في عددها بتاريخ 19 يونيو 2018، حذرت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ السويسري من أن الإمارات وقطر تقومان بتصدير صراعهما إلى الصومال وتخوضان حربا بالوكالة عبر تقديم الدعم المالي لأطراف النزاع مما قد يؤدي إلى زعزعة الإستقرار والأمن في تلك الدولة، التي تشكل مركزا استراتيجيا لخطوط الشحن العالمية وحركة النقل البحرية. وأشارت الصحيفة إلى “واقعة مصادرة السلطات الصومالية ثلاث حقائب كانت على متن طائرة قادمة من أبو ظبي رغم محاولات السفير الإماراتي إخراجها من المطار أو إعادتها إلى الطائرة دون تفتيش. لكن قوات الأمن الصومالية رفعت أسلحتها وأصرت على فتح الحقائب، لتكتشف مبلغا بقيمة عشرة ملايين فرنك”.
الصحيفة الرصينة الصادرة بالألمانية في زيورخ اعتبرت أن هذا المشهد “يُظهر حجم الصراع بين الحكومة المركزية الصومالية والإمارات العربية المتحدة، حيث “زعمت مقديشو أن هذه الأموال كانت ستستخدم لتقويض الدولة، فيما ادعت أبو ظبي أنها كانت مُخصّصة لدفع أجور الجنود الصوماليين”. وأضافت الصحيفة “منذ أكثر من عام، حاولت دولة الإمارات العربية المتحدة عزل قطر دوليًا بتهمة “تمويل الإرهاب”. ومنذ ذلك الحين أصبحت الدولتان أكثر عداوة من أي وقت مضى وتخوضان حربا بالوكالة، حيث تدعم قطر الحكومة المركزية في العاصمة مقديشو، فيما تدعم الإمارات الأقاليم وجمهورية أرض الصومال، التي أعلنت استقلالها عن الحكومة المركزية.
لكن ليس سرا أن الحكومة المركزية التي يقودها الرئيس محمد عبد الله محمد قريبة من قطر وهناك مزاعم بأن الدوحة شاركت في تمويل حملة الرئيس الإنتخابية. كما يدفع القطريون تكاليف بناء الطرق السريعة والمباني الحكومية. من جهة أخرى، تمول تركيا، حليفة دولة قطر، الحكومة المركزية بدعم الميزانية وبتشغيل ميناء ومطار مقديشو. في مقابل ذلك، تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بتشغيل الميناء في جمهورية أرض الصومال (الذي يُعدّ أيضًا بوابة لإثيوبيا) وإن منعت الحكومة الصومالية شركة موانئ دبي العالمية من ممارسة أي نشاط على أراضيها”.
نويه تسورخر تسايتونغ نوّهت أيضا إلى أن “دول الخليج تساعد في بناء قوات الأمن في الصومال، لكنها لا تنتهج نفس السياسات والأهداف، مما قد يؤدي إلى زعزعة الإستقرار والأمن في هذه الدولة التي توصف “بالفاشلة”، فقطر تدعم الجيش الصومالي، فيما توقفت الإمارات عن دعم الجيش وتدعم الآن قوة الشرطة البحرية في إقليم أرض البنط أو “بونتلاند”. وعلى الرغم من أهمية دعم القوات الإقليمية لاستقرار الدولة الفدرالية، إلا أن قوات الأمن المحلية لا تعمل مع الجيش الوطني. ومن شأن هذه السياسة تعقيد خطة سحب بعثة الإتحاد الأفريقي في الصومال “أميسوم “قريبا وتولى قوات الأمن المركزية دورها. كما أن الجيش الوطني غير مُرحّب به في الولايات الأخرى”.
الصحيفة ذكّرت أيضا بأن “الصراع بين القوى الإقليمية والقومية والعشائر والجماعات الدينية له تاريخ طويل في الصومال. ودول الخليج تقوم بتأجيج هذه الصراعات، فالعداء بين مقديشو والحكومات الإقليمية أكبر مما كان عليه منذ وقت طويل. من جهة أخرى، تحول سياسة الحكومة المركزية دون حصول الأقاليم الصومالية على المساعدة الكافية لمحاربة حركة الشباب الصومالية بشكل فعال”، لذلك فإن “المستفيد من هذا الصراع هو تنظيم القاعدة” بحسب الصحيفة التي ترى أيضا أنه لا يبدو أن أيا من دول الخليج ستفوز في الوقت الحالي في هذه المعركة الدائرة فوق أرض الصومال: “فعلى الرغم من أن قطر حليف قوي للحكومة المركزية، إلا أن الإمارات العربية المتحدة تُهيمن على الأقاليم”، لذلك فإن “العداوة القائمة بين دول الخليج ستطيل أمد الصراع الدائر هناك”.