يــكــثــف الــخــطــاب الايـــرانـــي الــرســمــي، منذ دخول السفير الجديد غضنفر ركن ابادي الى لبنان في أيار/مايو 2010 تأكيد الحرص على دعم تثبيت الاســتــقــرار اللبناني والانفتاح على جميع الفرقاء السياسيين والحرص على توجيه رسائل الى الشرائح اللبنانية تفصح عن رغبة ايرانية بتوطيد جسور العلاقة معها.
الأهداف التي يضعها ابادي فــي برنامجه تشمل تمتين الــعــلاقــات الثنائية الرسمية مــع الــدولــة اللبنانية ومؤسساتها وزيــــادة الــزيــارات الرسمية الــمــتــبــادلــة، وتوسعة جدول التقديمات والمساعدات والاســتــثــمــارات الايــرانــيــة في مــجــالات عـــدة، ومــتــابــعــة تنفيذ الاتفاقات الثنائية التي لم تنفذ بين البلدين. وبالتأكيد يبقى دعم المقاومة ثابتة ايرانية في رؤيتها الاستراتيجية للعلاقة مع لبنان.
وهكذا وقــف غضنفر ركــن ابــادي بعيد تقديم اوراق اعتماده امام ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري قائلا “جئت لزيارة هذا المكان الشريف نظراً للدور الذي لعبه الشهيد رفــيــق الحريري طيلة الــســنــوات الماضية وفي فترات عصيبة وصعبة في لبنان، خصوصاً دوره في توحيد الساحة”.
مصادر لبنانية متابعة للحركة الديبلوماسية النشطة التي يقودها السفير ركن ابادي في بيروت اعتبرت ان سياسة الانفتاح التي ينتهجها أسفرت الى اليوم عن زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى لبنان، والزيارة المرتقبة لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الى طهران لثلاثة ايام تبدأ يوم غد السبت.
وأضافت المصادر ان أبادي يجهد في متابعة تنفيذ تطبيق الاتفاقات المبرمة بين البلدين على المستويات كافة وهو لا يجد حرجا في الاتصال والانفتاح على سائر المكونات السياسية اللبنانية، المتحالفة مع حزب الله، والتي تخاصمه. وهو التقى الرئيس الاسبق امين الجميل غير مرة، كما ينشط وسطاء على خط الامانة العامة لقوى 14 آذار لتأمين التواصل بين الجانبين، في حين ان آبادي وردا على سؤال بعد زيارته وزير القوات اللبنانية سليم وره قال “إن موضوع زيارتي الى معراب سابق لأوانه”. ورجحت المصادر ان موضوع الديبلوماسيين الايرانيين الاربعة الذين خطفوا في لبنان أبان الحرب الاهلية ما زال يقف عائقا أمام لقاء يجمع أبادي ورئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية من دون ان يحول ذلك من فتح قنوات اتصال بين الجانبين وإن بحدها الادنى.
المصادر اعتبرت ان إيران التي تزداد صعوباتها الاقتصادية مع إشتداد العقوبات الدولية عليها تحاول البحث عن مخارج لتصريف عملاتها وإدخال بضائع مشمولة بقانون العقوبات عبر ملاذات آمنة. وهل افضل من لبنان لانتهاك قانون العقوبات في ظل سيطرة حزب الله المعلنة على المدرج الشرقي لمطار رفيق الحريري الدولي وغير المعلنة على مفاصل الدولة الاخرى كاملة؟
وتشير المصادر الى ان دبي التي شكلت لوقت طويل المنفذ والمتنفس للاقتصادر الايراني بحيث بلغ عدد شركات “الاوف شور” الايرانية في الامارة قرابة 14 الف شركة، تعاني اليوم من ضغوط دولية هائلة لوقف تدفق البضائع المشمولة بقانون العقوبات الدولي من مرفأ “خور دبي” الى مرفأ “بندر عباس”. وتقول مصادر إقتصادية إماراتية إن عدد الشركات الايرانية التي أقفلت في دبي ناهز 4000 شركة.
من هنا، تضيف المصادر، يمكن فهم النشاط المكثف للسفير الايراني الجديد في لبنان بحيث تقدم المغريات للقطاع المصرفي اللبناني العريق بخبرته والناجح في التصدي للأزمات المالية العالمية للحلول بديلا عن مصارف دبي لتأمين دفق الاموال من والى طهران، بالإفادة من اعتماد لبنان نظام السرية المصرفية، الذي يحول دون كشف اي تحويلات او حسابات للأفراد والشركات.
ولكي يستتب الامر لا بد من تأمين شبه إجماع لبناني على تحييد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين عن التجاذبات السياسية اللبنانية، بحيث لا يتورع السفير الجديد ركن ابادي عن استخدام ديبلوماسيته المفرطة في تأكيد وقوف إيران على مسافة واحدة من جميع من جميع الاطراف في لبنان مع تسجيل تمايز في دعم “المقاومة” وحزب الله إنطلاقا من الصفحة الاولى في مقدمة الدستور الايراني الذي يحرص السفير أبادي على تردادها في جميع لقاءاته من أن الإمام الخميني مؤسس الجمهورية الاسلامية في ايران أوصاهم بنصرة المظلومين في العالم اجمع من دون تمييز بين لون وجنس وعرف وطائفة، ويؤكد أبادي أن هذا الدستور تم إقراره بموافقة 98 % من الشعب الايراني، ولذلك، يضيف إن إيران تدعم حزب الله ومقاومته.
هل ينجح الديبلوماسي الشاطر في كسب ود خصوم حزب الله فيوفق في مسعاه؟ أم أن حزب الله أوغل عميقا في استعداء اللنانيين الذين لا يوافقونه الرأي فيفشل أبادي بفعل تأكيد الحكومة اللبنانية إحترام القرارات الدولية من جهة ورفض البعض الآخر الكيل بمكيالين بحيث لن تجدي الاغراءات المالية للقطاع المصرفي الذي يمتلك اكثريته المسيحيون لتطويعهم وقبولهم بالمال ما رفضوا الإقرار به في السياسة.
من هو السفير الايراني الجديد؟
غضنفر أصل ركن أبادي (44 عاماً) دبلوماسي إيراني عين خلفا لمحمد رضا شيباني كسفير لإيران في بيروت. شغل منصب مدير دائرة الشرق الأوسط في الخارجية الإيرانية منذ 2008. كما شغل ركن ابادي سابقا منصب القائم باعمال السفارة الايرانية في كل من سورية ولبنان.
يحمل ركن ابادي شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من الجامعة اللبنانية وماجستير العلوم السياسية والمعارف الإسلامية من جامعة الامام الصادق في ايران.
روابط ذات صلة