طبعا لن نتحدث عن المآلات المصيرية لهذا المحور الذي جعل من نفسه وريثا (كاريكاتوريا) للمحور الشرقي العالمي، بفروعه العالمية الثلاث أيام الحرب الباردة فيما سمي بـ :المنظومة الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفييتي (المتعادل نوويا مع المعسكر الغربي والولايات المتحدة)، ومن ثم اليسار الأوربي والحركات العمالية ثانيا، وثالثا : حركات التحرر الوطني العالمية، الذي من المفترض أن المحور الثلاثي (الشيعي ) بقيادة إيران كان جزءا من فرع منظومة حركات التحرر الوطني الذي كان يشمل عشرات الدول في العالم: أي أن دولتين من هذا المحور (ايران وسوريا ) وأداتهما حزب الله، حلت محل الفرع الثالث (التحرري ) كله، إن لم نقل محل المحور الشرقي ذاته، إذ احتلت موقع رأس الحربة في معسكر مواجهة قوى الغرب الرأسمالي، هذا إن صح الحديث عن بقاء مثل هذا المعسكر بعد سقوط الإتحاد السوفييتي وبعد أن عولم الغرب الرأسمالي العالم بمجموعة حول مركز تفوقه الحاسم اقتصاديا وعسكريا وتقنيا وسياسيا وثقافيا بعد الانهيار الكبير وانتهاء الحرب الباردة.
بل إن العماء الطائفي المؤسس على وعي سحري (ميثي) والمستند الى تأييد ودعم قوة (آل البيت: أي البيت الهاشمي في مواجهة البيت الأموي ) بلغ به حد أن يخندق ما نسبته 15%، هم نسبة الشيعة في العالم الاسلامي، ضد باقي العالم الاسلامي ذي الأغلبية السنية الذي لم ينجح ملالي طهران إلا باستفزاز (سنويّة ) السنة عبر إثارة إحن الماضي واشكالاته وملابساته والتباساته التي راحت توقظ فتاوي بن تيمية حول أولوية الخطر على الأمة: هل هو (عدو الداخل الاسلامي (الشيعي) أم العدو الخارجي)، أيهما يهدد كيان الأمة أكثر:(إيران أم من إسرائيل ؟)، وذلك بفضل جهود ملالي إيران الذين راحوا (يقومنون المذهب)، ليجعلوا من إيران خطرا ينافس خطر الإسرائيليين الممتد لأكثر من ستين سنة بعد أن فرضوا وجودهم على العرب كأمر واقع، ليس بسبب تفوقهم في ميزانهم العسكري فحسب، بل والتقني والاقتصادي والسياسي، هذا التفوق الذي وصفناه يوما بأنه من النوع الذي يطرح التحدي في صيغة (التحدي المهماز) الذي يفرض على الآخر تحديا حضاريا يحفز على التقدم وتجاوز الذات لذاتها المتأخرة، في حين أن ايران لا تتمتع بأي من مميزات التحدي الإسرائيلي، إذ هي لا تملك سوى تمايزها المذهبي عن العرب الذين غالبيتهم يحسبون على مذهب السنة، وقد أضحى عليهم أن يؤمنوا بأن ايران ستنتصر على اسرائيل بفضل (مدد أهل البيت) لها، وكأن على السنة أن يفهموا أنهم إنما انهزموا وينهزمون أمام إسرائيل بسبب مذهبهم السني بوصفهم (نواصب )، ولا يفوضون أمرهم وتكاليفهم إلى ولي الفقيه ممثل الإمام الغائب، وأن مشكلة السنة تكمن في عدم اعترافهم بفضله الذي يتفوق على فضائل النبوة، وأن عودة الإمام الغائب غدت قريبة، إذ ليس علينا سوى التعجيل بعودته الشريفة عن طريق إشعال الحروب، لنوفر الزمن على إمام الزمان وفق تهوسات (الحجتية) الذين ينتمي لهم أحمدي نجاد !؟
وعلى هذا التأسيس المذهبي السحري فإن ايران ببنيتها الاقتصادية – السياسية المتخلفة كتخلف محيطها العربي، لا يمكن أن تقنع أحدا بأنها قادرة على الانتصار في الحيزات التي سبق أن انهزم فيها العرب (السنة)، إذ يكفي العرب والسنة لا لتذكر الفتح الاسلامي لفارس ولا لهزيمة الامبراطورية الفارسية بذي قار أو القادسية منذ القدم، بل يكفي أن ينظر العرب إلى ما قبل عشرين سنة ليروا هزيمة الملالي (الالهية ) في قادسية صدام ببساطة..
أما شراء تكنولوجيا السلاح النووي فلن نقول إن مصر قادرة عليه فنيا وبشريا بشكل متقدم على ايران، وأن بلدا كالسعودية قادر ماليا على شراء أضعافه في ظروف مواتية، بل إن دولا خليجية أصغر تملك امكانيات مالية، بل ومناخ دولي أكثر تقبلا لامتلاك الخليج السلاح النووي، سيما إذا ظلت ايران مصممة على أهدافها (التطاووسية).
إن ملالي ايران ونجادهم وولي فقيهم لا يملكون ما يتنافسون به مع العرب والسنة سوى في (محاصيل الثروة اللغوية)، التي استهلكها العرب كسادة لها خلال نصف قرن، فأتى الايرانيون ليرثوا هذه البضاعة (اللغوية البائرة ) عن العرب، بل إن العنف اللفظي الشعاري التهييجي الذي ورثه حزب الله عن اليسار العربي الطفولي في الستينات، كان اليسار قد غادره بعد أن تعقلن ودخل سن النضج، ولذا لم يجد حزب الله الإيراني ربيبا لهم سوى حليفهم الطائفي في سوريا الوريث الشرعي لهزيمة العقل العربي الرغبوي الرغائي والهذائي، وذلك باعتبار أن الحلفاء الطائفيين المستولين على سوريا يستشعرون نحو حزب الله بالضعف المعنوي بسبب ما يمثله الحزب الإيراني من تفوق المشروعية المذهبية التي وهبها لهم الإمام الصدر الذي يدينون له بالفضل (عندما اعتبر أن العلويين فرع من البيت الشيعي)، وعلى هذا فإن طائفية التشيع الإيراني لم يجلب لطائفته سوى استعداء ليس العالم فقط، بل والعالم الإسلامي ذاته تحت وهم قيادته باسم ولي الفقيه…
أما مظاهر طائفية النظام السوري وجنايته على طائفته فهي تتهيكل في سعيه خلال أربعين سنة إلى إحداث تطابق وهمي بين مصلحة الطائفة ومصلحته العائلية (الأسدية )… حيث ستتبدى كارثية جنايته على طائفته من خلال هذا السعي لإحداث هذا التطابق، فإنه سيتمثل لاحقا من خلال واقع أن العائلة الحاكمة لم تقدم للطائفة سوى (العسكرة والمخابرات وزعرنة التشبيح والفساد) على حساب الدور الطليعي الذي لعبته نخبتها المثقفة في التاريخ الوطني السوري عبر المشاركة الفعالة والطليعية في صياغة بلورة الوعي القومي بمستواه العربي، وبمستواه السوري، وقد تجلى ذلك في درجة الحضور الكثيف والناشط للعلويين في حزب البعث والحزب القومي السوري، حيث طموح النخبة للاندماج الوطني والقومي ارتقى بها فوق فئويتها (الأقلوية )، فكان البعث طريقها للانخراط في فضاء قومي وعلماني حديث يفتح أحضانه للجميع، إن كان على المستوى السوري لبلاد الشام، أو على المستوى القومي العربي…إذ قدمت الطائفة لمجتمعها الوطني السوري سلسلة ثقافية (أدبية) وسمت الثقافة الأدبية في سوريا بنكهه تجديدية تحديثية طليعية أهلتهم لاحتلال موقعهم المميز على المستوى الثقافي القومي السوري والعربي : بدءا من الكبير بدوي الجبل مرورا بأدونيس وصولا إلى الجيل الثالث، ممدوح عدوان ممثل جيل (التمزق الدرامي) للمثقف الوطني والقومي اليساري الذي أصبح عليه أن ينصاع لشروط الطائفية (الأسدية) التي ترغمهم على تحمل آثام جرائم العائلة باسم وحدة المصير الطائفي الذي اشتغلت(الأسدية) عليه باستماتة، سيما بعد الفتنة الكبرى في بداية الثمانينيات مع الإسلاميين الذي تمكنت (الأسدية) من تحويل المعركة معهم من معركة مع مجموعة عشرات من المقاتلين، لتكون معركة ضد المجتمع السوري ككل، عبر صياغة وبلورة قاعدة خاصة لطغمة العائلة، تقوم على الروابط الأهلية الوشائجية : روابط القرابة والدم، العشائرية، تتويجا للطائفية الكريهة التي سمموا من خلالها الاجتماع السوري الوطني والمدني والدستوري، في ظل تسلطية العائلة ذات ميراث صنعه الأشقياء وممارسة البلطجة و(التوحش…حيث الاسم الأصلي للعائلة)، والتغرب عن الجسم الوطني لسوريا إذ معروف توقيعهم على عريضة استرحام فرنسا للبقاء كمستعمرة لسوريا…الخ وذلك وفق الدراسات التي تناولت تاريخ العائلة الأسدية.
ولعل أعمق الدلالات التي تتشخص فيها (دراما التمزق للمثقف الوطني) المتحدر من وسط علوي، تتمثل بأن ثلاثة من أبرز رموز الثقافة الوطنية السورية المعاصرة من جيل ممدوح عدوان، قضوا جميعا بالسرطان وهم دون الستين : (هاني الراهب – بوعلي ياسين – ممدوح عدوان )، وفي فترة متقاربة، مما يدعو للتساؤل الجدي عن دلالة أثر هذا التمزق الوجداني بين الانتماء لوطن أم لطائفة على المصائر الحياتية للكتاب الثلاث، وما كان لهذا التمزق من أثر على تحولات سرطنة الداخل الثقافي والوجداني على سرطان الجسد.
طبعا نحن ركزنا على دلالة السلسلة المشار اليها بهدف بلورة دلالة الصورة، إذ لا يقتصر هذا الدور النوعي على هذه السلسلة، بل إن نخبة أبناء الطائفة انخرطوا في الحياة الثقافية الوطنية بدون قبليات وموروثات تشدهم الى الماضي، فغدوا لفترة وكأنهم يقودون الروح الثقافية الشابة المجددة الوثابة لسوريا الحديثة، عندما مثلوا صورتها اليسارية والعلمانية…
ولعل الحضور المميز لسعدالله ونوس -وهو يشارك الثلاثة السابقين المصير السرطاني في عمر مبكر لم يتجاوز الخمسينات- جعله خارج سلسلة دراما التمزق بين الذات الابداعية وضرورات التماهي مع شروط الطائفية (الأسدية )التي عاشتها نخبة الطائفة..إذ أن الراحل سعد الله كان نسيج وحده في الثقافة السورية من حيث قدرته على تحقيق الانزياح عن المألوف والسائد، ليس على المستوى الجمالي والفني المسرحي فحسب، بل وعلى المستوى المعرفي والثقافي، حيث الرجل المنحاز يساريا للحزب الشيوعي، كان يغرد خارج السرب اليساري لزمنه، وذلك عندما كان يطمح لإدراج الديموقراطية كعنصر حاسم في بنية مصفوفة وعيه اليساري، وكان سابقا لنا جميعا على هذا المستوى(المصالحة بين اليسار والديموقرطية) إلى الحد الذي كان ينظر له في الأوساط اليسارية الشيوعية التقليدية، كهرطوق ليبرالي أفسدته تجربته الثقافية في فرنسا الرأسمالية…
فالرجل المنشق على الشمولية اليسارية الشيوعية، كان من باب أولى أعمق انشقاقا عن اليسار القومي (البعثي )، وأكثر انشقاقا بل وانسلاخا ورفضا لـ(الأسدية)، بما كانت تعني له من (عسكرة) الحياة السياسية، ولهذا كان الأسد غاضبا اثر اللقاء الذي خصه به مؤنبا له: باعتباره-والمثقفين السوريين- لا يرون إلا النصف الفارغ من الكأس والوجه الأسود للحياة السياسية في سوريا على عكس المثقفين اللبنانيين على حد تعبيره، الذين راح يستعيض بهم عن المثقفين السوريين الجاحدين… سيما بعد أن بدأ حزب الله ينظف الحياة السياسية اللبنانية لصالح ما سماه حسن نصر الله (سوريا الأسد)…!
ولعل إيثار الأسد لونوس بهذا اللقاء لا يخلو من دلالة طائفية الأول، إذ كان مبعثه استغرابه الطائفي-على الأغلب- من جنوح سعد الله خارج شروط الطائفة، أي خارج الحيازة الأسدية للطائفة….!
تماما كما سيفعل الابن(الوريث القاصر) لاحقا مع مثقف نبيل كالصديق عارف دليلة، فعندما اكتشف جحوده الطائفي بعدم الانصياع للزعامة العائلية للطائفة، خصّه دون معتقلي ربيع دمشق بضعف عقوبة السجن (12 سن)….!
أصدرنا بعد أيام من حرب الخليج الأولى بيان 52 مثقفا، الذي يعلن إدانته لقوات التحالف في الحرب على العراق، بما فيها تعريضنا الساخر من مشاركة الجيش السوري (الأسدي)، من خلال تعبيرنا الساخر عنها بصيغة (الحلفاء الصغار)، التي أثارت الزبانية أيما إثارة عندما فاجأهم أكثر من خمسين مثقفا يرفضون الانصياع للقطيعية الأسدية…. لكن مع ذلك كان لسعدالله تحفظاته على صيغة البيان…
وعندما قدمت من حلب لألتقيه في دمشق إبان التحضير للبيان، استفسرت منه عن سبب تحفظه، فقال : ملاحظتي هي رفض صيغة تحية الجيش العراقي، والاكتفاء بتحية الشعب العراقي…لأنه لم يبق جيش عربي وظيفته الدفاع عن الأوطان، بل الدفاع عن السجان…الجيوش العربية أصبحت بمجموعها جيوش حراسة أنظمة..اتفقت معه بالرأي وخالفته – حينها – بأن الوقت لم يحن لإعلان مثل هذا الرأي الشجاع…سيما بالنسبة لنا نحن السوريين المهجوسين بمجاورة اسرائيل التي تفرض علينا الصمت حول واقع تآكل البعد الوطني لدور الجيش الذي أوقف آخر طلقة له على اسرائيل منذ حرب 1973، لتتحول من وقتها كل طلقاته نحو صدور الشعب السوري واللبناني والفلسطيني… بيد أن سعد الله كان سباقا في الإعلان عن احتقاره للعسكر، سيما وهو يعرفهم عن قرب بعد أن انحصر وجود قادة الجيش في أبناء الطائفة !
ما أريده من هذا الاستطراد مع الصديق الراحل ونوس، هو القول بأن الرجل عاش منشقا وتوفي منشقا على سلطة العسكر وايديولوجياها الشعبوية وروابطها الوشائجية الطائفية البائدة… وقد توفي الرجل وكانت آخر صيحاته في مسرحيته (يوم من زماننا )، وعلى لسان بطل مسرحيته المصدوم والمصطدم بحالة الانحطاط والفساد وسقوط القيم في الزمن الأسدي، إذ سيطلق صرخته: “الموت ولا التعريص مع دولة هذه الأيام…”، حيث سياق النص كله بشير الى رمزية دولة هذه الأيام (الأسدية) ممثلة بصورة (الجنرال في المراحيض ) وصورة المستقبل من خلال الشباب الذين يحملون كتاب عبد لرحمن الكواكبي (طبائع الاستبداد ).
كل هذا الهجاء المرير الذي قذفه سعد الله من داخله البركاني، والذي لم يجد له معادلا إلا براكين الكواكبي ضد الاستبداد، نقول : إن هذا الهجاء الموجع للجنرال تمت عملية امتصاص طائفي له، بهدف الغدر بالراحل لتقزيمه وطنيا من خلال اظهار رضاهم وتقديرهم الزائف له، أي عبر تطويع روح ونوس بعد مماته من خلال اهتمام واحتفاء إعلامي استثنائي لتكريمه بعد موته، من خلال اختزاله إلى مجرد ابن ضال يعود إلى بيت أهله (القبر في قريته)، حيث تتسامح معه عائلته بالعودة لاحتضانه وتجاوز نزقه وهفواته…
لقد أردنا من جهتنا كمثقفين ديموقراطيين وكأصدقاء للراحل أن نتحدى الأجهزة الأسدية من خلال حفاوتنا البالغة بأحد أنبل أصدقائنا الخارجين على القانون الأسدي… وعندما ذهبنا الى قريته (حصان البحر )، احتفالا بذكراه السنوية الأولى، وجدنا المخابرات قد سبقونا للاحتفاء به ادعاء بملكية ميراثه الرمزي وامتصاصا لاحتقاره لهم، فقد تحولت القرية الى فضاء مهرجاني مؤثرمما أشجانا وعزانا قبل مفاجأتنا بالرعاية الأمنية…فقد كانت المفاجأة خارج ما هو متوقع عادة بهكذا ظروف من إعاقات وعرقلات أمنية.. لنفاجأ بأن الاحتفال يتم تحت رعاية أمنية، إذ سمعنا مقدم الحفل يشكر أحد الأسماء الكبرى في عالم الأمن الذي ساعد على قيام هذا المهرجان…
لم تكن مفاجأتنا العظمى هنا، لأنا تأولنا- للوهلة الأولى- هذا الموقف الأمني بوصفه-ربما- موقفا جديدا منفتحا على الآخر المختلف خارج إطار قطعانه المؤيدة، وتلمسنا فيه-ربما- مناورة ذكية مرحب فيها مادامت تصب في إطار احترام أحد رموزنا الثقافية الديموقراطية…!!
لكن المفاجأة العظمى التي بددت أوهام قراءتنا وتفسيرنا ذي النوايا الطيبة للاحتفاء بسعد الله، أنه وبعد سنة، فقد توفي نزار قباني الأديب والشاعر الأشهر ليس سوريا بل وعربيا على مدى القرن العشرين، حيث الإحصاءات تشير -حتى اليوم- إلى أنه الشاعر العربي الثاني بعد المتنبي في نسبة المقروئية..
إذ بينما الفضائيات العربية كلها تبث خبر وفاة نزار وتقدم مشاهد ومقاطع من أمسياته وتعقد الندوات حول حضوره الشعري في العالم العربي….اكتفى التلفزيون السوري بثواني سريعة وعابرة تصور مجموعة من الأشخاص حول المغني العراقي كاظم الساهر، تستقبل الجثمان في مطار دمشق..ولم يعد لنزار أي ذكر في الإعلام السوري الذي كان غاضبا على موقف نزار النقدي فيما سماه بالسيّاف العربي (الأسدي).
لكنه الموقف الذي لم يبلغ حد ترميز سعد الله للأسد بصورة الجنرال في المرحاض، ولا وصف نظامه بالقوادة (التعريص)… كانت هذه اللحظة المقارنة لافتة في وقاحتها الطائفية المتحدية لمجتمعها، حيث كان الجميع يتناقلها باستغراب لشدة علنيتها…
هذه الواقعة المفرطة ببجاحتها الطائفية المعلنة هي تتويج رمزي للانتصار الأسدي على مجتمعه، ورسالة مضمرة للجميع بأن النظام الأسدي الأمني الطائفي لا تحرجه الدلالة الطائفية التي تعلن للجميع أن سوريا –ببساطة- هي غنيمة حرب طائفية بعد انتصار العسكر والمخابرات على المجتمع باسم المعركة مع الأصولية من جهة، وباسم المواجهة مع إسرائيل من جهة أخرى بعد عقد اتفاق (تبادل البقاء) : بقاء إسرائيل في الجولان مقابل بقاء النظام في السلطة…كل ذلك من خلال سيرورة عملية مستمرة قائمة على تعميم التلوث: بهدف تلويث المجتمع بدءا من تلويث البعث وصولا إلى صناعة قاعدة اجتماعية صلبة ومقاتلة من أجل حماية التلوث، فأراد النظام أن تكون طائفته هي هذه القاعدة… وتلك هي الجناية الأعظم للأسدية على الطائفة، أي تلويث الطائفة لمصلحة المتلوث الأعظم وهو : عصابة الاستيلاء المافيوية الدموية (الأسدية)…
هذا هو الإرث الوحيد الذي خلفته الطائفية الأسدية لطائفتها…. أما كارثة حزب الله على طائفته الشيعية فهي أكبر الكوارث التي تخترق الكيان العضوي الوطني للطائفة…وهو موضوع حديثنا القادم…؟
mr_glory@hotmail.com
* كاتب سوري- فرنسا
طائفية المحور الثلاثي (الايراني –السوري- الحزب اللاتي) والجناية على طوائفهم..! أبو خالد أشكر الدكتور عيد على هذه المقالة. ففيها كشف داخلي لواقع المثقفين السوريين، ذلك الواقع الذي لا يعرفه سوى من هو داخله. لكن الأستاذ عيد يكشف الدخائل والتناقضات التي جرت في أوساط المثقفين. وكتب بأسلوب أخّاذ ورائع.. النظام السوري نظام ذكي ، وهو يحاول أن يظهر بمظهر المنفتح فيستغل الأنتماء الطائفي لمثقفي سوريا. فيقوم بتكريمهم أمواتاَ وأحياءً. لكن ذلك لا يؤثر على هؤلاء، فنحن نقيم الناس بمواقفهم وليس بمن يحاول أستغلالهم لصالحه. وتقييم الأستاذ عيد لهم متوازن. فالثقافة السورية من غير المثقفين العلويين ناقصه. وهؤلاء لا يمكن أن نسحب… قراءة المزيد ..
طائفية المحور الثلاثي (الايراني –السوري- الحزب اللاتي) والجناية على طوائفهم..!
عهد كنعان ورستم غزالة قد عاد إلى لبنان.