مسؤول باكستاني حالي يؤكّد أن عماد مغنية قام قبل سنوات بزيارة لمنطقة “كشمير” الباكستانية حيث ينشط “المجاهدون” الأصوليون “السنّة” ضد الإحتلال الهندي لكشمير. وتؤكّد مصادر أميركية صحّة هذه المعلومات الباكستانية، مضيفة أن عماد مغنية درّب أصوليي كشمير على صنع المتفجّرات المحلية الصنع (IED) التي استخدمها جماعة إيران لاحقاً على نطاق واسع ضد القوات الأميركية في.. العراق!
قد يكون هدف الرواية التالية التي نشرتها “الأخبار” الإلهية حول دور عماد مغنية في تأهيل “حماس” هو رفع المعنويات وإظهار أن حزب الله وإيران لم “يقصّرا” مع “حماس”، ولكن المضمون قابل للتصديق على الأقل بخطوطه العريضة. ولو أن الإشارة إلى أن “شبكة الإتصالات تمثّل سلاحاً إستراتيجياً” تبدو متعمّدة لتبرير إنقلاب حزب الله وأتباعه على الدولة اللبنانية واحتلالهم للعاصمة في شهر أيار 2008.
ما يلي المقاطع المفيدة من تقرير “الأخبار”، بقلم إبراهيم الأمين:
عماد مغنيّة في غزة: شبكة اتصالات وأنفاق وهرمية ومخزون يكفي لأشهر
بل أيام من انطلاق العدوان، كان قادة «حماس» من السياسيين والعسكريين ومعهم قادة الفصائل الأخرى قد اختفوا عن مراكز المراقبة التقليدية. بدا أن خطة إخلاء مُحكمة قد نفذت بهدوء وصمت. وعندما أغار الطيران المعادي، أصاب 150 هدفاً مفترضاً تبيّن أنها كانت خالية وقتل من كان بقربها من مدنيين. وعدا عن مجزرة الشرطة (التي لها روايتها وأبطالها من الذين نصبوا الكمين)، فإن الضربة الاولى لم تحقق أياً من أهدافها. فما الذي حصل؟
لم يكن قد مرّ وقت طويل على هزيمة إسرائيل في لبنان، حتى كان الشهيد عماد مغنية يعيش هاجس نقل التجربة الى فلسطين. سارع الى عقد سلسلة من الاجتماعات التي لم تتوقف حتى عشية استشهاده، وهو يتابع ما يعتبره حلمه الأكبر. قال رضوان لرفاقه الفلسطينيين إن شبكة الاتصالات تمثّل سلاحاً استراتيجيّاً، ومعها سلاح الاماكن الخاصة. وخلال وقت قصير، كانت الخطط قد وضعت، وسافر العشرات من كوادر المقاومة الفلسطينية الى سوريا ولبنان وإيران وأتيح لهم الاطلاع على تفاصيل كثيرة، واستفادوا من خبرات كبيرة، وخلال أقل من سنة، كانت غزة أمام واقع ميداني يختلف عمّا ساد هذه المناطق لعقود خلت.
الهرمية العسكرية لقوى المقاومة، ولا سيما لـ«حماس»، أخذت شكلاً مختلفاً. وأخذت بالاعتبار حرباً إسرائيلية من نوع مجنون كالذي يحصل الآن. جرت مناقشة الأمور كلها، بما في ذلك طريقة حماية المخزون المتعاظم من القدرات القتالية، وكيفية إبقاء طرق الإمداد قائمة، وكيفية حفظ التواصل بين المجموعات كلها. وينقل عن الشهيد مغنية قوله إن «الفلسطينيين يثبتون يوماً بعد يوم أنهم الشعب الجبار الذي بمقدوره تحمل كل الصعاب، وأن طريقة تحويل باطن الأرض حول القطاع وداخله إلى مدن قائمة يشير إلى أنه إذا توافرت لهم الإرادة والقيادة فسيحققون ما عجز عنه السابقون».
ولذلك فإن الضربة الاولى التي نفذها طيران العدو لم تحقق سوى صدمة الرعب، التي أربكت الجميع بمن فيهم قيادات المقاومة في فلسطين وخارجها. لم يكن الأمر مستبعداً، ولكن حجم الضربة وحجم الجريمة ترك مفعول الصدمة. وبحسب ما هو مفترض، فإن الامور سارت على النحو الحسن. وخلال يومين، استعادت المقاومة الإمساك بالوضع، وتبيّن أن قدرتها على التحكم والسيطرة على آلية المواجهة جيدة، لا بل إنها لم تتعرّض لضربات جدية، وأن ما أصابته الغارات الاسرائيلية كان القليل القليل من القدرات، وكان الجميع يعي أن الحملة الجوية سوف تمهّد للحملة البرية، التي لها حساباتها أيضاً.
■ اللامركزية في مقابل التقطيع
رأى العدو أن المهم بالنسبة إليه هو إضافة جرعة جديدة من الرعب. لم تكن مشاهد الحشود والدبابات كافية لتحقيق العرض. وعندما توالى سقوط الصواريخ على جنوب القطاع وشرقه وشماله، اكتشف الاسرائيليون أن هناك فشلاً استخبارياً قد وقع، وأن هناك ما يشبه الأيام الأولى لحرب لبنان في تموز عام 2006.
وبعد مرور أسبوع على العدوان، كان النشاط البري ينحصر في ما سمّاه الاسرائيليون «المرحلة الثانية»، التي تقضي بتقطيع أوصال القطاع واحتلال كل المناطق المفتوحة التي يفترض أنها مراكز للوحدات المكلفة إطلاق الصواريخ. ودخل المئات من جنود الاحتلال، وهم يحسبون أن الحرب على وشك الانتهاء، إذ إن المقاتلين اختفوا، ولكن سرعان ما عادوا الى الظهور، وصاروا يطاردون قوات الاحتلال، التي تقضي المرحلة الثانية من عدوانها بتجنّب الالتحام مع المقاومين وتحصر الهدف بتقطيع أوصال القطاع، أملاً بضرب الهرمية القيادية للمقاومة وإحداث فوضى وارتباك.
غير أن الذي حصل هو الدرس الثاني والأهم من حرب تموز، وهو الذي يقضي بوضع كل الخطط التي تجعل وحدات المقاومة مسؤولة عن قطاعات محددة، ولكل مجموعة تجهيزاتها الكاملة ومؤنها وخططها للعمل، وبالتالي فإن الحلقة المركزية لا تتطلب عمليات نقل للقوات أو عمليات إمداد ذات طابع تقليدي. وانعكس ذلك قدرة على المناورة في المناطق التي تحركت فيها قوات الاحتلال، وأخذ بعداً إضافيّاً في الأماكن الاخرى، حيث يفترض الاسرائيليون أنهم سينطلقون باتجاهها إذا قرروا الدخول في المرحلة الثالثة من العملية العسكرية.
■ العتاد والصواريخ والتكتيك
إلا أن العناصر الإضافية تمثلت في توفير مخزون صاروخي لدى المقاومة يكفي لتحمّل الصعاب لوقت طويل، ويُوزّع بطريقة تمنع تعرضه للتعطيل، حتى لو نجح العدو في احتلال أمكنة كثيرة من القطاع. ورُبطت آلية العمل بوتيرة تحفظ سقوط الصواريخ، ومن أمداء مختلفة، وذلك لمدة لا تقل عن ثلاثة شهور، وهي المدة التي يفترض بالمقاومة أن تحولها إلى حرب استنزاف كاملة إذا ما قررت إسرائيل البقاء في حالة العدوان وتوسعت في احتلال مناطق اضافية من القطاع.
وتمثّل عنصر المفاجأة الإضافي في كميات الأسلحة ونوعيتها وعدد الصواريخ التي أدخلت الى القطاع. وعندما شعر حاكم مصر بأن ما تحدّث عنه الإسرائيليون لم يتحقّق جديّاً، وبعد مرور أكثر من أسبوع على اندلاع المعارك، تم ترتيب اجتماع عاجل في طابا بين كبار المسؤولين الامنيين في مصر وإسرائيل. كان الجانب الاسرائيلي يقول صراحة إن الحملة الجوية لم تحقق هدف إطاحة قيادة «حماس» السياسية والعسكرية، وإن ما يجري على الأرض يظهر قدرات خاصة عند مقاومي «حماس»، لكن الأهم بالنسبة لهؤلاء هو الأشارة إلى أن المخزون الصاروخي لا يشبه البتة ما كان ينقل إليهم من تقارير يعدّها عملاء، وبعضها أتى من ضباط في أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، أو نقلتها الولايات المتحدة وعواصم غربية من خلال آلية التعاون غير المباشر مع أجهزة أمنية عربية.
وركز الاسرائيليون في الاجتماع المذكور على مسؤولية مصر في عدم ضبط الحدود بصورة جدية، ما دفع الضباط المصريين الى الحديث عن إنجازات في تدمير مئات الأنفاق واعتقال العشرات من المواطنين في جنوب سيناء، وعن تبديل ظل متواصلاً للفريق الأمني والعسكري العامل هناك، وصولاً الى الحديث عن أن التهريب يتم عبر البحر لا عبر الحدود البرية.