إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
شبهات حول دور إسرائيل في تصفية “رئيسي”
حسين باستاني (صحفي في BBC فارسي)
ترجمة – “شفاف”:
أقيمت صلاة الجمعة في طهران، فيما أثيرت منذ الإعلان عن حضور علي خامنئي مراسم الصلاة، أسئلةٌ ذات طابع جديد في أجواء الرأي العام. ولعل السؤال الأهم من بينها هو ما مدى احتمالية أن يكون زعيم جمهورية إيران الإسلامية أحد “الأهداف التالية” للإسرائيليين؟
لقد أثير هذا السؤال وأسئلة أخرى بشكل رئيسي، من منظور التكهُّنات، حول “مستوى الصراع” بين الأطراف المتحاربة. ومع ذلك، فإن حذف الشخصيات الرئيسية في النظام الإيراني في الأشهر الأخيرة – وبطريقة ما في السنوات الأخيرة – له جانب آخر لم يُحظَ بملاحظة: أن بعض تلك الشخصيات ربما كان من المفترض أن تلعب دورا حاسما في الفترة التي تعقب قيادة خامنئي.
● الغائبون خلال الفترة الانتقالية
لا شك أن أحد أهم الشخصيات التي أثَّرت وفاتها على المعادلة السياسية الإيرانية هو إبراهيم رئيسي. ولا توجد معلومات دقيقة عن السبب الحقيقي لتحطم المروحية التي كانت تَقِلُّه. لكن الدور المحتمل لرئيسي بعد وفاة خامنئي، على افتراض بقاء الجمهورية الإسلامية في إيران، كان يعتبر في غاية الأهمية.
لسنوات عديدة، تم ذكر رئيسي كمرشح محتمل لخلافة المرشد. ونتيجة لذلك، سواء وصل بالفعل إلى هذا المنصب أو لم يصل، فإن دعمه للمرشد الجديد كان له أهمية خاصة في عملية نقل السلطة.
لفهم أهمية الرئيس السابق في معادلات السلطة بشكل أفضل، يكفي أن نتذكر كيف نقلت وفاتُه الصراع الداخلي بين الحركات الموالية للنظام إلى مستوى مختلف تماما، لدرجة أنه في الانتخابات الرئاسية الماضية بدأ رموز النظام “يضربون” بعضهم بعضا، مُتخطين تقريبا الخطوط الحمراء.
الشخص الآخر الذي كان يُعتقد أن له دورا حاسما بعد خامنئي هو حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني. ربما بعد قاسم سليماني، كان نصرالله هو الأكثر شعبية بين المدافعين في الداخل والخارج عن الجمهورية الإسلامية.
ومن بين أنصار المرشد، كان هناك من أشار إلى عدم وجود شرط «الجنسية الإيرانية» لولي الفقيه في الدستور، وبالتالي اعتبر أن نصر الله مؤهل لهذا المنصب، على الرغم من أنه يبدو من المستحيل إنجاح مثل هذا النقاش في الواقع.
على أي حال، وبغض النظر عن السِجالات النظرية، كان يمكن أن يكون حسن نصر الله مهما جدا في الفترة الانتقالية في مسألة خلافة خامنئي، في ترسيخ مكانة الزعيم الجديد بين حلفاء طهران في الداخل وفي طهران خصوصا. وهي الأهمية التي كانت، على نطاق أكثر محدودية، مفهومة أيضا بالنسبة لـ”اسماعيل هنية“، الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس.
وبطبيعة الحال، فإن ما يضمن ولاء حلفاء الجمهورية الإسلامية، هو في الدرجة الأولى التسهيلات المالية واللوجستية التي توفرها طهران لهم.
ولكن سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن “كل” سلطة عليا (“مرشد”) في طهران سيكون لها نفس المواقف تجاه المدافعين عن هذه السلطة في الداخل وكذلك عن الحلفاء الإقليميين. ولفهم هذه الحقيقة بشكل أفضل، يكفي مقارنة موقع إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، مع موقع قاسم سليماني داخل النظام.
شخصية قاسم سليماني كان يمكن لها أن تلعب دورا مهما في حقبة ما بعد خامنئي عندما ينظر إليه من خلال هذه الحقيقة الواضحة: أن أيا من رجال الدين الإيرانيين الذين تم اقتراح أسمائهم كمرشحين محتملين ليحلوا محل خامنئي يتمتع بالمصداقية الكافية بين المدافعين عن النظام. ولا ينبغي أن ننسى أن إبراهيم رئيسي كان له شخصياً العديد من المعارضين على مستوى أنصار النظام.
كان منصب القائد السابق لفيلق القدس في هيكل السلطة مُهمّاً بحيث يمكن الافتراض أنه إذا أصبح أحد المرشحين المعتدلين الحاليين هو المرشد، فلا مفر من تأثير قاسم سليماني في “تنصيبه” وتشكيل إجماع عليه. بدا هذا الدور أكثر ضرورةً، لا سيما بالنظر إلى الوظيفة المتوقعة للحرس الثوري الإيراني خلال فترة الاستقرار ومكانة سليماني التي لا مثيل لها في الحرس الثوري الإيراني، مقارنة بالقادة الهامشيين الآخرين في هذه المؤسسة.
وفي الوقت نفسه، يجب أن يؤخذ في عين الاعتبار أهمية غياب قاسم سليماني وإبراهيم رئيسي وحسن نصر الله خلال الفترة الانتقالية لتعيين المرشد الجديد، إلى جانب غياب مجموعة واسعة من القادة الآخرين الميدانيين خلال تلك الفترة. نحن نتحدث عن شخصيات تم إزاحتها من المشهد لأسباب مختلفة، خاصة نتيجة للهجمات الإسرائيلية، ومن بينها تقريباً جميع قادة حزب الله الكبار، ومعظم قادة حماس، وعدد كبير من القادة رفيعي المستوى من الحرس الثوري. أشخاص لا يمكن افتراض كيف يمكن أن يلعبو دورا مهما في المعادلات المستقبلية، لكن اغتيال “هذه المجموعة” له أهمية استراتيجية.
●عملية الإقصاء الجسدي
إن إقصاء الشخصيات المؤثرة من فضاء المعادلات السياسية يصبح أكثر أهمية عندما يتم النظر في إمكانية استمرار هذه العملية. لأنه من غير المرجح في نظر مؤيدي الجمهورية الإسلامية أو معارضيها أن يكون زعيم حزب الله اللبناني هو بالضرورة الشخصية الحاسمة الأخيرة التي قُتلت.
وفي هذا الصدد، من غير المرجح أيضا أن يكون مؤيدو النظام ومعارضوه واثقين من عدم اغتيال كبار المسؤولين في الحكومة الإيرانية.
ويعتقد العديد من المحللين بالطبع أن إسرائيل لن تتجاوز بعض الخطوط الحمراء في هذا الصدد، وربما يكونوا على حق. ومن ناحية أخرى، يجب أن نأخذ في عين الاعتبار أن العديد من عمليات الإغتيال الأخيرة – من إسماعيل هنية إلى حسن نصر الله – فاجأ المراقبين والمحللين تماما.
في الواقع، لا يوجد ضمان منطقي بأن سلسلة العمليات الإسرائيلية المستقبلية لن تؤدي إلى المزيد من الإغتيالات.
وبطبيعة الحال، لا تزال هناك نقاط غموض لا حصر لها فيما يتعلق بالحذف المتعاقب لشخصيات رئيسية في الحكومة الإيرانية. على سبيل المثال، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل لعبت دورا في مقتل إبراهيم رئيسي أم لا. بالإضافة إلى ذلك، من غير المعروف ما إذا كانت العملية الإسرائيلية الأخيرة ضد القادة رفيعي المستوى تهدف أيضا إلى التأثير على توازن القوى في إيران. والأهم من ذلك أنه من المستحيل التنبؤ إلى أي مدى ستستمر عملية الحذف هذه.
لكن لا شك أن استمرار هذه العملية سيترك آثارا عميقة وحقيقية على مستقبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
إلا أن النطاق النهائي لهذه التأثيرات يعتمد بالضرورة على مجموعة من المتغيرات الداخلية والخارجية، وخاصة مستوى استعداد الجهات الحكومية أو غير الحكومية أو المناهضة للحكومة لاستغلال الظروف الجديدة، أي اللاعبون الذين سيكون لديهم القدرة على استخدام هذه المواقف وفقا لمستوى استعدادهم – أو عدم استعدادهم – لذلك.