بيروت- – بمفعول رجعي لثلاثين سنة تقريبا الى الوراء، اكتشف النظام السوري أسلوب “جديد” في فبركة وتسويق سياسته وعمل أجهزة مخابراته، عارضا شريط تلفزيوني من فيلم طويل لما أسماه “اعترافات” لأفراد من عصابة “فتح الاسلام” التي صدرها الى لبنان قبل سنتين. وهو أسلوب قديم لجأت اليه، في السبعينيات، الأنظمة العسكرية الديكتاتورية في اميركا اللاتينية، مثل أرجنتين فيديلا، وتشيلي بينوشي، وأورغواي ستروسنر. وبرع في هذا الأسلوب بشكل خاص نظام الخميني في ايران، الذي عرض ذات يوم شريطا ل”اعترافات” أدلى بها أمين عام الحزب الشيوعي الايراني (“توده”)، كيانوري، حول “تآمره” على “الثورة الاسلامية”. شريطا بدا فيه منهكا من شدة التعذيب، فاقدا لوعيه، متمتما كلاما غير مفهوم، ولعابه يسيل من فمه…
ولكن مهمة المخرج السوري كانت أسهل بكثير، لأن “المعترفين”، الذين عرضهم أول أمس على شاشة التلفزيون السوري، كانوا متعاونين الى أبعد الحدود، وقدموا “اعترافاتهم” بكل طيبة خاطر. هل لأنهم من “أهل البيت”؟
بعد المعركة التي خاضها الجيش البناني في مخيم نهر البارد ضد عصابة شاكر العبسي، والتفجيرات المتنقلة، ثم الاعتداءات التي تعرض لها الجيش الصيف الماضي في طرابلس (في 13 آب و29 ايلول)، وبينهما تفجير دمشق (27 أيلول)، كان العرض الأخير في “صالة دمشق”…
الا أن الجمهور اللبناني، ولا نعلم اذا كان أحدا شاهده في العالم العربي، لم يستمتع كثيرا بالعرض. وهو في المحصلة النهائية فيلم فاشل، وسيء بكل المقاييس، من الاخراج الى الاعداد، الى السيناريو. أما الفكرة فهي جهنمية من صنع مخيلة واضعها في دمشق، والممثلون مرتزقة ليسوا أكثر من دمى…
فيلم قرأت نهايته منذ بدء العرض، فيلم أعد مسبقا على شاكلة “بازيل” أمتدت رقعته بين شمال لبنان وريف دمشق، عبر ركام مخيم نهر البارد وضحايا الجيش اللبناني في طرابلس، ثم جيء بدمى من “الأبوات”، أمثال “أبو الوليد” و”أبو عتيقة” و”أبو هريرة” و”أبو عبيدة” وأبو… لملء الفراغات! فيلما أين منه شريط “أبو عدس”!
فقد قدم لنا التلفزيون السوري شريط “اعترافات” فريد من نوعه، بدا معه أن “المعترفين” قادمون لتوهم من إحدى الفنادق، وليس من زنزانة اعتقال، مرتاحين، لائقي المظهر، لا تردد على شفاههم، ولا قلق في أعينهم، ولا آثار لأية ضغوط على محياهم. والسيدة المحجبة التي قدمت على أساس أنها إبنة العبسي، بدت متبرجة وفي كامل أناقتها… ففي العادة، يتعرض المعتقل والمتهم، تحديدا بجرائم إرهابية، في أقبية مخابرات الأنظمة الاستبدادية، الى القمع والتعذيب، ويخضع لضغوط نفسية هائلة لدفعه الى “الاعتراف” بارتكاباته.
لقد أولج أمر عرض الفيلم للسوري عبد الباقي الحسين (أبو الوليد)، الذي راح يشرح لنا “خبريته”، آخذا مكان “البطل” العبسي الذي اختفى (هل للقول انه مازال في لبنان؟)، والذي أصبح هو مسؤولا عنه (كذا) في ما بعد. يقول أبو الوليد إنه “تعرف الى أفكار التنظيم (وهل لعصابة “فتح الاسلام” أفكار؟) خلال مشاركته في القتال في العراق”. ثم دخل بعدها الى “معهد الفتح الاسلامي في دمشق الذي يضم طلابا من اصحاب الفكر المتشدد”، كما اوضح أبو الوليد نفسه.
وهنا وقع المخرج في خطأ فادح، تاركا لأبو الوليد الكشف عن ان هناك “معهد فتح اسلامي” في دمشق التي يحكمها “حزب البعث العربي الاشتراكي” و…العلماني! طبعا، هذا “المعهد” يمارس دوره “الريادي” بمعرفة وموافقة النظام وأجهزته. وهو بهذه الصفة، يقوم ب”تثقيف” وتدريب قوافل “المجاهدين” للقتال في العراق، ويخرج إرهابيين يرسلهم الى لبنان تحت اسم “فتح الاسلام”، بعد ان يفبرك “انتفاضة” داخل “فتح الانتفاضة”، يتهم بها الفلسطيني أبو خالد العملة، قائد هذا التنظيم الى جانب أبو موسى، والذي ينتهي في السجن. أما شاكر العبسي فيرقّى الى زعيم عصابة تسيطر على مخيم نهر البارد، في غضون أربع وعشرين ساعة، في تشرين الثاني 2006.
ويتابع أبو الوليد سرد “الحكاية” قائلا انه “تعرض لملاحقات وفر الى لبنان عبر الحدود الرسمية” (!). كيف له ان “يفر” عبر الحدود الرسمية وهو ملاحق؟ وهناك في طرابلس فتح دكانا و”تواصل” مع “القاعدة” (كذا)، ولم يكن بعد “تعرف” على قائده العبسي. هكذا، وبشحطة قلم اكتشف السوري وجود “القاعدة” في المدينة واتصل بها… أم أنه كان مزودا بـ”خريطة طريق” قبل مجيئه؟
وبشكل مفتعل وغير مترابط، يسترسل أبو الوليد في السيناريو، قائلا أنه بعد انتهاء معركة نهر البارد (!)، علم من المدعو سمير الأيوبي (أبو عبد الرحمن) أن العبسي موجود في البداوي، ثم جمعه هذا الأخير مع “البطل” الذي طلب منه تأمين الأتصال ب”القاعدة”، ومن هناك تعرف الى السوري ياسر عناد، الصهر الجديد للعبسي الذي تعرف الى ابنته وفاء في مخيم عين الحلوة، التي انتقلت اليه بعد معركة نهر البارد. وبعد زواجهما انتقلا الى سوريا. وكان زوجها الأول قتل على الحدود السورية – العراقية.
وكان عناد، الذي يبدو انه نسي أن يتخذ لنفسه لقب “أبو كذا”، على صلة مع السوري أبو عبيدة الملتحق ب”القاعدة”، وعلى صلة بهذا التنظيم في العراق. وبعد اعتقال الأيوبي والرحيم التجأ أبو الوليد الى البداوي، حيث “يوجد العبسي ومجموعة سورية وتونسي وسعوديين…”.
وتتوالى فصول سيناريو هذا الفيلم، اذ ينتقل العبسي وأبو الوليد بقدرة قادر الى سوريا، عن “طريق مهرب لبناني الى الحدود السورية ومهرب سوري الى دمشق”. فكيف يعبر العبسي الحدود ويدخل الى دمشق بهذه الطريقة طالما هو مطلوب لديها وكان معتقلا في سجونها؟ بعد الاقامة لعدة ايام في العاصمة السورية، يختفي العبسي ويصبح أبو الوليد، حسبما أكد هو، “المسؤول الأمني عن الجماعة وعن العبسي وتنقلاته”. ولكن، من الذي عينه؟
ثم يمر أبو الوليد على مسألة التمويل والعلاقات مع السلفيين مرورا سريعا، ويختفي تاركا لابنة العبسي وزوجها “التوسع” في الشرح. فتظهر السيدة المحجبة مجددا على الشاشة لتعلن ان أبو هريرة كان على علاقة مع بلال دقماق، الذي يعمل مع داعي الاسلام الشهال، مؤسس التيار السلفي في الشمال، وتتكلم عن دعم مالي من السلفيين وسعوديين من “التنظيم” (!).
وها هو زوجها، صلة الوصل بين العبسي و”القاعدة”، يصوب سهامه باتجاه “تيار المستقبل”، الهدف الأساسي لهذا الفيلم الطويل-القصير-البائس، متهما إياه باختراق الشهال والتيارات السلفية. فيما “تكشف” زوجته، بشيء من التلعثم والارباك، عن “حوالات” كانت تصلهم من “تيار المستقبل” عبر بنك البحر المتوسط (كذا)…
ثم يندفع الجميع في “كورس”، من أبو الوليد، الى مرافق العبسي، الى السيدة المحجبة، الى زوجها، مرددين خبريات عن التمويل، وعن “الرسائل” المتبادلة بين العبسي “العراب” و”تيار المستقبل” والتيارات السلفية…
ويعود الراوي الأساسي، السوري أبو الوليد، للظهور مجددا لشرح كيف تمت عملية تفجير دمشق، الذي حصل في 27 أيلول الماضي، بأوامر من أمير “فتح الاسلام” الجديد، أبو محمد عوض الموجود في عين الحلوة (أي أن التخطيط جاء من لبنان)، بعد ان “وصلتنا أخبار من الشباب المرتبطين بالأجهزة الأمنية السورية أنها تريد إلقاء القبض على العبسي والجميع…”. هذا ما قاله بالحرف أبو الوليد عبر الشاشة! فهل أن “الشباب الطيبة” يشكلون تنظيما “جهاديا”، “قاعديا”، “بن لادنا”؟ وهل علينا ان نكتشف أن هناك تنظيم ل”القاعدة” في سوريا؟ أم إنه احتياطي رديف لأجهزة المخابرات السورية؟ الا أنهم لم يخبرونا شيئا عن تفجيرات طرابلس، وكيف شاءت “الصدف” أن يكون معظمهم من الجنسية السورية؟
أما كيف نفذت العملية، ومن أين جاءت السيارة ومن ساقها (أبو الوليد كشف ان سائق السيارة السعودي أبو عائشة فاقد لعين من عينيه في معركة البارد!)، وكيف فخخت، فان “الاعترافات” تتطابق بالكامل مع ما جاء في البيانات والتصريحات الرسمية التي صدرت عن السلطات السورية بعد بضعة أيام فقط على عملية التفجير.
كما أن المثير في الفيلم هو السلاح الكثيف والمتنوع والمتطور، الذي عرض على الشاشة، والذي بدا جديدا لماعا كأنه سحب من مخازن الجيش… فكيف، وأين تمكن هؤلاء من تكديسه واخفائه، وقد قيل لنا أنهم قلة مطاردة وممنوعة على الأراضي السورية؟
في الحقيقة، بدا الفيلم من اخراج عقل مخابراتي من الدرجة العاشرة، يتخبط مستميتا كي يظهر للعالم انه يخوض معركة ضد الارهاب، بهدف استجلاب التعاطف الدولي، والحصول على شهادة حسن سلوك من الادارة الأميركية. واذا كان الهدف الآخر هو إحراج الحكومة اللبنانية، عشية توجه وزيري الداخلية والدفاع الى دمشق، بهدف فرض تعاون أمني على نموذج الأمن البعثي المخابراتي الذي كان سائدا في زمن الوصاية السياسية والأمنية في لبنان.
فلماذا لا تسلم السلطات السورية العبسي الى السلطات اللبنانية كي يشرح لنا كيف تحول الى عميل ل”تيار المستقبل”؟ وليشرح لنا كيف كانت تموله السعودية؟
ولكن العرض إفتقد، في النهاية ولسوء الحظ، الى شهادة من “معلم” الدبلوماسية!
s.kiwan@hotmail.com
“صالة دمشق” تعرض فيلم طويل عن “اعترافات” إرهابيين من “أهل البيت”
لا للمليشيات لا للمافيات المخابراتية ولن ترتاح الانظمة الشمولية في العالم العربي الا اذا تحولت لبنان الى نظام شمولي ديني او علماني وتدمر فيه محاولة اعادة الدمقراطية له.يقول احد علماءالاجتماع(أن انتخابات في الشرق المنكوب هي مسيرة بقوة الجندرما وخناجر الحشاشة وشوارب المخابرات، والنتائج فيها محسومة سلفا بين 98 و99,99 في المائة، وفي انتخابات صدام الأخيرة رفع النسبة إلى 100 في المائة، فكان إيذانا بموت الأمة إلى الصفر، وموعدا مع الشنق والمشنقة هو وأخوه برزان، فما كان لهما من دون الله من وال..)
“صالة دمشق” تعرض فيلم طويل عن “اعترافات” إرهابيين من “أهل البيت” إذا صار عندنا عرس …. بنزمر إذا نجح لنا احد في البكالوريا ……. بنزمر قبل ما تفتح الإشارة الضوئية … بنزمر بعد ما تفتح الإشارة …..كمان بنزمر على الدوار وعلى الجسر و على النزلة و على الطلعة …. كمان بنزمر إذا طول علينا الشرطي وهو موقفنا …. مشان نذكره بنزمر أما إذا حد كسر علينا بالغلط أو بالقصد ….. أكيد بنزمر أما اللي بتوقف سيارته امامنا عطلانه ……. مو مشكلتنا بنزمر إذا طالعين من شارع فرعي لرئيسي بالليل أو بالنهار ولو كان يوجد مستشفى لا نتوقف ولكن…..بنزمر وإذا عجبتنا… قراءة المزيد ..
“صالة دمشق” تعرض فيلم طويل عن “اعترافات” إرهابيين من “أهل البيت”
الامة التي تحترم الانسان وتطبق الديمقراطية لا تخاف على نفسها من التفسخ والاستعمار الخارجي. ان الوعي والقول بكلمة لا وباعلى صوت لفراعنة العصر يحمي البلد من الانتقال الى جمهوريات الخوف والفقر والانظمة المخابراتية المافياوية والمليشيات ومن ثم تقسيم الامة. يقول عالم اجتماعي(من يدعو إلى مزيد من تقسيم الأمم سببه هو موت الأمم، والسبب أن الموت يأكل الجثث من خلال 500 صنف من دواب الأرض تلتهم بروتينات البدن الميت، ولكنها لا تفعل شيئا للأجسام الحية…).
دمشق: عاصمة ماذا؟؟ ثمة مدن في العالم، استحوزت على مر العقود والأجيال، لقب “العاصمة”: باريس عاصمة النور/ الموضة، لندن عاصمة الأعمال، أورشليم عاصمة الأديان الإحادية الثلاثة، بيروت عاصمة العرب، ريو دو جانيرو عاصمة المهرجانات، بوينس أيرس عاصمة التانغو، نيو يورك عاصمة البورصة، إلخ… أما مدينة دمشق، أو بالعربية الأعمّ، ريف الشام، فالخيار واسع فضفاض، والبركة: عاصمة المسلسلات المتلفزة التنكية؟ عاصمة القتل واللصوصية العائليّين؟ عاصمة الجبن والتخاذل أمام إسرائيل؟ عاصمة إبن أبيه أبو الـ99%؟ عاصمة مطبخ التآمر الفائح بالروائح المرحاضية؟ عاصمة وليد المعلم وفاروق الشرع؟ أو عاصمة السجون والمقابر الجماعية؟ أو، قريباً، عاصمة أول محكمة دولية تزجّ عرباً قتلة في السجون؟… قراءة المزيد ..
“صالة دمشق” تعرض فيلم طويل عن “اعترافات” إرهابيين من “أهل البيت”
الكل يعلم الا الاحمق ان فتح الاسلام وجند الشام وقاعدة القعقاع وغيرها من المليشيات الارهابية من صناعة المخابرات المافياوية السورية