عين الحلوة مجددا على حافة النار: تفجير الامس كان يمكن ان يودي مباشرة بالمخيم الى معركة تتداخل فيها الحسابات الثأرية وتراكمات امنية. عبوة ناسفة انفجرت اثناء تشييع جنازة العنصر في حركة فتح محمد السعدي، اثر دخول المشيعيين الى حرم المقبرة، عند الجدار الخارجي.
والسعدي كان جرح اثر اطلاق النار عليه قبل ثلاثة ايام خلال وجوده في متجر يملكه عبد اليوسف في المخيم. وبحسب ما نقل اليوسف وكشفته كاميرات المراقبة، أنّ وجه المجرم غير مألوف لدى ابناء المخيم. فقد نفذ جريمة الاغتيال بهدوء فأصاب السعدي الذي نقل الى المستشفى وما لبث في اليوم التالي ان فارق الحياة.
خلاصة ما يؤكده اكثر من مسؤول فلسطيني في المخيم، أنّ هناك محاولات مستمرة تدفع مخيم عين الحلوة نحو أتون التوتير وتدفع المخيم عنوة نحو الاقتتال الداخلي. اذ ليس مسبوقا ان يتم اغتيال احد في المخيم، ثم ان يعاد استهداف القتيل ومشيعيه خلال دفنه. القرار المركزي في حركة فتح هو الاصرار على عدم الانجرار نحو اي مواجهة. والقوى الاسلامية في المخيم لسان حالها، على ما نقل احد مسؤولي المجموعات الاسلامية، أنّها مستهدفة ايضاً. وقد لفت مصدر مسؤول في المخيم امس انّ مجموعة بلال بدر الشهيرة تعرض مركز تواجدها لاطلاق نار ليلاً لكنها لم ترد على مصادر النيران.
الجميع في المخيم يشير الى محاولات متكررة لتوتير المخيم، علما ان الأحوال ليست في الاصل على ما يرام. فليس هناك من قوة قادرة على ضبط الامن. والتربّص قائم بين بعض المجموعات الفلسطينية. لكنّ الاتصالات لم تتوقف والعلاقات لم تنقطع فيما بينها. وحركة فتح ليست في احسن احوالها: التنافس بين مكوناتها متوتّر جدا. و”الشباب المسلم”، عنوان مستجد يرمز الى المجموعات الاسلامية الناشئة والناشطة في المخيم، بات يتعرّض للتحريض من خارج المخيم وبعض القوى في داخله.
مسؤول بارز في حركة فتح، رفض الكشف عن اسمه، قال بصريح العبارة: “هناك محاولات خبيثة لنقل المعركة من طرابلس الى عين الحلوة”. وغمز من قناة “اجهزة استخبارية اقليمية عبر ادوات فلسطينية ولبنانية، تريد كيفما كان تفجير المخيم”.
واعتبر المسؤول الفلسطيني ان هذا العمل التخريبي “بات مكشوفا لمعظم ابناء المخيم”. ولاحظ أنّ “محاولات الصاق تهمة الارهاب وترويجها باتجاه المخيمات الفلسطينية عموما يصب في خانة التوتير والتفجير”.
تتقاطع المعلومات من داخل مخيم عين الحلوة على أنّه “لا يزال عرضة اما لتوريطه في مشكلة داخلية، او لمحاولة ادراجه كبؤرة ارهابية بذرائع وعناوين مختلفة”. والمخيم الذي يعاني من تضخّم في اعداد المقيمين فيه بعد نزوح ابناء مخيمات سورية اليه، يقع تحت ضغوط اجتماعية وانسانية كبيرة. ما يوفر لبعض العابثين بالامن فرصا للتوتير. في مقابل جهد فلسطيني تتوافق عليه القوى الرئيسة في الشارع الفلسطيني. وحركة حماس والقوى الاسلامية طرفان في هذا التوافق، وحركة فتح ايضاً. وقد اثبتت هذه القوى، حين جرت معركة عبرا التي قضت على وجود الشيخ احمد الاسير، انها نجحت في لجم كل المحاولات الحثيثة لتوريط القوى الفلسطينية في مثل هذه المعركة وفي مناصرة الشيخ الاسير عسكرياً رغم وجود متعاطفين معه فلسطينياً. ما اظهر الى حدّ بعيد أنّ في امكان الفلسطينيين عموما، وفي مخيم عين الحلوة تحديدا، الالتزام بالموقف الفلسطيني الجامع بعدم التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية.
لكنّ هذا التوافق الفلسطيني على مستوى الفصائل، لجهة الالتزام بقواعد عدم الانجرار الى مواجهات، والمستند الى مناخ شعبي داعم له، لم يلغِ المخاوف من حصول عمليات امنية داخل المخيم. خصوصا أنّ وجود السلاح وفّر للتدخلات الاستخباراتية مساحة فعل وتأثير تتيح العبث بالاستقرار النسبي في عين الحلوة. وتعتقد بعض الجهات الفلسطينية في المخيم أنّ محاولات تفجير الوضع اللبناني وتوتير المخيمات لا تصبّ الا في سبيل تفجير تداعيات الازمة السورية في لبنان. واذا كانت الجهود السياسية والعسكرية منصبة على اطفاء نار الاقتتال داخل طرابلس، فإنّ الخاصرة الرخوة بنظر اصحاب هذا الهدف هي المخيمات الفلسطينية، ومخيم عين الحلوة تحديداً.
أما معركة منع التوتير في عين الحلوة فتسابق تفجيره. ونجاح أيّ من الخيارين بات يرتبط، بحسب مصادر فلسطينية، بمدى الاستجابة اللبنانية لأيّ من الخيارين. حتى الآن ارادة منع التفجير تقف في المقدمة. والقوى اللبنانية المنخرطة في خيار التهدئة هي الاوسع: فهل سيبقى الحال كذلك مع استحقاق جنيف 2 ام تتغير الحسابات؟
alyalamine@gmail.com
البلد