في 7 حزيران 2009، قدمت “عروس البقاع” إلى 14 آذار أكثرية “أثبتت” أن مرحلة 5 سنوات من النضال لم تأت من عدم. والأدل على هذه الواقعة أن زحلة تحديداً هي التي أعطت الفوز للـ14 آذاريين، زحلة ليس بوصفها عاصمة “الكثلكة”، ولا عروس المصايف، بل هي زحلة التي نزعت عنها زعامة الإقطاعيين، وطوت مرحلة من الوصاية كان فيها ضابط سوري يستطيع فرض ما يريد على أكثر من 100 ألف مواطن في المدينة.
بعد أقل من عام، وفي الاستحقاق البلدي للمدينة، عاد النائب السابق إيلي سكاف إلى زحلة كما كان! هذه العودة لها أسبابها التي لابد من التوقف عندها. فليس من المعقول أنه في أقل من عام يتحول المزاج الشعبي في المدينة من “سيادي” إلى “وصائي”، وتنقلب الأمور رأساً على عقب من لا شيء.
ما حصل في زحلة يستدعي مراجعة دقيقة من كل قوى 14 آذار التي عندما يحتاجها أناسها تكون أبعد ما يكون عن الواقعية، بل تحاول جاهدة لتثبت أنها عليمة بالشارع وأصله وفصله، فيتبيّن لها دائماً أنها أقل تمسّكاً بثورة الأرز ومبادئها من ذلك الشعب الذي أوصلها مرّة وعشرة إلى مبتغاها، حتى أنها (أي 14 آذار بقيادتها) أصبحت في مكان ما تتصرف مع جمهورها كما يتصرف “زعيم الرابية” مع محازبيه ومحبيه، وعاشقي “انفعاله”.
لا بد لـ14 آذار بقيادتها إذا ما أرادت الاستمرار أن تراجع حساباتها، وأن تُدرك قبل كل شيء أن معركتها ليست مع ميشال عون. “التسونامي” انتهى! أمام قوى الاستقلال حلّان لا ثالث لهما، أن تبتعد عن جمهورها وبالتالي يكون مصيرها كمصير الـ”عماد”، أو أن تعود إلى قواعدها فتجدد شبابها في مرحلة دقيقة جداً يمر بها لبنان. وهي بحاجة إلى استعادة زخم “الحركة الاستقلالية”، كي لا يذهب نضال السنوات الماضية هباء، في بحر التسويات أو “الإندحارات” الإقليمية.
من هنا، الدرس الذي يجب أن تكون 14 آذار قد تلقنته وتلقفته جيداً في زحلة مفاده، أن “سند الدعم” الذي تلقته من أهالي المدبنة في حزيران 2009 لا يمكن أن يستمر من تلقاء نفسه، ودون أي جهد يبذله نواب زحلة في زحلة لتثبيت وتكريس عقيدة 14 آذار ونهج 14 آذار. لعلّ الوقوف على الرأي العام “الزحلي” في كل يوم هو واجب هؤلاء النواب، وقيامهم بهذا الأمر ليس منّة منهم على المواطن، بل فرض أملته عليهم صناديق الاقتراع.
أيضاً، إن الدرس الأهم الذي انتجته الانتخابات البلدية في زحلة، موجه تحديداً إلى أحزاب 14 آذار: ليس من المقبول أن يتصرف أي من هذه الأحزاب على طريقة 8 آذار، فتتحول “النكايات” إلى عرف!
وبشكل أدق، ليس من المقبول أن ينتفض الرئيس أمين الجميل ليرشح وليد الشويري إلى رئاسة البلدية في المدينة دون أن يقف عند رأي غيره من مكونات قوى الاستقلال، من ثم يعود عن خطئه بخجل لا يكفي لتعويض “الخسارة”. ليس من المقبول أن يذهب أنصار 14 آذار إلى صناديق الاقتراع وهم في حيرة من أمرهم، نرضي الحزب أم ندعم “الخط السيادي” مجتمعاً.
درس زحلة قد يكون “الصدمة الإيجابية” التي تحتاجها قوى الاستقلال، وقد لا يكون. المقبل من الأيام سيحمل جواباً على هذا التساؤل.
يقول المثل: عندما يبكي الآخرون نبكي، وعندما يضحكون، نحن لا نبكي.