دعا مفتي صور وجبل عامل العلاّمة السيد علي الأمين إلى “الكفّ عن وصف الحكومة بأنها غير شرعية وفاسدة لأن العالم والرأي العام الدولي يعتبرها شرعية ويتفاعل معها”. ورأى “ان الذي يبتّ في شرعية الحكومة هو المجلس النيابي”، وقال: “فليتفضلوا إلى المجلس للبتّ بدستوريّة الحكومة والرئاسات”.
وأعرب عن اعتقاده ان رئيس المجلس النيابي نبيه برّي “لا يمكن أن يقدم على تعطيل المجلس، كما انه ليس من مصلحة رئيس الجمهورية أو غيره أن يدخل في تاريخه انه أدخل البلاد إلى حال الانقسام وتعطيل الدولة”.
ودعا إلى حلّ مسألة المحكمة ذات الطابع الدولي “لأن عدم إقرارها ضمن المؤسسات سيؤدي إلى قيامها وفق الفصل السابع”.
وقال الأمين في حديث إلى “المؤسسة اللبنانية للإرسال” أول من أمس: “لا أعتقد ان الأبواب أوصدت أمام المبادرات ولكن قد يكون ما جرى في السعودية والادعاء بأنهم لم يصلوا إلى اتفاق ايراني ـ سعودي من أجل تشجيع الأطراف الداخلية على أن يحرّكوا المبادرات الداخلية وعندئذ يأتي بعد ذلك التدخل الخارجي من خلال المبادرات الأخرى”.
واعتبر رداً على سؤال “ان حزب الله لا يمكن أن يتحمّل مشروع الأمّة أو مشروع دولة في لبنان، إنما يجب أن يكون هو جزءاً من الأمّة بشكل عام له ما لها وعليه ما عليها”.
وعن الحكومة قال: “إذا كان الكل يوافق على صيغة 19+11 وبحسب الظاهر ان 11 هي كلها للمعارضة ولكن بحسب الواقع ان هناك واحداً منها يشكل ضمانة لعدم الاستقالة وعدم تعطيل الحكومة، هذا مخرج جيّد ولكن المهم أن نصل إلى مخرج، نحن نريد أن نحلّ مشكلة المحكمة الدولية لأنها السبب في الخلاف، فلم يكن العدد مشكلة من قبل، فقد كانت الحكومة موجودة وكان الوزراء المستقيلون جزءاً لا يتجزأ منها ولم يكن ثمة من اعتراض على العدد، فالمشكلة إذاً هي في قضية المحكمة، فإذا اتفقوا عليها عندئذ الأمور الأخرى تعالج وأنا مع إعطاء فرصة للحل الذي يعطي كسباً للمعارضة لأنها حققت ولو من الناحية الظاهرية ما كانت تصبو إليه من العدد بعد الموافقة على مشروع المحكمة”.
وأكد ان المشروع الذي يحمي “الطائفة الشيعية وكل طوائف لبنان هو مشروع الدولة الواحدة واندماج الشيعة والحركات المسلحة عموماً في مشروع الدولة الواحدة”.
وأكد أن “أية اعاقة لمشروع الدولة اعاقة لمشروع الامام الصدر الذي كان دائماً يقول “الجنوب أمانة يجب أن تحفظ بأمر من الله والوطن”، وكان يقصد بقول أمانة أن الجنوب يجب أن يعود إلى أحضان الوطن، لذلك أنا قلت لبعض القيادات ما رفض من الفصائل الفلسطينية قبل عام 1982 وهو تحويل الجنوب بقراه ومدنه ساحة حرب فكيف نقبل به اليوم؟ فلقد أعدتم لنا ما كان قبل العام 1982 والذي كان شعاراً لبعض السياسيين الكبار بأنه “لا عودة إلى ما قبل العام 1982”.
ولعل جملة من حرب المخيمات كانت تحت هذا العنوان، فقلت له لماذا أرجعتمونا إلى العام 1982 في سنة 1993.
واستغرب الأمين “كيف يعتبر “حزب الله” وحركة “أمل” أنفسهما أكثرية داخل الشيعة وفي نفس الوقت هما ضد الأكثرية في الحكم”. وقال: “هم يطالبون بالمشاركة مع الآخرين، ويرفضون المشاركة داخل طائفتهم، ونحن نقول ان الواجهة السياسية داخل الطائفة الشيعية اليوم لا تمثل النظرة التي يحملها عموم الشيعة اللبنانيين، لأن روابطهم الوطنية وولاءهم للنظام السياسي والدولة هو حلم قديم، واذا البعض أعاق مشروع الدولة، فهم ليسوا مع اعاقة هذا المشروع على الاطلاق. واذا اكتسب البعض تأييداً في مرحلة ما (أمل) لأن الناس اعتقدت انهم يكملون مشروع الامام الصدر في بناء الدولة، وبعضهم اكتسب تأييداً لمواجهته الاعتداءات الاسرائيلية (حزب الله) لكن هؤلاء لن يكتسبوا تأييداً اذا وقفوا ضد مشروع الدولة اللبنانية”.
وجواباً على سؤال، قال الأمين: “لا شك بأن ما ذكره الحاج محمد رعد فيما يتعلق بعدم انعقاد مجلس النواب في الدورة العادية، في وقت ان الرئيس بري خارج البلاد، فممكن أن يكون مقصود البعض هو منع قيام الرئيس بري في المستقبل من أن يقوم بفتح جلسة لمجلس النواب، ولكن أنا لا أعتقد ان الرئيس بري يمكن أن تُقطع عليه الطريق في مثل هذه القضية التي ترتبط بالوطن ومصيره، وبشخص عزيز عليه وآخرين أيضاً، لطالما كان الرئيس بري يبدي تحسره وتألمه على الخسارة التي فجع بها لبنان بالرئيس الشهيد رفيق الحريري، لذلك نعتقد ان هذا الرجل الاستثنائي يستحق ان تعقد له جلسة استثنائية، وهذه دعوة للرئيس بري، واعتقد انه قد يكون الرئيس بري في هذا الصدد، ونحن نذكّر بمكانته وموقعه ونعلم مدى حرصه على ان يجنب البلاد المزيد من الأخطار، وهذا الروتين الذي يقال، ان الحكومة يجب ان تطلب من المجلس النيابي، ويجب ان يوقع رئيس الجمهورية، فأنا اعتقد ان الرئيس الحريري وسائر الشهداء الذين سقطوا يستحقون تجاوز هذا الروتين، وهذا الوطن الذي تتضاعف أزماته والأخطار تحدق به يستحق اجتماع النواب وتدارس شؤون هذا الوطن، فإن الشعب لم ينتخبهم ليجلسوا في بيوتهم وإنما ليجلسوا على مقاعدهم من أجل حل مشاكل الناس”.
وانتقد “ان تصدر الدعوة إلى العصيان المدني عن بعض الجهات المؤتمنة على البلاد والوطن والمؤسسات والمسؤولة عن إدارة البلد، فكيف يمكن ان تشجع على العصيان المدني وكأني بهم لا يريدون الخضوع لقانون داخلي ولا لقانون دولي بل يريدون مجتمعاً بلا قانون وهم بذلك يمهدون للفصل السابع الذي يرفضون”.
واعتبر الأمين ان الكلام على ان واشنطن تريد اضعاف حزب الله عبر السعودية ودعم جهات متطرفة “يبرر لحزب الله بأن يحتفظ بكل ما لديه وان يزداد قوة لان هناك فريقاً يريد ان يضعفه”، قال: “لا اعتقد ان هذا الأمر صحيح وأن السعودية في هذا الصدد، أو ان آل الحريري بهذا الصدد، هذا البيت المعتدل وطنياً وإسلامياً وعربياً، لذلك فالذي تدعو إليه السعودية ويسعى إليه الآخرون هو ايجاد حالة من التفاهم في لبنان يجعل الجميع تحت مظلة الدولة اللبنانية، وهناك خوف من الصراعات المذهبية في المنطقة فيجب علينا في لبنان ان نسعى لإطفاء هذه الفتنة وهي في العراق قبل ان تمتد إلى الأماكن الاخرى، لذلك يجب ان ننظر إلى ما نقوم به من أفعال، تقرب من درجات الاحتقان الطائفي والمذهبي، لا ان ننظر إلى الأقوال، فبحسب الأقوال قال الكثيرون بأن الفتنة خط أحمر، لكن العبرة هي بما يجري على الأرض من أفعال، والأفعال التي جرت فيما مضى، والتصعيد الكلامي الذي نسمعه بين الحين والآخر، والدعوة إلى ما يسمى بعصيان مدني، كل هذه أمور لا يمكن عزلها عن انها تؤدي إلى الفتنة التي يرفضها البعض قولاً، والمهم ان نعيد نحن النظر في جملة من الأعمال، وعندها ننجح هنا في لبنان، واعتقد اننا سننجح إن شاء الله في ابعاد شبح الفتنة”.
(المستقبل)