إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
تَعكِسُ موجةُ الترحيب بوصول الشيخ محمد إلى رئاسة الحكومة تََوَق الكويتيين فعلاً إلى التغيير والتجدُّد. فعقلية الرجل َلَمن يعرفَهُ َمُبرمَجة على مواضيع التنمية والإدارة والانفتاح والاستفادة الايجابية من العلاقات الاقليمية والدولية. ليس سرّا انه يعتبر المملكة العربية السعودية صمامَ امانٍ للخليج والعرب ويعتبر أنّ على الكويت العودة إلى لعب دورها الخارجي بجدارة ويعتبر ان الولايات المتحدة قاطرة ٍّدولية ينبغي على العالم اختيار المحطات التي يلتقي فيها معها بدقة وتأن.
كان لافتاً، وربّما نادراً، ان وزارة الخارجية الاميركية أصدرت بيانا رحبت فيه بتعيين الشيخ محمد صباح السالم الصباح رئيسا لمجلس الوزراء. أعربت وزارة الخارجية الاميركية عن تطلع الولايات المتحدة إلى تعميق شراكتها مع دولة الكويت ورئيس مجلس الوزراء الجديد “فيما نسعى إلى تحقيق المزيد من الاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط”. كذلك، قدَّم مستشارُ الأمن القومي الأميركي جيك ساليفان التهنئة إلى الشيخ محمد معتبراً ان “العلاقة بين الولايات المتحدة ودولة الكويت تشكلت على أمد عقود لتعزيز السلام والأمن في الشرق الأوسط».
بعيدا من البعد الخارجي الذي يتمتع به شخص محمد الصباح، فهو يملك برنامجاً ادارياً يتمنى ان يستطيع تحقيقه في الكويت في ظل العهد الجديد. هذا البرنامج لا يستقيم للأسف مع الظروف والأوضاع السائدة على مدى عقود بعدما تملكت التدخلات النيابية قوة تعطيلية كبيرة.
معروفٌ أنّ الشيخَ محمد يعمل، كما يقول عارفوه، بطريقة الفريق. يحتاجُ كي يديرَ السلطة التنفيذية إلى قوةً تنفيذية عمادُها الكفاءة. هذه القوة لن تحقق غايتها إذا أصر نائب او كتلة على حشو الادارة والمؤسسات بمقربين من من اجل غايات انتخابية. معروف في الكويت ان عددا كبيرا من الاستجوابات في مجلس الأمة (البرلمان) أخذ علنياً طابعاً وطنياً عاماً وهو في حقيقته انتقامٌ من نائبٍ او مجموعة نواب لعدم قبولِ الوزير معاملاتهم. الامر الآخر ان الشيخ محمد يعتبر السياسة الخارجية للكويت جزءاً من الامنِ القومي، وهو بالتأكيد لن يكون سعيداً إذا شاهد هذا الزحف من قبل السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية مثلما حصل عندما هدد أحد النواب، ويدعى عبد الكريم الكندري، وزيرَ الخارجية في الحكومة المستقيلة الشيخ سالم العبدالله باستجوابه في حال قبل استلام أوراق السفيرة الاميركية الجديدة في الكويت. كذلك الأمر بالنسبة إلى المواقف التي يمكن أن تضرَّ العلاقات مع دول الخليج او مصر، اذ لا يخفى ان في الكويت تيارات سياسية، خصوصاً إسلامية، تجهر بانتقادها لهذه الدول. سيكون الشيخ محمد الصباح عنواناً لمرحلة جديدة في الكويت ان تمكن من العمل كما يرغب وفق قواعد التنمية لا وفق قواعد الالغام السياسية التي ترسّخت في ظل جمود الآليات السياسية الراهنة وعجزها عن التقدم بالكويت. من التقى الشيخ محمد يعرف تركيزه على التنمية خصوصا خطورة اعتماد الكويت عل مصدر دخل واحد هو النفط. يحاضر محمّد صباح السالم امام طلابه الجامعيين ويقول لهم أنّ جُزُراً غنية صغيرة المساحة قليلة السكان اندثرت بسبب اعتمادها على مصدر واحد للثروة.
ِلا شك في ان تشكيل الحكومة الجديدة سيكون أول المؤشرات إلى وجود تغييرٍ في الكويت وإلى وجود ضوءٍ أخضر بإطلاق يد الشيخ الدكتور محمد في العمل وفق ما يؤمِن به بعيدا عن أشكال الحكومات السابقة التي كان يُراعى فيها وان بشكل غير معلن دخول أشخاص من قبائل معينة أو الحضر أو مذاهب معينة أو تيارات سياسية معينة سواء كانوا ليبراليين أو سلفيين أو “اخوان”. هنا سيكون الامتحان الأول على أن يليه لاحقاً امتحان العلاقة مع البرلمان المطلوب أن يلعب دوره الحقيقي وليس دور إسقاط الحكومات…
يعتقد كثيرون ان المرحلة المقبلة لن تشهد مساومات مع النواب بل ستلزمهم التزام فصل السلطات والتركيز على التشريع والرقابة فقط. هذه خطوة جبارة إذا تحققت في بلد عانى طويلا من تعطيل العمل الحكومي بسبب مصالح ضيقة لبعض النواب وبسبب المزايدات الداخلية التي تقوم على المتاجرة بالدين من جهة والشعارات القومجية التي لا طائل منها من جهة أخرى.
ألنهار العربي