مواقف العبادي والصدر دليل ساطع..فهل استنساخُ “التجربة” ممكن في لبنان؟
المركزية- لا يمكن للتطورات التي سُجّلت في الاشهر القليلة الماضية على خط العلاقات العراقية – السعودية ان تمر مرور الكرام ، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”. فبعد فتور شاب المناخات بين الرياض وبغداد استمر سنوات نتيجة اعتبار المملكة ان “بلاد ما بين النهرين” واقعة تحت السيطرة الايرانية، يبدو الدفء بدأ يعود تدريجيا الى أجواء العاصمتين.
رأب الصدع بدأ مع الزيارة التي قام بها وزير الخارجية السعودية عادل الجبير الى العراق في شباط الماضي، واستُكمل بجولة لرئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي في المنطقة في حزيران الماضي، شملت السعودية في زيارة كانت الاولى منذ تسلّمه منصبه منذ 3 سنوات حيث أكد ان “بلاده لن تكون طرفا في أي نزاع بين الدول، ولن تكون جزءا من سياسة المحاور ولن تكون أرضها منطلقا لأي عدوان على أي دولة”.
الا ان الخطوات الإصلاحية لم تتوقف هنا، حيث قد يكون أبرزها، دائما بحسب المصادر، اللقاء الأول من نوعه الذي جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ومقتدى الصدر زعيم التيار الصدري العراقي الشيعي، في 30 تموز، في المملكة، في اجتماع مثقل بالمعاني والرسائل والأبعاد.
والواقع، ان عملية اعادة مدّ الجسور بين السعودية والعراق ما كانت لتبدأ لو لم تتوافر في الارض العراقية “بذور” صالحة لإطلاقها، تكاثرت في الآونة الاخيرة، مع ارتفاع أصوات شيعية رافضة للهيمنة الايرانية على القرار الشيعي العراقي، أعلاها كان للصدر الذي باشر في الفترة الماضية، ما يشبه “الحملة”، لاعادة العراق الى الحضن العربي وانتشاله من الخندق الايراني، عصبُها ان “شيعة” البلاد عراقيون ومرجعيتهم عراقية، وليسوا أدوات في يد الجمهورية الاسلامية مؤكدا انه يختلف في أمور “جوهرية” مع طهران، ومنتقدا حقيقة ان يكون “قائد فيلق القدس الإيراني “الرجل الأقوى في العراق”، على حد تعبيره.
وكان لافتا في السياق أيضا، الحسم الذي تعاطى به العبادي مع قوات “الحشد الشعبي العراقي” المدعومة من إيران، عند اقترابها من الحدود العراقية – السورية في إطار الحرب ضد “داعش” حيث أنذرها بضرورة وقف تقدّمها عند هذه النقطة، مانعا اياها من تجاوز الحدود نحو الداخل السوري والالتحام بالجيش السوري النظامي، ما قطع الطريق عمليا امام رغبة ايران بفتح ممر طهران – بغداد – دمشق الحيوي فتستمر بايصال الامدادات العسكرية والمادية عبره الى حلفائها في سوريا ولبنان والعراق. المصادر تشير الى ان هذه المؤشرات التي تدل من جهة الى “ضيق صدر” أكثر من فريق عراقي وشيعي عراقي بالتدخلات الايرانية في شؤون بلادهم، والى تمسّك لديهم بانتمائهم “العربي” من جهة ثانية، رصدتها المملكة وقررت البناء عليها لإعادة تطبيع علاقاتها مع بغداد.
واستطرادا، تسأل المصادر عما اذا كان استنساخ النموذج “الصدري” ممكنا في لبنان؟ فالتيار الشيعي الاوسع على الساحة الداخلية، يمثّله “حزب الله” الذي لا يخفي ولاءه المطلق للجمهورية الاسلامية، ولا يعير اي اعتبار الى الدولة اللبنانية في قراراته الكبرى كالحرب والسلم وهذا ما بدا جليا في المعركة التيأطلقها منفردا لتحرير جرود عرسال من “النصرة” منذ أسابيع. فهل يخرج من قلب النسيج الشيعي اللبناني مَن يؤكد ان شيعة لبنان عرب “الهوى” ولبنانيو “الهوية” قبل ان يكونوا تابعين لايران، فيطلقون ولو كانوا أقلية “حملة” تحت هذا اللواء، فيحمون أنفسهم ولبنان من تداعيات العاصفة السياسية والاقتصادية التي ستهب ضد ايران وحزب الله في قابل الايام؟ تختم المصادر.