أول ما يخطر ببال من يعرف سوريا الأسد عندما يشاهد أو يسمع ماذا يجري بها الآن من استعراضات هزلية وخيم دبكات من أجل ما سموه بـ”الاستفتاء” على رمز سلطة الاحتلال الداخلي بشار الأسد هو مساءلة لماذا هذه الاستعراضات والمهرجانات والدبكات والمهازل والناس تعرف ماذا يقررون وماذا يسلكون؟ لماذا يخرجون الناس من مؤسساتهم وأعمالهم وهم يعرفون سلفاً نتائج كل شيء في بلد المخابرات، بلد المافيات، بقعة اللاقانون البقعة الواقعة خارج المكان والزمان؟ لماذا يعطلون المدارس والجامعات ويلزمون التلاميذ والطلاب على ترك مقاعد درسهم ليهللوا زورا وبهتانا لمقعد آل الأسد الأعلى؟ الجميع يعرفهم ويعرف كذبهم وتزويرهم فلماذا يصرون على هذه الاستعراضات؟ لماذا هذه المهرجانات وهذا التحدي ونتائج “استفتاءاتهم” و”بيعاتهم” و”تجديد بيعاتهم” و”النعم إلى الأبد”معروفة سلفاً؟ أيريدون القول إن الناس في سوريا تحبهم ونحن السوريون ننظر إليهم على أنهم وحوش منفلتة من أقفاصها وتتحرك وكأن المدينة غابتها؟ أيريدون القول إن هناك من يقدرهم في سوريا ونحن نعرف أنهم المغول الجدد؟ أيريدون القول إن لهم شعبية في سوريا ونحن نقولها في العلن وليس في السر أن حال سوريا وشعبها ليس أفضل الآن مما لو تولى الأمر أرييل شارون واسحق شامير ومناحيم بيغن وموشي دايان؟ أيريدون القول إن الشعب السوري يحبهم وهم يسجنون، وينتقمون من، كل من تسول له نفسه أن يقول إنه سوري (عارف دليلة، أنور البني، كمال اللبواني، ميشيل كيلو، محمود عيسى، حبيب صالح، فائق المير، رستناوي، والقطان…. إلخ)؟ أيريدون القول هناك من يحبهم في سوريا والشجر والحجر مثل البشر يبكي، ينتحب ويتحشرج للكارثة التي حلت بنا وبأرضنا؟ أم أنهم يريدون القول إنهم يضبطون الأمور ولهم شعبية والناس تحبهم ونحن نعرف أن واحدهم لا يجرؤ على السير في الشارع إلا بحماية السلاح؟ لماذا هذه الدبكات وقد سرقوا البسمة من وجوه الجميع؟ لماذا هذا الهدر بالمليارات من أموال الشعب المتضور جوعاً وقد فقروه عمداً؟ لماذا هذا الهدر بالمليارات وهم يوقفون ـ كما تتوارد الأخبار ـ الدعم عن الأدوية؟ لا أحد يستطيع إعطاء الجواب الدقيق على ذلك!
أفي هذا الصخب الزائف المصطنع رسالة ما؟ ولمن هذه الرسالة التي يريدون إرسالها؟ أهي موجهة للداخل أم للخارج؟ ليس الشعب السوري وحده من يعرف حقيقة المافيات التي تحكم سوريا فالعالم بأسره يعرف أن من يحكم بدمشق ينتمي لعصر بائد يندى له جبين التارخ. فإذا كان الجميع يعرف ماذا يجري فعلى من يكذب هؤلاء في دمشق؟ أيكذبون علينا وعلى العالم؟ أم يكذبون على أنفسهم؟ ربما يجب أن نذكرهم أن هذه الحركات التي يجبرون الكثير من أبناء الشعب السوري عليها لا تغير ما في قلوبنا تجاههم ولا تغير من نظرتنا إليهم. ونحن نعلنها أننا نحتقرهم ونخجل من أنهم يحكمون بلدنا بعد أن سيطروا عليها في غفلة من الزمان. لابد من تذكير بشار الأسد ومافياته بأن كل ما يفعلونه بمناسبة، وبدونها، لن يغير من شيء مما في قلوبنا فهم سلطات الاحتلال الداخلي المقيت ولن يهدأ لنا بال، ولن نحتفل بعيد الجلاء إلا بعد أن يتحرر بلدنا منهم. يستطيعون إجبار الناس، بقوة السلاح، أن تخرج إلى الدبكة وإلى حمل صور بشار الأسد ولكنهم لا يستطيعون، أو لا يريدون، أن يعرفوا ماذا في قلوب الناس، وبالتأكيد ما لا يريدون التفكير به هو الدبكات غير المصطنعة التي سيعقدها الشعب الذي يكرههم حين سيتحرر منهم. لا بد من تذكير بشار الأسد ومافياته بنهاية كل الطغاة، لا بد من تذكيرهم بجارهم الجغرافي (ومثيلهم العقائدي) وبنهايته، لا بد من تذكيرهم بأن جارهم منّى نفسه بجيش الملايين وانتهى وحيداً؛ لا بد من تذكيرهم بأنهم هم الخاسر الوحيد؛ لا بد من تذكيرهم بأن نور الشمس لا يحجبها الغربال. لابد من أن نذكرهم بالقول: أجبرتم الناس على ترديد أن قائدهم إلى الأبد حافظ الأسد وعندما مات حافظ الأسد خفتم من نفس هؤلاء الناس واستنفرتم وتحصنتم بدباباتكم وبمدفعيتكم، أجبرتم الناس على وضع اللون الأسود على بيوتهم ولكنكم لم تستطيعوا إخفاء الفرح من قلوبهم لموت الطاغية، أخرجتم الناس بالقوة إلى الشارع وأجبرتموهم على النواح لموت الديكتاتور ولكنكم لم تتمكنوا من إخفاء ابتسامة تلميذة في مقتبل العمر لهذه المشاهد الزائفة، فقد رآها العالم على شاشات التلفزة وهي تنظر حولها لمن يبكي وينوح.. ونظرتها تحمل الكثير وتقول الكثير وتتساءل الكثير عمن حولها فيما إذا كانوا يصدقون تمثيلية الحزن التي أجبروا على أخذ دور بها.. فقمعكم وقوتكم وسلاحكم هم أضعف من أن يرغموا تلك الفتاة على لبس ثوب كريه وتمثيل أنها حزينة لموت حافظ الأسد، وإرهابكم لم يستطع سرقة براءتها الواعدة (ومازلت أحتفظ بصورتها بكل اعتزاز وفخر ففي ابتسامتها ونظرتها الأمل بالمستقبل…). لا بد مكن تذكير مافيات سوريا بأن من يدبك أخيراً وبشعور صادق سيدبك كثيراً. ولا بد من تذكير من يعرّب ويدبّر (أو يقوّ…) للمافيات في دمشق (قبل غيرها من المدن) وبالتحديد من يسيطرون على غرف التجارة ولديهم الوكالات والرخص المشبوهة بأنهم ليسوا أبرياء مما يجري بل شركاء في الاستبداد والطغيان والممارسة المافيوزية ولا نفرق بينهم وبين ضباط المخابرات والجلادين في نظام الأسد، فكل منهم يقوم بمهمة متممة لمهمة الآخر وهم يتوزعون الأدوار في سرقة بلادي والتنكيل بشعبها.
saidabugannam@yahoo.com
على من تكذب مافيات الأسد؟
سلمت يدا من كتب هذا المقال الذي يعبر عن اعماق السوريين الخفية، حيث الكذب هو المفروض عليهم، لان النظام يحب التمثيل والعيش في وهم المسرحيات. لمنها ستنتهي يوما. مسرحيات لطغاة ومتجبرين كثر قدمت على المسرح السياسي والنهاية كانت سقوط الابطال المزيفين.