منذ اندلعت أحداث الإرهاب من مخيم الفلسطينيين في نهر البارد تجدد سقوط شهداء جدد ضمن أفراد الجيش اللبناني.
كانت الأعباء علي هذا الجيش الباسل أكثر مما يحتمل. فمنذ أحداث الحرب الأهلية في منتصف السبعينات من القرن الماضي إلا أن الجيش اللبناني كان دائما وكما عهدناه في موقف وطني لا يحيد عنه. فلم يشارك في كل المؤامرات والتدخلات الخارجية من البلاد العربية المحيطة بلبنان او من اسرائيل. كانت التدخلات الخارجية ايا كان مصدرها تتساوي وتتعادل في قدرتها علي التخريب داخل هذا الوطن الجميل.
لبنان كان مستهدفا لاكثر من هدف ومن اكثر من جهه.
ضعفه البادي امام ديناصورات العروبة جعله مطمعا فحوله زعماء الهزيمة العروبيين والمستعربين الي حديقة خلفية لالقاء مخلفات حروبهم ونتائج هزائمهم. منذ اتفاقات القاهرة بعد هزيمة يونيو ومرورا بكل كارثه عربية كانت ضحايا العروبة يلقي بهم في تلك الحديقة الخلفية علي شكل لاجئين. وكأن ما يجري لهم هو قدر ومكتوب حتي تحيا الامة العربية ذات الرسالة الخالدة. فهل من احصاء لعدد اللاجئين في العام 1948 مقارنة بما فعلته العروبة بعد ذلك التاريخ وحتي حرب التهور لنصر الله في الجنوب اللبناني في العام الماضي؟
لم يقل احد ان العدوان العربي علي لبنان لا يقل، بل ربما يزيد، عن عدوان اسرائيل عليها. وللاسف استمرأ الفلسطينيون الامر واكملوا المسيرة باعتبار لبنان حق لهم وقبلها كانت عمان حق باعتبار ان كل من تحدث بلغة عربية عليه خدمه المشروع القومي. لم يستشر اصحاب المشروع احدا ولم ياخذوا راي شعوب ظلمتها العروبة طويلا فانتهوا الي ما نشهده الان من انهيارات كثيرة في كل وطن اضطرته الايام والظروف الصعبة الي التحدث بتلك اللغه. فما يجمعنا هو ذاته ما اوصلنا لما نحن عليه.
المخيمات اصبحت ليس فقط ملاذا للمظلومين واصحاب الحق الضائع لكن بعضهم تحول ليقلد جلاده فخرج الارهاب من عقر دار الضحايا لا ليتجه الي اعدائه انما الي جيش لم يفعل شيئا الا حماية هؤلاء اللاجئين. تحول الضحية الي جلاد يوجه اسلحته الي مضيفية. فهذا ما لا نفهمه. وعلينا ان نجد اجابه عليه ليس من سطحيات الاحداث ومجريات الامور فكل ما جري عبر نصف قرن لم يفهم منه احد شيئا. وما علينا الا بالبحث فيما هو اكثر عمقا واكثر تعقيدا في ثقافتنا التي نحملها ولا يخرج منها الا ما يخوننا لو اننا مارسنا حرية الرائ والتفكير او السلاح لينتهك المواطنين المدنيين عبر الارهاب حتي ولو حمل سلاحا وكان ضمن الجيش الموكل اليه حماية الاوطان. فكل من تحدث بتلك اللغة حتي ولو كان مظلوما اصبح ضحية وكل من نادي بالحرية داخل تلك الامة العربية المزعومة اصبح كافرا. فهل نحن رهائن لتلك الثقافة التي نملكها ولا حق لنا التصرف فيها ام اننا اسري ثقافة لا تاتي لنا الا بالهزيمة ونتحول داخلها الي لاجئيين حتي في اوطاننا كما هو حال العراق.
رحم الله شهدائنا في جيش لبنان الباسل وتحية لكل شريف ينتمي الي الارض قبل الحديث عن اي عرق او لغة او دين.
elbadryk@gmail.com
* كاتب مصري