شوارعيات

1

في تأكيد لرضوخ الحكومة لكل أشكال الضغوط الشعبية السيئة أكثر من الجيدة، وترسيخا للنفس الطائفي الذي بدأ يظهر وبقوة في المجتمع الكويتي، ارتأت البلدية أو الجهة المنوط بها تسمية الشوارع، أن تغير أسماء بعض الشوارع المسماة بأسماء الصحابة، عبر إضافة ألقاب التفخيم والتكريم (لبعضها) وترك أسماء أخرى.

فمثلا، هناك شوارع عديدة في البلاد بأسماء صحابة وخلفاء راشدين، كتبت أسماؤهم كما هي من دون ألقاب، فشارع علي بن أبي طالب كتب هكذا من دون إضافات، وشوارع أبو بكر الصديق وعثمان بن عفان وعمر بن الخطاب ظلت كما هي من دون ألقاب، لكن نتيجة للشحن الطائفي البغيض، وفي ضعف واضح من المسؤولين، أعيدت صياغة اسم شارع السيدة عائشة، بـ «شارع أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر»، وعلى اللوحة نفسها وباللغة الإنكليزية كتب Mother of believers aisha bint abi bakr street، وفي المقابل، صار شارع الإمام الحسين.. «شارع الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب» Al Emam Al Hussein Bin Ali Bin Abi Taleb st. وللمفارقة ظل أبواهما من دون ألقاب ولا إضافات.

نعم نحن نجلّ هذه الأسماء، ولها مكانتها في قلوبنا، فالسيدة عائشة هي بنت أبو بكر الصديق، أول خليفة في الإسلام، وأقرب الناس للنبي الملقب بالصادق الأمين، فتخيلوا لو كانت التسمية: «شارع أم المؤمنين، الحميراء، السيدة عائشة بنت أبو بكر الصديق الخليفة الأول!» والإمام الحسين هو «الشهيد سيد شباب أهل الجنة، ابن البتول»، فهل يُعقل أن توضع كل تلك الألقاب في اسم شارع؟ وهل من المقبول أن يكون اسم شارع مكونا من سبع أو عشر كلمات؟ جرّب أن تضع اسم الشارع على جهاز GPS في سيارتك للاستدلال على موقعه، من المرجح أنك لن تجده لأن اسم الشارع سيغطي ثلاثة أرباع الشاشة.
كفوا عن اللعب على الوتر الطائفي، ولا تساعدوا من يلعبون عليه، فالأولياء والصحابة وآل البيت لا يرقى إليهم شك، وهم مكرمون عند الله ولا نحتاج إلى أن نضيف لأسمائهم ألقابا تبجيلية وتفخيمية. فلن تعيدوا تعريف المعرّف. كما أن هذه اللوحات الإرشادية هي «دليل» يخدم المواطن والزائر لكي لا يتوه، وكلما كانت واضحة وقصيرة أدت هدفها.

من وجهة نظر أخرى، وبعيدا عن الشخصيات التاريخية، فلقد سئمنا ومللنا من تسمية الشوارع والمناطق بأسماء أشخاص، فإما استخدام الأرقام للتعريف، وإما تابعوا طريقة تسمية مناطق كالروضة والنزهة والفردوس، واجعلوا مناطقنا وشوارعنا مفتاحا للتفاؤل، فما المانع من تسمية شارع الورد، جادة الشمس، حارة النور، ومنطقة البحر. إن كان كل ما يحيط بنا كئيبا ومحبطا ولونه أسود، اجعلوا الأسماء مفرحة.. لعلها تزرع فينا بعض التفاؤل.

dalaa@fasttelco.com

كاتبة كويتية

القبس

1 تعليق
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
عربي عربي
عربي عربي
12 سنوات

شوارعيات
كلام جميل وفي الصميم ليتهم يقراونه ويتمعنوا في قرأته بل ويحفظوه كمل يحفظ كل منهم اسمه واسماء ابنائه.
ليتهم يشبعوا يوما من حياة التدليس والتملق ويكفوا عن لوم الاخرين والعيب وكل العيب فيهم.

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading