يأتي بيان بلحاج الجديد مع استمرار محاكمة رشيد رمضة في باريس بالصلة مع تفجيرات 1995، وبعد صدور بيانات تتضمّن تهديدات لفرنسا من “قاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي”. وكانت السلطات الجزائرية قد أحبطت محاولات لخطف مواطنين فرنسيين في الجزائر خلال الأسابيع الأخيرة.
والأرجح أن يستدرج هذا البيان ردّ فعل عنيفاً من السلطة الجزائرية، أن يعزّز درجة القلق في فرنسا من الخطر الإرهابي.
فقد وجّه نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، على بلحاج، “بيان تحذير النظام من العواقب الوخيمة لمصادرة حقوق المواطنين المشروعة” جاء فيه أن “الإحساس بالظلم والغبن والإقصاء يدفع للعنف والتطرف والتمرد على سلطة الدولة الظالمة الجائرة”! ويأتي هذا البيان بعد منعه من الترشّح لبلدية ” بلدية باش جراح التي يفوق عدد سكانها 2500 ألف مما جعلها تتصدر قائمة أكبر البلديات في الجزائر وإفريقيا ويكفي أن يعادل عدد سكانها بعض دول الخليج” ومنع إسلاميين آخرين من الترشّح في بلديات أخرى.
وشّبه علي بلحاج “ميثاق السلم والمصالحة” بـ”هولكوست جزائري” واعتبر أنه ” فاقد للشرعية الدستورية ومصادم للمواثيق الدولية”. كما انتقد بعنف وزير الداخلية الجزائري الذي قال عنه أنه “من بقايا جهاز المخابرات العسكرية- الذي كان يمارس الاضطهاد وقمع الحريات ومطاردة رموز المعارضة في الداخل والخارج في زمن العهد الاشتراكي..”. واتّهمه بأنه “يتصرف وكأنه هو رئيس الجمهورية.. والآن زاد ظلمه بالتدخل في شؤون المساجد ووضعها تحت الرقابة الأمنية”، كما اتهمه بأنه “يوشك أن يجعل من القوات الأمنية كلاب حراسة للمصالح الفرنسية والأمريكية تحت مسمى مكافحة الإرهاب”!
وشن بلحاج هجوماً عنيفاً على السلطة لأنها “تفتح أبواب الجزائر لليهود والأقدام السوداء وأبناء الحركى الذين يستقبلون أحسن استقبال في مطارات وموانئ الجزائر ومازالوا إلى اليوم يطالبون بالتعويض على “ممتلكاتهم” التي تفوق مليارات الدولارات”!
وخصّص بلحاج مقاطع طويلة من بيانه للتنديد بفرنسا والولايات المتحدة:
“في الوقت الذي تعمل فرنسا على استرداد أملاكها الاستعمارية كما فعلت في مؤسسة ميشلان التي أعيدت إلى فرنسا بأمر قضائي مستندة إلى وثيقة استعمارية لسنة 1957 نرى فرنسا ما زالت تمعن في إذلال النظام وإجباره على التنازلات التي تمس بالسيادة الوطنية التي لم يبق منها إلا الاسم، فتارة تسن قوانين تمجد الاستعمار وتعلن عن تأسيس مؤسسة للحركى سنة 2008 تطبيقا للمادة الثالثة من قانون العار 23 فيفري وتارة بتصريحات يشم منها رائحة الاحتقار والازدراء لتضحيات شهداء الجزائر كالتي صدرت من ساركوزي في زيارته الأخيرة للجزائر.
“وفي الوقت الذي مازالت فرنسا ترفض إعطاء خرائط الألغام المزروعة في شرق البلاد وغربها والتي ذهب ضحيتها مئات المواطنين وهذا من مخلفات الإرهاب الفرنسي الفظيع وفي الوقت الذي ترفض فرنسا الاعتذار عن جرائمها الاستعمارية ومنها ما نجم عن التجارب النووية بالصحراء الجزائرية من آثار وخيمة على الإنسان والحيوان والبيئة ورغم هذا الاحتقار والإذلال يسارع وزير الداخلية إلى التقرب إلى السلطات الفرنسية وتقديم التنازلات المهينة تارة بتسليم أسماء المواطنين الجزائريين المفرج عنهم فيما يسمى قضايا الإرهاب وتبادل المعلومات الأمنية أي الوشاية بأبناء الوطن وفتح المجال للسلطات الأمنية الفرنسية بالتدخل في شؤون المطارات وأماكن تواجد الشركات الفرنسية ومصالحها والمساهمة في التحقيق في بعض القضايا على أرض الجزائر.”