(“الشفاف”، بدوره، يعتذر من قرّائه لأنه لم تتوفّر لديه صورة للسجين فراس سعد، فاستبدلناها بصورة السجّان. بانتظار أن يوافينا أحد القرّاء السوريين بصورة الكاتب المعتقل)
كثير من النشطاء السوريين يعرفون فراس سعد، شاعر وكاتب شاب وناشط سوري من اللاذقية عروسة الساحل السوري، التي تتكئ في المسافة مابين شاطئ البحر والجبل، فتجمع في عظمتها روح السوريين من ضفاف البحر الى الجبل مروراَ بالسهل، وهي التي ابرزت في السنوات الاخيرة عدد من المع الشخصيات العامة بينهم الناشطان عالم الاقتصاد الدكتور عارف دليلة والمفكر العربي ميشيل كيلو، مضافاً اليهما الشاعر الجميل منذر مصري وثلاثتهم بعض ماجادت به اللاذقية على خريطة الحراك الثقافي والاجتماعي السوري.
فراس سعد الشاب الناشط، كان احد وجوه اللاذقية التي حملت هموم سوريا في السنوات الاخيرة، وكان احد الذين حاولوا التصدي لجملة التحديات التي تواجه سوريا والسوريين في المستويات الداخلية والخارجية، فكان حاضراً في فعاليات الحراك السوري في المجالين الثقافي والاجتماعي – السياسي، فحضر وشارك في اللقاءات والنشاطات المنعقدة في اللاذقية وفي دمشق ومدن سورية اخرى، وفي خضم تلك اللقاءات، كان يخوض نقاشات وجدل مع الآخرين من اجل ما يتجاوز توضيح الصورة وصولاً الى الاجابة على سؤال مالعمل، وما ينبغي على السوريين ان يفعلوه للخروج من اشكالاتهم ومشاكلهم، وكان في تلك المساهمات مهتماَ بموضوع الاصلاح بذات مستوى اهتمامه بموضوع مكافحة الفساد، وكان مشغولاَ بالوحدة الوطنية بمقدار اهتمامه بتوافقات السوريين في القضايا المطروحة، بما فيها موقع سوريا وعلاقاتها الاقليمية على نحو ما بين في تأييده لمحتويات اعلان دمشق – بيروت/ بيروت – دمشق في رؤيته للعلاقات السورية – اللبنانية، رغم ما ابداه من ملاحظات على الاعلان، وتضامنه المطلق مع الموقعين عليه.
فراس سعد القادم الى الحراك الثقافي والاجتماعي السوري، جاء من ميدان الكتابة الابداعية وفي سجله مؤلفان يختلط فيهما الشعر مع النثر، اولهما كتابه (قداس سرياني ـ نص عن الحب والموت) صدر عن دار البلد في دمشق قبل نحو اربعة اعوام، والثاني (سبيرتو ـ هزائم مرقطة) الذي أصدرته دار أمواج في بيروت بعد عام من صدور كتابه الاول. وحيث اني خارج فريق النقد الابداعي، فمن الصعب ان اقول كلمة مقبولة في القيمة الابداعية لكتابي فراس، لكن ثقافته واطلاعه ومتابعته، وروحه المتمردة والساعية نحو الخلاص، امور شديدة الحضور فيما تضمنته صفحات الكتابين من نصوص.
والكتابة الابداعية، كانت بعض اهتمامات فراس سعد في جملة نشاطه الثقافي الذي تضمن تأليف كتب في المجال الفكري والسياسي مازالت مخطوطات تحت النشر، ومحاضرات قدمها في العديد من المراكز الثقافية في سوريا، وقد اضاف اليها من خلال مساهماته في الحراك السوري مقالات، نشرت في الصحافة المطبوعة وأكثرها في المواقع الالكترونية، وقد ركزت في نقدها على ظواهر الحياة في سورية، وما تقوم به الحكومات من سياسات واجراءات، وفي الحالتين، كانت مقالات فراس سعد مثالا لكتابات الشبان السوريين في الطموح الى الحرية والحق والعدالة ودفعاً للظلم والتعدي، وطلباً الى تغيير وقائع الحياة على نحو افضل.
ولان فراس سعد على هذا النحو من الفهم والمشاركة في الحراك السوري، فقد ادرج اسمه على قوائم الاجهزة الامنية في الاستدعاء والمراجعة، وقد فعلها مرات، لكنه في آخر واحدة من مراجعاته “ذهب ولم يعد” في غفلة من الناس، ويبدو ان هناك من الاقربين من احب ان يتكتم على الامر املاً في ان لايطول غياب فراس، او انه تلقى وعداً في مقابل الطمس على الخبر، وهكذا مضى الوقت يوماً بعد يوم، واسبوعاً بعد آخر، فمرت نحو عشرة اشهر على اعتقال فراس سعد الشاعر الذي “تنتظـره قصائـده” كما قال منذر مصري.
لقد مر كثير من الوقت قبل ان نعرف ما حدث. بعض الذين شاركوا في الحراك العام اصابهم الاحباط من الترديات المتصاعدة في الواقع السوري، وآخرين اصابهم اليأس من ذهاب سوريا الى عملية اصلاح حقيقي، وآخرين اخذتهم تطورات الحياة واحتياجاتها، والبعض انشغل، بما يمكن ان ينشغل شاب مثل فراس سعد يبحث عن عمل وزواج ومستقبل شخصي آمن وقد قارب الاربعين، قبل ان يكتشف الجميع، ان الرجل معتقل في سجن صيدنايا العسكري، وانه يحاكم امام محكمة امن الدولة الاستثناية بناء على تهم تمت صياغتها مما تضمنته مقالاته المنشورة من آراء ومواقف، هي بين الحقوق التي يفترض ان يحفظها الدستور والقانون للسوريين، دون ان يتعرض اصحابها للاعتقال والمحاكمة والسجن على اساسها.
فراس سعد عذرا. لقد عرفنا متأخرين. نعم لقد قصرنا، واي تقصير فظيع، هو ان لا نعرف ان انسانا تحتجز حريته، لانه طالب بالحق والحرية لوطنه ومواطنيه ليس الا. فراس سعد الذي طالب بحرية عارف دليلة، وبحق ميشيل كيلو في حرية القول، يستحق اليوم نيل حريته الكاملة، والتي تعني على الاقل، وقف محاكمته واطلاق سراحه!
عن موقع إعلان دمشق:
http://www.damdec.org/preview.php?id=2621&kind=mid