إلى من لديه أدنى شك فى وجود الخالق عليه مشاهدة فيلم (شيكولاه) (عام 2000) من إخراج المخرج السويدى “لاسيه هالستروم” عن قصة للكاتبة الإنجليزية (جوان هاريس) وبطولة الممثلة الفرنسية الرائعة “جولييت بينوش” والممثل الأمريكى الموهوب وصاحب الأدوار المتعددة “جونى ديب” . وتنظر إلى “جولييت بينوش” وإلى إبتسامتها الساحرة وإلى حضورها الآخاذ على الشاشة لكى تعرف أن الله هو خالق كل هذا الجمال وكل هذا السحر .
والفيلم هو صراع بين الخير والجمال والحب والمتعة وتمثلها بطلة الفيلم (جولييت بينوش) وبطل الفيلم (جونى ديب) ، وبين السلطة والتحكم فى رقاب العباد وإستخدام التدين كسلاح لإحكام السيطرة على الناس ويمثل تلك السلطة فى الفيلم الممثل الإنجليزى الجنسية الموهوب (ألفريد مولينا) وهو من أب أسبانى وأم إيطالية ، وإستطاع أن يمثل بإقتدار دور عمدة القرية الشرير والذى يحرص على أداء كل الصلوات فى الكنيسة وبل ويعيد كتابة قداس الأحد للقسيس الشاب حتى يتأكد من سيطرته على رقاب العباد ، وما هو أفضل من التزمت الدينى لإحكام تلك السيطرة .
وفجأة تظهر “جولييت بينوش” وكأنها ملاك حقيقى أو رسول جاء من السماء لإنقاذ هذه القرية الفرنسية لتعيسة من سيطرة العمدة ، وتقوم بفتح محل للشيكولاتة وتطلق عليه ، اللفظة الفرنسية “شيكولاه” ، وتبدأ فى بيع الشيولاته أثناء صيام المسيحيين مما أعتبره عمدة القرية خروجا على النص ، وأنها تحرض الناس على الرذيلة ، وما زاد الطين بلة أنها أبلغت العمدة حين دعاها للإنضمام إلى الكنيسة فى قداس الأحد رفضت بذوق وقالت له أنها ليست فى حاجة للذهاب إلى الكنيسة .
وقد ناصبها العداء من أول يوم “وحطها فى دماغه” وإعتبر أن وجودها سوف يهدد من سيطرته على القرية.
ألفريد مولينا
والفيلم قصيدة شعرية رائعة فى زمن ندر فيه الشعر ، وبينما نشاهد الصراع بين الحب والكراهية ، نشاهد بالتوازى إلى هذا قصة حب بين بائعة الشيكولاتة وبين شاب موسيقى من الغجر والذين يسكنون القوارب ويتجولون بين القرى لكسب معيشتهم ، ولقد بث عمدة القرية الكراهية تجاه هؤلاء الغجر لمجرد إختلافهم عن باقى سكان القرية ، وإعتبرهم “كفارا” لا يصح التعامل معهم ، ولقد أصرت بائعة الشيكولاتة على التعامل معهم بل وشاركتهم إحتفالاتهم ورقصهم مما إعتبر خروجا على “إجماع الأمة” وخروجا على “أولى الأمر” ، وأعز العمدة إلى بعض أشرار القرية لعمل “شيئا ما” لإيقاف تلك المهزلة.
والفيلم هو جدير بالمشاهدة لمن أراد مشاهدة فيلم رومانسى جميل ذو موسيقى وتصوير وأخراج وتمثيل أكثر من رائع ، أو لمن أراد أن يشاهده بعمق أكثر ويغوص فى الصراع الدرامى بين الشخصيات وبعضها وداخل كل شخصية على إنفراد . ولقد شاهدته أكثر من خمس مرات ، وأنا أعتبره من أحلى الأفلام التى شاهدتها فى حياتى ، وخاصة فى هذه الأيام حيث نشاهد عودة التعصب للدين أو الجنس أو القبيلة ، ما أحوجنا إلى أن يكون لنا محل (شيكولاه) فى كل ركن من أركان هذا العالم التعيس .
الجميلة جولييت بينوش أثناء العرض الأول للفيلم
samybehiri@aol.com
المصدر إيلاف