قرأت هذه الأيام في افتتاحيّة مُتميِّزة لزياد كريشان في الأسبوعية التونسية Réalités بعنوان “صور، معتقدات، وحريّة التعبير”، أنّ أربعة محامين تونسيّين بينهم إمرأة تقدّموا بطلب لمُفتي الجمهورية التونسية طالبين منه استخدام “سلطته الدينية” لمنع عرض ثلاثة مسلسلات تلفزيونية على القناتين الخاصّتين نسمة وحنبعل. الدافع الذي دفعهم إلى هذا المسعى الغريب أنّ هذه المسلسلات، وهي جميعا من إنتاج الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تُقدّم صُور أنبياء: “يوسف، ويعقوب، والمسيح، ومريم العذراء”. وتقديمُ صور الأنبياء محظور في الإسلام السنّي عكس الإسلام الشيعي الذي يعتبره حلالا بَلالا.
ناقش زياد كريشان المحامين التونسيين الأربعة في مسعاهم شكلا ومضمونا. من حيث الشكل آخذهم عن التوجّه إلى المفتي بدل المحكمة. فالمفتي في تونس ليس بابا ولا يتمتّع بأي سلطات دينية. ثم استغربَ كيف أنّ محامين يُفترض فيهم أن يدافعوا عن حرّية التعبير يطالبون بتكميم الأفواه بدلا من ذلك. ومن حيث المضمون، ذكّرهم بأنّ الفقه الإسلامي السنّي لا يُحرّم صور الأنبياء وحسب بل يُحرّم كلّ تصويرٍ سواء كان لبشر أو لحجر أو لحيوان. فلماذا اقتصروا على التمسّك فقط بتحريم صور الأنبياء والخلفاء الراشدين بدلا – حسب منطقهم الديني – من أن يطلبوا من المفتي، طالما اعتبروه مرجعيّتهم المُفضّلة، تحريم جميع أنواع الصور في التلفزة، والصحافة، والإعلانات، وحتّى في جوازات السفر وبطاقات الهُويّة، إذا أرادوا أن يكونوا مَنطقيّين مع عقيدتهم السلفيّة في تحريم التصوير.
في الحقيقة، ليس المحامون فحسب هم الذين اقتصروا على الأنبياء وكبار الصحابة، بل كلّ السلفيّين المتعصّبين المعاصرين الذين تنطبق عليهم الآية الكريمة: “أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض” (البقرة، 85). وبالمناسبة، فلا أثر في القرآن لتحريم التصوير أو النحت أو الرسم. هذا التحريم موجود فقط في التوراة، تحديدا في سفر الخروج، وفي كتب الحديث التي هي عادة تأخذ النّص التوراتي والتلمودي وتصوغه في شكل أحاديث ترفعها للنّبي. ولا يفوتني هنا أن أُلفت نظر القارئ إلى كتابين أساسيّين في نقد المُحدِّثين للمُفكّر الإسلامي الكبير العلاّمة جمال البنا. الأول هو : “تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث التي لا تُلزِم”، والثاني هو : “جناية قبيلة حدّثنا” على الإسلام طبعا، وهما منشوران في دار دعوة الإحياء الإسلامي. www.islamiccall.org (gamal_albanna@yahoo.com) المقياس الذي قاس به جمال البنا أحاديث “الصحيحين” هو القرآن الكريم. فكلّما وجدها متعارضة مع القرآن الكريم رفضها.
فماذا تقول التوراة في تحريم التصوير والنحت: “لا تَصْنَعْ لك البتّة صورة منحوتة ولا أيّة صورة لأيّ شيء مِمّا في السماء، أو في الأرض، أو مِمّا هو في الماء عميقا تحت الأرض. لا تسجُد لها ولا تستخدمها للعبادة، لأنّي أنا إلهك إله غيُّور، الذي يُعاقب ظُلم الآباء عل الأطفال إلى الجيل الثالث والجيل الرابع من الذين يكرهونني” (سفر الخروج، 4-5 وسفر التثنية، 8-9). فكيف استلهم البخاري مثلا هذا النّص التوراتي وحوّله إلى أحاديث. جاء في البخاري، في “باب التصاوير”، حديث مرفوع إلى الرسول (ص) : “لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب وتصاوير”. وعلى ذكر الكلب، ثمّة حديث شهير يُنسب ظلما للرّسول، وهو الذي أوصى في خطبة الوداع خيرا بالنّساء، يقول : ” يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود”. فهل يعني هذا أنّ المرأة المُسلمة أقلّ كرامة وطهارة من الكلب الأبيض الذي لا يُبطل الصلاة إذا مرّ أمام المُصلِّي؟ والأفدح من هذا أنّ النبيّ كاد ينقطع عنه الوحي ويفقد رسالته بسبب الكلب والصورة. فقد ذكر مُسلم في “صحيحه”، في “باب تحريم تصوير صورة الحيوان …”، حديثا عن طريق ابن عبّاس عن ميمونة أنّها قالت : ” أن رسول الله (ص) أصبح يوما واجما. فقالت ميمونة: يا رسول الله! لقد استنكرتُ هيئتك منذ اليوم. قال رسول الله (ص) : “إن جبريل كان وعدني أن يلقاني الليلة. فلم يلقني. أم والله! ما أخلفني” قال فظل رسول الله (ص) يومه ذلك على ذلك. ثم وقع في نفسه جرو كلب تحت فسطاط لنا. فأمر به فأُخرِج. ثم أخذ بيده ماء فنضح مكانه. فلما أمسى لقيه جبريل. فقال له : “قد كنتَ وعدتني أن تلقاني البارحة” قال: “أجل. ولكنّا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة”. فأصبح رسول الله (ص)، يومئذ، فأمر بقتل الكلاب. حتى إنه يأمر بقتل كلب الحائط الصغير، ويترك كلب الحائط الكبير”.
ويضيف البخاري في “باب عذاب المُصوّرين يوم القيامة”، في حديث يرفعه دائما إلى الرسول : “إنّ أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة المُصوِّرون”. وفي حديث آخر، دائما عند البخاري، ومرفوع دائما إلى الرسول (ص) : “إنّ الذين يصنعون هذه الصور يُعذَّبون يوم القيامة، يُقال لهم أَحْيُوا ما خَلقتم”. وفي “باب نقض الصور”، يروي البخاري أيضا : “أنّ عائشة (ض) حدّثته (ابن حطّان) أنّ النبيّ (ص) لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلاّ نقضه”، عِلمًا بأنّ الرسول يوم فتَح مكّة حطّم جميع أصنام الكعبة إلاّ صورتي مريم العذراء وابنها عيسى المسيح. فقد أمر بإبقائهما حيث كانا. ولم يتحطّما إلاّ يوم هدَّم الحجّاج بن يوسف الثقفي الكعبة بالمنجنيق. وعندما أعاد عبد الملك ترميمها لم يُعِد إليها الصورتين.
وقريبا منّا ما لاقاه المغفور له الملك فيصل، المصلح النادر الذي ألغى الرِّق في السعودية سنة 1964، من تعنّت ورفض علماء الدين بقيادة كبيرهم عبد العزيز بن باز، وذلك عندما أراد إدخال الصورة في بطاقات الهويّة الشخصيّة. فحاول الملك فيصل ترويضهم مُستعينا بالشيخ الفيلسوف صبحي الصالح من دار الإفتاء اللبنانيّة. وفعلا أقنعهم هذا الأخير بضرورة القيام بذلك. وعندئذ أفتى الشيخ ابن باز بأنّ إدخال الصورة في البطاقات الشخصيّة “مكروه” وليس حراما.
فيا أيّها السادة المحامون، أناشدكم بالتّدخّل لدى جميع السلطات في كلّ بلد مسلم لإنقاذ المصوِّرين من هذا العذاب الأليم، التي أعدّته لهم كتب الحديث، بمطالبتها بإغلاق جميع محلاّت التصوير، وقاعات السينما، وتحطيم جميع آلات التصوير، وتمزيق جميع الصور حيثما كانت بما في ذلك جوازاتكم أنتم وبطاقات هويّتكم حتّى لا تمسُّكم النّار التي وقودها النّاس والحجارة.
اليوم، ما يقوم به كثير من رجال الدين الإسلامي من تحريم التصوير، والرسم، والنحت، فإنّهم لا يفعلون شيئا غير تقديم أجلّ الخدمات للإسلاموفوبيا في العالم. وصدق الحديث القائل – حتّى ولو كان موضوعا – : “طلبتُ من ربّي أن لا يُسلِّط على أُمّتي عَدوًّا من سوى أنفسهم…”.
مسكين الإسلام، أشدُّ أعدائه من صلبه.
Nacer.benrajeb@free.fr
* كاتب تونسي
عن تحريم الصور في الإسلام
سوري قرفان
ونصوص الكتاب المقدس مسروقه ومفبركه أيضاً، ولا ينسى المسيحي المتدين إجرام المسيحين في العصور الوسطى وإبادة شعوب وإثنيات باسم المسيح إبان الاكتشافات الجغرافيه والحقبه الاستعماريه التي تلتها
عن تحريم الصور في الإسلام
stern — stern_43@yahoo.com
نصف القرأن والاحديث مسروقة من الكتاب المقدس والنصف الاخر من الاديان الوثنية
عن تحريم الصور في الإسلام
– السؤال : لماذا تعرض تلفزة (تونسية) مسلسلات من إنتاج “الجمهورية الإسلامية الإيرانية”؟