لا اعرف ماذا اصابني اليوم…؟
ما عدت أريد التواري وسوف اذهب الى مرسمي، والى كل التظاهرات،. لم اعد استطيع ان اخفي هويتي أنا الفنان الذي تحول الى ثائر منذ وقفة السفارة الليبية. وتحولي هذا ليس له علاقة بذاكرتي البعيدة في حماه عن مقتل أبي ومقتل مدينة طفولتي واغتصاب نسائنا وسجننا وقصفنا وقهرنا وتهجير من بقي منا الى الريف ليتسنى لهم تغطية جرائمهم. اقسم بالله انني لست حاقداً أو طالباً للثأر ولكني مع القصاص العادل. حزني الآن له علاقة بمشاهداتي اليومية لما يحصل من حولي. نتظاهر فيطلقون علينا الرصاص، نشيع فيمطرونا بالرصاص، نعود لنشيع يردون بنفس الطريقة. وهكذا. نجلس في بيوتنا، فيكسرون الابواب ليعتقلوننا ويخيفون امهاتنا..
إذا لم اقتل انا فسوف يقتل غيري؛ اقسم بالله اني احب الحياة ولكني احب العدالة اكثر. ارجوكم، اخبروني ماذا افعل. لا اعرف ماذا اصابني اليوم…؟ تذكرت اليوم، أكثر من أي يوم، تذكرت أبي.
أبي كان طبيب عيون في حماه. لم يكن من جماعة الاخوان المسلمين لكنه انحاز لاهل مدينته المستباحة.
صدقوني، ونصف اهل حماة يشهدون على ذلك، لقد قلعوا احدى عينيه وهو حي ثم قتلوه ومثلوا بجثته أشد تمثيل.
لما دفناه وكنت صغيراً
أذكر أنه كان بلا عيون.
في شباط 1982 كان عمري 6سنوات وكنت في الصف الأول ابتدائي وقد انتهينا من الفصل الاول وكانت عطلة الربيع، ويا لها من عطلة..
ليلاً ونحن نيام نسمع اصوات مدوية تكسر صمت المكان وتحول الطمأنية الى هلع قاتل، فيما ارتباك كبير يبدو على عمتي التي ربتني وانا انام بقربها لأملأ فراغ الأمومة لأنها لم تتزوج ابداً، وكانت تعيش معنا في بيتنا الجميل المؤلف من طابقين كبيت عربي تقليدي. باقي اسرتي وابي وامي ينامون في الطابق الثاني، بعد هذا بلحظات أسمع اصوات اخوتي وابي وامي تعلو وهم ينزلون الدرج ويدخلون غرفة عمتي، فيما يتصاعد اطلاق الرصاص
أمي تقول لأبي (الم اقل لك ان نبقى في المزرعة)، هذه الجملة لم تفارقني لسنين طويلة وانا افكر بها وتؤلمني فكرة ان أبي لم يبق في المزرعة، بقي الأمر حتى كبرت وسامحته وقلت إنه القدر.
صوت الرصاص بدأ يملأ الحياة، كنت أسمع أزيزه للمرة الأولى، الصوت يرتفع أكثر، ثم بدأ صوت الانفجارات ومرت الساعات وبعدها بدأنا نتعود على هذه الاصوات، يمر الوقت ويبدأ بعض الجيران بالتوافد إلى بيتنا. فوضى عارمة في كل مكان، اطفال يبكون، ونساء تقرأ القران وقلق كبير، هذا الوضع استمر ثلاثة ايام، وبعدها سمعنا صوت انفجار كبير، قال أبي إن قذيفة أصابت الطابق العلوي، واهتز البيت كما ملأ الغبار رئتي كمثل ما ملأ المكان وتعالى صوت النساء يقرأن سورة ياسين، فيما ارتفعت وموجة بكاء حاد.
قال ابي، يجب أن نغادر المنزل باقصى سرعة، خرجنا وبدأ الناس بالتجمع والصراخ،. كان الذعر يسيطر على كل شي، دخلنا الى بيت احد الجيران ومن ثم الى قبو مظلم اعتقد رجال الحي انه اكثر امناً من غير أماكن، وكان العدد اكبر من المكان. وبقينا ثلاثة ايام والرصاص لايتوقف أبداً بعدها تندفع قذيفة مدفعية تهز كل شي، وسورة ياسين ترتفع حتى السماء، وقذيفة ثانية وثالثة المكان في اهتزاز دائم، فيما لم يصب احد من الذين كانوا في القبو، ولكن كثيرين من أهل الحي
ماتوا واصيب الكثيرون، والطبيب الذي يسكن الحي انقذ من استطاع انقاذه.
بقينا في القبو حتى هدوء القصف والرصاص، اخرجونا وقالوا يجب المغادرة باتجاه احياء اكثر أمناً، لم يعرفوا حتى هذه الساعة انهم كانوا مخطئين ولم يخطر ببالهم انها كانت حملة ابادة جماعية.
خرجنا مسرعين باتجاه سوق الحاضر لنعبر الى الأميرية وصلنا الى شوارع كان علينا ان نعبرها زحفاً لوجود قناصة في كل مكان، بعد وقت صعب وصلنا الى حي الاميرية عندما قطعنا الشارع الأخير زحفاً كان ابي يساعد عمتي المرأة الكبيرة وانا ملتصق بها تماماً، عبرت امي واخواتي مع الجميع وبقينا نحن الثلاثة، حينها طلب مني ابي ان الحق بالجميع، فرفضت لاني كنت اريد ان اظل مع عمتي التي ربتني، ولكنه اجبرني على اللحاق بأمي والآخرين وبقي هو مع عمتي وهذه كانت آخر مرة أرى فيها ابي حياً.
في حي الأميرية تابعنا البحث عن ملجأ يحمينا، وجدنا قبوا مكتظا بالناس، لم يستطيعوا ادخالنا لأن عددنا كان كبيراً جداً (معظم سكان حي البارودية)، ولكنهم ادخلو ابي وعمتي، فهم اثنان فقط. في ذلك الملجأ في الأميرية اعتقل ابي وبقيت عمتي التي رأت وأخبرتنا بما حدث.
تابعت مجموعتنا الطريق باتجاه شمال الأميرية ووجدنا هناك ملجأ كبير يتسع للجميع وبقينا داخله يومين قبل وصول الجيش العربي السوري. عندها تحول الملجأ الى معتقل، حيث اخرجو جميع الرجال والشباب من المكان، واعدموا بعضهم مباشرة عند الباب، واعتقلوا الشيوخ كبار السن. بقي في المكان النساء والأطفال، البعض يبكي والأكثرية يرددون بعد مجبرين تحت التهديد (”بالروح بالدم نفديك ياحافظ”، “يا الله حلك حلك يقعد حافظ محلك”، للامعان في مهانتنا).
ثلاثة أيام سجنونا وقتلوا من شاؤوا، اقسم بالله من دون طعام، رائحة المكان أتذكرها جيداً،. كانت لاتطاق ودائما ما كنا نسمع اصواتا صراخ خارج القبو، اغتصاب نساء وتعذيب لايمكن لي اليوم ان اصفه أو أتذكره إلا ويؤثر بي.
لقد كان مع بعض النساء سكاكر وشوكولا، وقبل ان يأخذوا الرجال احضر احدهم خبزا وزيتون تقاسمنا كل شي كميات لاتكفي لرجل واحد؛ في هذا الوقت كانت النساء تقرأ القرأن من دون توقف ولكن بصوت منخفض. وبعدها فتح الباب وطلبوا منا الخروج لأنهم قالوا سوف نقتلكم وبدأنا نهتف بروح بالدم نفديك….الخ، عندها قالوا يجب أن نذهب باتجاه طريق حلب والاتجاه خارج المدينة،. سرنا نرفع ايدينا ونحن نردد ما طلب منا، منظر لا يعقل. المكان مليء الجثث، وهي منتفخة، والدماء سوداء، ونحن من شارع الى آخر، الجثث والدمار في كل مكان.
تقدمنا حتى وصلنا الى جامع عمر ابن الخطاب (الذي تسمعون عنه اليوم والذي بدأت فيه الآن التظاهرة للمطالبة بالحرية). كان الجامع مدمراً، لم يبق فيه الا الموضأ، كان فيه بعض عناصر الجيش اخافونا بتوجيه اسلحتم علينا، فانبطح الجميع أرضاً، وبعدها ادخلونا الى الموضأ واغلقوا الباب بإحكام، بعض النساء قلن لعناصر الجيش اقتلونا ودعوا الجميع يخرجون من المدينة ولكنهم رفضوا.
عند دخولنا الى الموضأ وجدنا خبزاً عفناً هجمنا عليه وبدأنا بالأكل.. وهناك وجدنا ايضاً تمثالين صغيرين من حمام الزينة الأبيض، لا اعرف لماذا كانا هناك، ولكنهما بديا لي على انهما مؤشراً لبداية الخلاص من حمام الدم. بقي الباب موصداً لمدة يوم ونصف بعدها القيت خطبة من احد الضباط قال فيها “التي لها زوج أو أخ او ابن أو أب
وتنتظره، فلا تنتظره لأنه لن يخرج حياً ابداً و لن يعود”.
اطلقونا باتجاه حلب، مشينا اكثر من عشرة كيلومترات نسابق الزمن ونحن حفاة نبكي والنساء تقرأ القرآن، واذا سمعنا اطلاق رصاص مباشرة كنا ننبطح جميعاً حتى وصلنا الى النقطة التي سمحوا فيها لأهالي القرى الوصول اليها لمساعدة الناجين.
ماذا أقول… اقسم بالله، هذا غيض من فيض.
عشت لأروي لكم طفولتي في مجزرة حماه (1)تمت مشاركة الحالة Georges Nassar من قبل Farouk Itani. منذ 16 ثانية Farouk Itani كان خالد الخاني قد نشر في حلقات طوال ، حكاية مأسىاة حماةوأهلها والمجازر والقتل الذي مارسته قوات الأسد الأب سنة 82 وكيف قلعوا عيون ابيه، وأبوه طبيب عيون ولا يتعاطى في السياسة ، كان مجرد طبيب من حماة، يسكن في حماة. وقد نشرها الصديق بيار عقل على شفافه، شفاف الشرق الأوسط،في عدة حلقات تحت عنوان : خالد الحموي ، عشت لأروي . وقمتُ بنشرها كاملا ومتزامنا نقلا عنه على مدونتي “لبنان أولا وهويتي دوما”. وما تم نطبيقه اليوم في… قراءة المزيد ..
عشت لأروي لكم طفولتي في مجزرة حماه (1)
كان البلطجية من “الجيش” السوري فعلت جرائم مماثلة في مدينتي طرابلس، لبنان في عام 1985 عندما اختفى العديد من أصدقاء الطفولة، وأفراد عائلتنا هدد بينما كانوا يفرون؛ وأعقب ذلك مذبحة أخرى في باب Tibbani في عام 1986 عندما ذبح 700 أو أكثر من المدنيين. ليس هناك حد لكراهيتهم وهي تظهر مرة أخرى في عام 2011
عشت لأروي لكم طفولتي في مجزرة حماه (1)
اني حزينة لما حدث ويحدث للشعب السوري الرائع ، أين العدالة؟ إنه شعب أصيل ووطني ولا يستحق كل هذا القهر و- العذاب
عشت لأروي لكم طفولتي في مجزرة حماه
اليس في جهنم مثوى للكافرين
عشت لأروي لكم طفولتي في مجزرة حماه
أنا ابن إحدى القرى التي استقبلت أسر حماة وأذكر تماما عندما قمنا باستضافة عائلة من حماة كنا نتقاسم كل شىء بل وكنا نفضلهم على أنفسنا وذلك من شيمنا ولم نكن الوحيدين الذين فعلنا ذلك فقد فتحت بيوت قريتي لأخواننا….. أما اليوم فللأسف الشديد فان أهل حماة ( ليس الكل ) أقل كلمة يقولونهاعن أبناء القرى ( هادا من الضيعة ) وكأن أبناء حماة أناس درجة أولى وأبناء القرى أناس درجة ثانية أهكذا يقابل الضيف مكرمه؟؟؟؟ أهكذا يقابل المستغيث مغيثه ؟؟؟؟
عشت لأروي لكم طفولتي في مجزرة حماة
يقول الله تعالى:
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ
نهايتكم قريبة يا مجرمي البعث , الله يرحم الشهداء جميعا وهم احياء عند ربهم يرزقون.
عشت لأروي لكم طفولتي في مجزرة حماهالسلام عليكم ببداية حديثي رحم الله والدك واسكنه فسيح الجنان ومعظم اهل حماة يعرفون بقصة والدك روايتي قريبه لروايتك والمصاب واحد ولكنني أنا كنت بعمر 4 سنوات وفقدت والدي رحمة الله عليه والدي كذلك لم يكن منتسب الى جماعة الاخوان المسلمين ولكنه عندما شاهد كيف كان الجيش يستبيح كل شي بمدينة حماة دافع عن عرضه وشرفة وعن ابناء الحي وقام أحد المخبرين التابعين للنظام بالوشايه عليه أنه يحمل السلاح ويقاوم وتم القبض عليه من خلال كمين هو وبعض من أبناء مدينة حماة وسمعنا انه سجن وبعدها رحل الى سجن تدمر واعدم هناك ومن عام… قراءة المزيد ..
عشت لأروي لكم طفولتي في مجزرة حماة ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا من أعجب الأمور أن هذه الآية من سورة الإسراء استخدمها الحزب المرواني في الانقلاب العسكري ضد الخلافة الراشدة من أجل الوصول إلى السلطة؛ فقالوا عثمان قتل ظلما ونحن أولياء الدم ولنا السلطان.. ولكن القرآن ليس مروانيا وليس شيعيا ولا مذهبيا سلفيا أو خلفيا بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم… الآية تتحدث في كل عصر أن من يقتل مظلوما ولو كان في انخل وأزرع والصنمين ودرعا والقامشلي واللاذقية وبانياس وتلبيسة والبيضة، إن كان المسيح أو الحسين فهو يحرك المشاعر على نحو يدفع الآخرين لمتابعة… قراءة المزيد ..
عشت لأروي لكم طفولتي في مجزرة حماة
ممكن البااااااااااااقي؟
عشت لأروي لكم طفولتي في مجزرة حماة
قلوب وأعين الوطن العربي بل قلوب وأعين العالم كله ضيقة على أن تتسع لأحزانك يا حماه