاء المشوّهين المريض ما هي الا رياضة تفخيخ السيارات وحشو العبوات الناسفة والتفجير عن بعد والعمليات الإنتحارية بعد أن يبلع منفذوها قدراً من المواد المنشطة والمخدرات واللعب بالهاونات والرمانات كي يقتلوا أكبر عدد من العراقيين، ويسجلوا بذلك أرقاماً قياسية في الأهداف التي تجلب الموت والدمار لبلادنا. وهكذا جرى إختطاف رئيس اللجنة الأولمبية العراقية “الزنديق” الحجيّة وزملائه، وأزهقت أرواح “الكفرة” جميع أعضاء فريق التايكواندو العراقي الذين يمارسون لعبة “الكفرة” اليابانيين الذين يمارسون “الكفر” عندما يقومون بإعادة بناء العراق وأحياء ما دمر من قبل أتباع الدين الجديد. ولعل من أشد أنواع الضلالة والكفر والباطل هو خروج العراقيين فرحين بفوز فريقهم الوطني في كرة القدم وتربعه على عرش آسيا. إن هذا الفوز من وجهة نظر هؤلاء بلا شك “مؤآمرة أمريكية” دبرها بوش وغوردن براون رئيس وزراء بريطانيا الجديد لزرع الفتنة بين العراقيين، مما يستدعي من الجهلة الضغط لإنسحاب وزراء التوافق من الوزارة وتصعيد تهديداتهم، إضافة الى أرسال ما يمكن إرساله من السيارات المفخخة وخاصة الى منطقة الكرادة الشرقية التي يتعايش فيها كل أطياف العراقيين، على غرار تركيبة الفريق الوطني العراقي لكرة القدم، والتي لم تستجيب لدعوات التناحر والتفرقة الطائفية والدينية التي أراد الزرقاوي وأيتامه وفلول الحكم السابق وأتباع الدين الجديد زرعها في بلاد الرافدين. وعلى هذا قام “المجاهدون” بتنفيذ خطتهم بزرع كل ما تيسر لديهم من سيارات مفخخة “لإحباط” المؤامرة الأمريكية وإرجاع الأنبار وغير الأنبار الى حظيرة “دولة العراق الإسلامية” المشينة.
لقد بدى واضحاً إثر الإعلان عن فوز الفريق العراقي وتربعه على عرش الكرة الآسيوية، أن العراقيين صوتوا بقلب واحد مع التعايش السلمي بين العراقيين بكل أطيافهم، وأنهم ضد دولة النكد والحزن والقتل والتهديم. وعبر العراقيون بأغلبيتهم الساحقة عن أنهم شعب يحب الحياة ويريد السلام والفرحة، ويمقت التخلف الذي تسعى دوائر إقليمية وعراقية متخلفة الى فرضه على العراقيين بفتاوى دينية وطائفية كاذبة، وإقحام الدين في دوائر الرياضة والسياسة بشكل لا يليق بالعراقيين ولا بطموحاتهم ولا حتى بمستقبل الدين في هذا البلد العريق.
adelmhaba@yahoo.co.uk
فوز الفريق العراقي هو الآخر “باطل”!!
أعجب من الذي يرد دون أن يكلف نفسه عناء القراءة و أذا قرأ فلا يكلف نفسه عناء الفهم . كما أن الكتابة فن و ذوق فأن الرد على ما يكتب يحتاج لحجم من الفن و الذوق يتناسب و ما يكتب و يقرأ
تحياتي
فوز الفريق العراقي هو الآخر “باطل”!!
سؤال :
هل يؤيد الكاتب نظام المحاصصة الطائفية الذي وضع أركانه الأساسية الأمريكان ونفذه بكل إخلاص الأحزاب الطائفية؟!!
سؤال:
هل يتعاطف الكاتب مع الاحزاب الأصولية التي دعمها الإحتلال الأمريكي واستخدمت سلاح الدين ضد الأحزاب المدنية واستطاعت أن تكسب أصوات عديدة وخسرت الأحزاب المدنية الانتخابات ؟!!!
سؤال:
هل ينكر الكاتب الدور الذي لعبته الميليشيات الطائفية في تصفية أعداد هائلة من أبناء العراق وفق دوافع طائفية وهذا الدور لم يعد خافيا على الجميع ولقد أثبت ذلك التغطيات الإعلامية والتحقيقات والدراسات ؟!!!!
سؤال:
هل يؤيد الكاتب تقسيم العراق وفق أسس طائفية ؟!!!!!