لكلمة الأرض صدىً عميق في نفسية المصري. إن الأرض كانت محور حياة الفلاح، والتمسك بها والحرص عليها كان هو سر تحمله كل صور الظلم والحرمان التي فرضت عليه طوال العصور. وكان هو سر رضائه بالشظف من العيش، بالخرقة الزرقاء والعيش علي خشاش الأرض، من فجل أو جرجير أو البصل والجبن، والسكن في كوخ. قبل الفلاح المصري كل ذلك حتى لا يحرم الأرض، بل قبل الهوان، وكانت فلسفته وعزاؤه أنه إذا تحمل الهوان مع المحافظة على الأرض فسيسلمها لأبنائه الذين ستكون لهم بعد زوال الهوان.
بل تنازلوا للأغراب من مماليك أو أتراك عن الحكم، لأن أقوى معنى للحكم عند الفلاح هو ملكيته للأرض، فإذا كان مالكا لأرضه، فهذا ما يريده من الحكم.
وكان سر هذا التمسك هو الزراعة، حرفة الفلاح الأبدية التي قامت عليها حضارة اتسمت بكل ما في الزراعة من استقرار ووداعة والعيش طبقاً لـ«من زرع حصد».
والزراعة تختلف عن الصيد، كما تختلف عن الصناعة. فالصيد يغرس القسوة والقتل، فضلاً عن أنه ليس «مهنة». أما الصناعة فإنها تبعد صاحبها عن الأرض الوديعة التي إذا غرست فيها البذرة نمت، وأصبحت ثمرا شهياً. إن الصناعة تمثل قدرة الإنسان علي إلانة المعدن الصلب وتطويعه لما يريد، فهي تتسم بالقوة والإرادة، وهي من هنا أفضل من الزراعة، ولكن الزراعة تعني الطبيعة، تعني الأرض، تعني الوطن، تعني الأمن من الجوع، فالارتباط بالأرض هو الذي يكوّن «الوطن». ولم يكن عبثاً أن تكون مصر هي أول مكان تظهر فيه الدولة المركزية المتماسكة التي تأخذ شكلها «الجغرافي» بالحدود المعروفة من عهد الملك مينا حتى الآن.
هكذا كان المصري يتمسك بالأرض ويضحي في سبيلها بكل شيء، ويعتبر التفريط فيها عاراً، وقد صورته الأغنية الدارجة «عواد باع أرضه يا ولاد.. شوفوا طوله وعرضه يا ولاد.. إلخ». فأن يبيع أحد أرضه فإنه يتجرد من أحد مقوماته الرئيسية، فالأرض كالماء، والهواء، مبذولة موجودة، ولكن لا يتصور وجود فرد دونها.
ولكن يبدو أن الحكومة بعد أن استنزفت كل الثروات، وبعد أن خصصت الشركات والمصانع والبنوك وبعد أن وضعت يدها على ثروات الآخرين، بداية من الأسرة المالكة سنة ١٩٥٢ حتى أموال الإخوان المسلمين الآن، وبعد أن استلحقت أموال التأمينات، رغم كل حساسيتها، عمدت إلي الأراضي ووجدت فيها مجالاً يفك أزمتها ويزودها بالنقد الجاهز الذي تريده، ولدينا صورة فاضحة من التجاوزات في هذا الصدد.
نشرت جريدة «النبأ» يوم ٢٢/٥ الصفحة الخامسة «للحيتان الذين استولوا على الأراضي بالملاليم وباعوها بالمليارات». والصفحة صارخة، حافلة بمانشيتات استغرقت نصفها وجاء فيها: محمد إبراهيم سليمان فتحها علي البحري والمغربي يحاول التعتيم على الفضيحة، عز الدين وأبو العينين منعا استجواب الوزير السابق خوفاً على اسميهما، محمد أبو العينين حصل على ١٥٢٠ فداناً في مرسى علم بسعر دولار للمتر ولم يسدد سوي ٢٠%، أحمد عز استولي على منطقة بالكامل في غرب خليج السويس، محمد فريد خميس استولي على ٣٣ مليون متر في غرب خليج السويس بتراب الفلوس، ٢٢٠٠ فدان لمجدي راسخ في الشيخ زايد بسعر المتر خمسين جنيها وباعه بـ٧٠٠ جنيه وحقق مكسبا ٦ مليارات و١٢٥ مليون جنيه، أحمد إبراهيم نافع وحسن حمدي حصلا على ١٥٠٠ فدان بطريق مصر إسكندرية الصحراوي وباعاها للشربتلي، الحاذق اشترى الأرض بتراب الفلوس وباع الفيلا في تاون هاوس بـ٨٥٠ ألف جنيه، الزوربا طلب ٥٠٠ ألف متر لإقامة مشروع للغزل والنسيج، الوكيل طلب ٥ ملايين و٢٠٠ ألف متر لإنشاء مشروع السكر، الخرافي حصل على ١٩٠ ألف متر في الفيوم لإنشاء مشروع استخلاص الأملاح. وفي الصفحة السابقة نصف صفحة آخر يحمل مانشيتا بعرضها «زهير جرانة يشترك مع ١٠ رجال أعمال فاسدين في خيانة رئيس الجمهورية. باع لهم ملايين الأمتار من أراضي البحر الأحمر لإقامة مشروعات سياحية وهمية، الأرض حصلوا عليها بسعر ٦ جنيهات للمتر الواحد، ثم عرضوها بعشرات الملايين من الجنيهات».
بالإضافة إلي هذه العناوين المثيرة فقد قرأنا في جريدة «الأهرام» العريقة والقومية في نفس الوقت فقرة عن وزير النقل جاء فيها: طلب علاء عبد المنعم عضو مجلس الشعب عن دائرة الدرب الأحمر من الدكتور أحمد سرور رئيس المجلس حول ما أثاره «الأهرام»، التصريح له بإلقاء بيان عاجل حول ما أثير من قيام وزير النقل بمنح امتياز لشركة يرأسها شقيقه وصديقه لشراء ٦٠٠ ألف متر علي الطريق الساحلي الدولي بواقع ١٠٠ جنيه للمتر في حين أن سعره يتجاوز الألف جنيه.
وأشارت جريدة «المصري اليوم» ١٣/٥ إلي صفقة بيع مساحات من أراضي المدن الجديدة، جاء فيها: «١٣ مليار جنيه حصيلة بيع ٣ قطع للمستثمرين في القاهرة الجديدة»، أعلنت وزارة الإسكان أمس تفاصيل بيع ٣ قطع أراض كبيرة للمستثمرين في مدينة القاهرة الجديدة في مزايدة علنية بنظام الأظرف المغلقة بمساحة ٣ آلاف و٩٤٠ فداناً، بما يعادل ١٦ مليوناً و٥٤٨ ألف متر مربع، وذلك ضمن بيع ٨ قطع أراض كبيرة في ٣ مدن جديدة هي القاهرة الجديدة والشيخ زايد و٦ أكتوبر، وجاءت حصيلة بيع القطع الثلاث ١٣ ملياراً و٣٥٠ مليون جنيه، وفازت بها شركتان خليجيتان وثالثة مصرية.
قال المهندس محمد الدمرداش مساعد وزير الإسكان إن القطعة الأولي مساحتها ٤٦٠ فداناً، وتم بيع متر الأرض بها بسعر ١٢٨٨ جنيهاً بإجمالي ٢ مليار و٥٠٠ مليون جنيه، وفازت بها شركة رؤية للاستثمار السياحي والعقاري، وتم بيع القطعة الثانية ومساحتها ١٥٠٠ فدان بـ ٧٥٢ جنيهاً و٥٠ قرشاً للمتر بإجمالي ٤ مليارات و٧٥٠ مليون جنيه، وفازت بها شركة داماك العقارية «الإماراتية»، والقطعة الثالثة بمساحة ١٩٨٠ فداناً تم بيعها بسعر ٧٣٣ جنيهاً و٥٠ قرشاً للمتر بإجمالي ٦ مليارات و١٠٠ مليون جنيه، وفازت بها «بروة».
ونشرت هذه الصفحة تكييفين لهذه الصفقة جاء أولهما من الأستاذ سليمان جودة في عموده «خط أحمر» يوم ٢٠/٥ تحت عنوان «لا تبيعوا مصر.. حنطوها» جاء فيه:
هذه أول مرة، نسمع فيها، أن الاستثمار حرام، وأن تعمير الصحراء مرفوض، وأن الاقتراب من المساحات الصحراوية الهائلة في المدن الجديدة مكروه، وأن إبقاء تلال الرمال كما هي حلال، ونوع من التقرب إلى الله، وأن بيع عدة قطع من المناطق الخلاء في ثلاث مدن جديدة بـ ٧.١٧ مليار جنيه، من أجل استثمارها عقارياً، إنما هو بيع لمصر ذاتها.
ولذلك، فالأفضل أن نترك الخرابات كما هي، والأكرم أن تظل الصحراء المحيطة بالعاصمة كما خلقها الله، فلا تقترب منها يد من أيدي البشر، والأحسن لنا، أن نرجع في الصفقة، وأن نرد الفلوس لأصحابها من المستثمرين العرب، ليذهبوا بها إلي المغرب، التي تخطط لأن يكون دخلها من السياحة في عام ٢٠١٠ في حدود ٣٠ مليار دولار، بينما نحن نحصل علي ٧ مليارات دولار، بالعافية، كما أعلن الوزير زهير جرانة، وهو يزف إلينا حصيلة السياحة في ٢٠٠٥، وإذا لم يذهب المستثمرون العرب إلى المغرب فأمامهم تونس، التي اختطفت فلسفة السياحة من الدكتور عبد القادر حاتم في مصر وطبقتها على الفور، وأصبح دخلها من السياحة يخجل إلى جواره ويستحي دخلنا منها! أما نحن فيكفي أن نبيع الأرض بخمسين جنيها للمتر، إلى هشام طلعت مصطفي، عضو مجلس الشورى ويكفي أن نبيعها إلى منصور عامر، عضو مجلس الشعب، فهذا هو سقف طموحاتنا في أي استثمارات عقارية، وهذا هو أعلي أمانينا، وما يتبقى منهما، من الأرض التي دفع فيها المستثمرون العرب أربعة آلاف جنيه في المتر الواحد، ففي إمكاننا أن نحنطها، وأن نحتفظ بها، كما هي تماما كما حافظ قدماء المصريين علي مومياواتهم إلي هذه الساعة، وكما حنطوها حتى تبقى كما هي مختومة بالشمع الأحمر! اتركوا كل شيء، علي أصله، ولا تبيعوا شيئاً إلي أي مستثمر، سواء كان عربياً، أو أجنبياً أو حتى جنا أزرق، فالمستثمرون الذين دفعوا ١٧.٧١ مليار جنيه يخططون لانتزاع المساحات التي دفعوا فيها هذا المبلغ والهرب بها إلي خارج البلاد، ولذلك فأفضل شيء يفعله المهندس أحمد المغربي هو أن يرفع يده، عن هذا الموضوع، تجنبا لأي اتهامات أو ملاحقات إعلامية، أو مطاردات من أي نوع، وأن يفكر الوزير محمود محيي الدين في حل هيئة الاستثمار، وتسريح العاملين فيها.. ويا دار ما دخلك شر!
والثاني تقدم به الدكتور محمد صفوت قابل عميد تجارة المنوفية فرع السادات في صحيفة «المصري اليوم» يوم ٢٠/٥ تحت عنوان تساؤلات مشروعة حول مزاد المغربي جاء فيه:
كثيرة هي التساؤلات التي أثارها طرح وزارة الإسكان أراضيها بالمدن الجديدة للبيع بالمزاد العلني، لعل أهمها هل تتحمل الشركة التي رسا عليها المزاد تكاليف توصيل المرافق داخل أراضيها؟
هل تعطي الأولوية في توصيل هذه المرافق من جانب الحكومة إلى حدود الأراضي باعتبارها استثمارات أجنبية تتطلب سرعة الإنجاز والتوصيل؟
هل جرت دراسة آثار مستويات الأسعار بهذه الأراضي علي أسعار العقارات؟ وأخيراً إطلاق الارتفاع للمباني بالمدن الجديدة وأثره علي هذه المدن واحتمالات تحويلها إلي عشوائيات «عصرية»؟
من المعروف أن لكل تصرف اقتصادي آثاراً منها السلبي والإيجابي وعلى متخذ القرار أن يدرس جميع الآثار قبل اتخاذ قراره، خاصة أن الأهداف الحكومية قد تتجاوز منطق «التجارة شطارة» للقطاع الخاص، الذي يسعى للبيع بأعلى سعر، مع التسليم برغبة الحكومة في اجتذاب الاستثمار الأجنبي في جميع القطاعات، لابد من مراعاة أن قطاع العقارات له وضعية خاصة لأنه يرتبط بمستوي الدخول في المجتمع.
في الاقتصاد هناك ما يسمي المنفعة الحدية للنقود. وتعني أنه كلما زاد دخل الفرد انخفضت منفعة الوحدة من النقود، وهو ما ينطبق علي المستثمرين العرب والأجانب، فنظراً لارتفاع دخولهم فإن الأسعار لدينا تكون جاذبة لهم ولا تمثل لهم عبئاً كبيراً، بعكس «المصري» الذي يقل دخله عن مستويات الدخول في أغلب الدول العربية، وهناك حدود لقدرته علي الإنفاق والدفع.
بالتالي لن يستطيع مجاراة الأجانب في الشراء بالأسعار التي يعرضونها، وقد يجيء يوما نجد فيه أن غالبية المناطق المميزة أصبحت ملكاً للأجانب ولبعض كبار الأثرياء من المصريين. نعود لنتحدث كما كنا في الماضي عن أن الأرض أرضنا، والأجانب يتحكمون فينا، والمصريون أصبحوا واقعياً هم الأجانب، هناك عدة أسئلة بالنسبة لمزاد بيع الأراضي في المدن الجديدة تدخل في نطاق تقييم الآثار الإيجابية والسلبية لهذا البيع، منها: هل من شروط البيع أن تتحمل الشركة المشترية تكاليف المرافق داخل القطعة، وأعتقد أن ذلك ما سيكون، وبالتالي علينا أن نعرف ما تكلفة توصيل المرافق إلي حدود هذه القطع التي ستتحملها الدولة، ولابد من خصم تكلفة توصيل المرافق من إجمالي ثمن البيع ليكون الناتج صافي ما ستحصل عليه الخزينة العامة وليس إجمالي ١٧ مليار جنيه.
هناك تجربة سابقة ليست بالبعيدة وهي صفقة بيع أرض «سيدي عبد الرحمن»، رغم الضجة الكبيرة التي صاحبت بيعها، وأنها جلبت للخزينة أكثر من مليار جنيه، إلا أن تنفيذ مطالب شركة «إعمار» المشترية للأرض بالنسبة لتكاليف توفير البنية الأساسية التي ستتحملها الحكومة ستجعل العائد من هذه الصفقة ليس بالحجم الذي تم التهليل له.
طلبت “إعمار” أن توفر الحكومة جميع المرافق اللازمة من مياه وكهرباء وخطوط تليفونات حتى حدود الأرض المزمع إنشاء المشروع عليها بالكميات والقدرات التي تسمح للمشروع بالحصول علي جميع احتياجاته من تلك المرافق، وعلى نفقة الحكومة بواقع ١٨٠٠٠م٣/يوم من مياه الشرب و٢٠٠٠م٣/يوم من مياه الحريق، و٤٠٠٠م٣/يوم من مياه الري، و٧٠ ميجا فولت أمبير من «الحمل الكهربائي».
حددت الشركة خطوط التليفونات التي تحتاجها بنحو ١٨٠٠٠ خط تليفون على أن يتم توفير تلك الاحتياجات بقيم متساوية على ثلاث مراحل خلال مدة زمنية لا تجاوز ثلاث سنوات، كما طالبت «إعمار» الدولة بأن تتحمل نفقات نقل محطة المياه جنوب الطريق..» «المصري اليوم» عدد ٢٦/١٢/٢٠٠٦.
هل ستُعطى الأولوية في توصيل المرافق إلي هذه القطع وبسرعة لا تتوافق مع طبيعة التنفيذ الحكومي، لأن هذه استثمارات أجنبية، وأيضاً أصحابها من ذوي النفوذ؟ وهل سيكون ذلك على حساب توصيل المرافق لباقي الأحياء السكنية التي باعت الوزارة أراضيها منذ سنوات، بعيدة، ولم يتم توصيل المرافق لها حتى الآن، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف البناء بالأسعار الحالية.
هل تمت دراسة آثار هذا المزاد على ثمن بيع الأراضي عموما، لأنه من الطبيعي أن تتضاعف أسعار الأراضي بعدما أسفر عنه المزاد، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار العقارات ليس الإسكان الفاخر فقط، بل ستكون هناك ارتفاعات متتالية في كل أنواع الإسكان، حتى قيمة ما يسمي الإيجار الجديد وفي كل المناطق، وبالتالي هل ستتعقد الأزمة أم ماذا؟
حسبما تم الإعلان عنه سيتم السماح بالتجاوز عن شرط الارتفاعات، فهل سيكون ذلك بداية لفتح باب التجاوز في هذه المدن، ويتبارى الجميع في مخالفة شروط الارتفاع بمنطق «اشمعني»، وبالتالي تتحول هذه المدن إلي عشوائيات بعدما كان الأمل أن تلتزم الحكومة وتطبق شروط الارتفاعات التي أعلنتها علي الجميع، والتي تسمح بتجاوز ارتفاع المباني أكثر من ثلاثة طوابق وليس عشرات الطوابق.
من المعروف أن العقارات من الاستثمارات المضمونة وعالية الربحية في مصر، لماذا لا تعمل الحكومة على إيجاد أو السماح والمساعدة علي تكوين كيانات يسهم فيها صغار المستثمرين المصريين من خلال شركات مساهمة للاستثمار في هذا المجال، علي الأقل نتشارك مع الأجانب في الأرباح ولا نترك «الجمل بما حمل» للأجانب، وتكتفي الحكومة بالفرحة أنها وفرت وظائف للمصريين عند الأجانب وفي بر مصر.. انتهى المقال.
أقول إذا كانت الحكومة ستكون ملزمة بالقيام بتهيئة البنية الأساسية، أي الماء، والكهرباء، والتليفونات.. إلخ، فإن هذا يعني الخراب المستعجل لمصر، وأن علي مصر أن تبحث عن نيل آخر حتى يمكن أن تسد حاجات مياه مدن سكنية، كل مدينة فيها مئات الفنادق، وكل فندق فيه مئات الغرف، كل غرفة فيها «بانيو» يملؤه النزيل بلا رحمة، لأنه دفع مئات الدولارات لإقامته، وهذا بالنسبة للماء فحسب، أما المرافق والخدمات الأخرى، فإنه لا يعني إلا تسخير حكومة مصر، ودولة مصر، لخدمة وتهيئة هذه الصحراء للسكني، وأنها ستدفع أضعاف أضعاف ما أخذته، وما أنفق وصرف بالفعل.
لقد قيل إن أي واحد ليس مصرياً لن يستطيع أن «يحمل» الأرض ويذهب بها بعيداً عن مصر. وهذا صحيح، ولكن هل من الضروري أن يحملها، وماذا يفعل بحملها إذا كان يستطيع أن يتحكم فيها بما يحقق مآربه المادية، أقل شيء «يحتجنها» أي يسورها ويبقيها حتى ترتفع الأثمان فيبيعها، ومعنى هذا تعطيلها عن الاستثمار، وإذا أراد تجريفها فهل يمكن للحكومة أن تتدخل؟ وواضح بالطبع أن كل الشركات التي باعت لها الحكومة ملايين الأمتار وآلاف الفدادين، كلها شركات استثمارية عملها الاستثمار الترفي «اللاإنتاجي»، فلن نقيم فوقها مصانع،
وبالطبع لن نقيم عليها مدارس، ولكن ستقيم عليها عمارات سكنية، وفنادق، ومن المستفيد هل سيفيد هذا العمال والفلاحين الذين لهم ٥٠% من مقاعد مجلس الشعب؟ هل سيشغل أيدي عاملة في الصناعة أو الزراعة؟ هل هذا الاستثمار إنتاجياً عملياً يفيد في استهلاك الشعب وتجارته؟ هل يمكن تصديره حتى يتحقق نوع من التوازن بين الصادرات والواردات الذي يمثل نزيفاً مستمراً؟
لا شيء..
تحسب الحكومة أنها كسبت صفقة عندما جاءت الأثمان أضعاف صفقات سابقة، والحقيقة أن بيع الأرض يعد جريمة لا يمكن تبريرها بأي مبرر، وما قيمة هذه الملايين؟ لقد تدفقت علي مصر أضعاف ما وصل إليه مشروع مارشال لتعمير أوروبا بعد أن خربتها الحرب العالمية الثانية، وذهبت الفلوس إلي جيوب تلك الطبقة الجديدة المحدثة الأثرياء الذين كونوا ثروات ضخمة أودعوها البنوك الأجنبية، بينما ينفقون علي حفلات زواج أبنائهم وبناتهم الملايين.. إلخ، وراحت الأرض وتبددت الأموال.
هناك فرق بين الأرض التي هي أصل الأصول، الأصل الحي الباقي، وبين المال الذي يمكن نهبه وسرقته وإساءة تصريفه، ثم ينتهي ويتبخر ولا يبقي في اليد شيء منه، ويضع الغريب يده علي أرض مصر.
ماذا لو كان لهؤلاء الملاك الجدد شركاء من إسرائيل؟ وقد طلب بعضهم شراء أرض من سيناء لهم وأتضح أنهم سماسرة لإسرائيل.
إذا حقت لعنة الله علي بلد جعل السماسرة يحكمونها، لأنهم سيبيعونها قطعة قطعة، وسيتبدد المال.. لأن البالوعة أوسع من الحنفية.
ختام الكلام:
الرحمة والرضوان لروح الشهيد علي نجم محافظ البنك المركزي الأسبق، والتحية والتقدير لإسمه.. لقد ذهب إلى التليفزيون يقول «لا يمكن أن نبيع تراب مصر، وإلا لماذا حاربنا»، فمات هناك.. ولكن باستشهاده سيظل أقوي من أي كلام كان يمكن أن يقوله «حافظوا علي تراب البلد».
الفساد واضح مستنيين ايه تانىالسيد وزير السياحه ماشوفناهوش فى لقاء صحفى اوروبى عن مصر او سمعه مصر بالنسبه للسياحه او الارهاب او غيره السيد وزير السياحه مش فاضى الان بعد ماكان فاضى مش لاقى حاجه يعملها حتى شركته جرانا كانت غلى وشك انها تقفل اصبح اليوم مشغول جدا جدا ببيع اراضى الدوله والتوقيع مع كل الدول التى تعقد مع مصر تبادل سياحى اصبحت التوقيعات كلها بين الدول الاجنبيه وشركة زهير جرانا ولكن السفر والتسويق والطائرات والفنادق والمصروفات بالكامل على حساب الدوله ويجعلو عامر بدم المصريين وياريت لوحده اليوم اصبح المسؤل عن النقل فى وزاره السياحه واحد اسمه ماهر نصيف يمتلك… قراءة المزيد ..
ثقافة الهزيمة فى خلال الثلاثين عاما الماضية تعرضت مصر الى حملة منظمة لنشر ثقافة الهزيمة – The Culture of Defeat – بين المصريين, فظهرت أمراض اجتماعية خطيرة عانى ومازال يعانى منها خمسة وتسعون بالمئة من هذا الشعب الكادح . فلقد تحولت مصر تدريجيا الى مجتمع الخمسة بالمئه وعدنا بخطى ثابته الى عصر ماقبل الثورة .. بل أسوء بكثير من مرحلة الاقطاع. هذه دراسة لمشاكل مصرالرئيسية قد أعددتها وتتناول كل مشاكلنا العامة والمستقاة من الواقع وطبقا للمعلومات المتاحة فى الداخل والخارج وسأنشرها تباعا وهى كالتالى: 1- الانفجار السكانى .. وكيف أنها خدعة فيقولون أننا نتكاثر ولايوجد حل وأنها مشكلة مستعصية عن… قراءة المزيد ..