من سيدفع “فدية” الـ452 مليون أورو التي نجح القذّافي في ابتزازها مقابل إطلاق الممرّضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني؟ أوروبا أم قطر؟ وهل كذب الرئيس ساركوزي ووزير خارجيته، برنار كوشنير، حينما نفى وجود “صفقة” لإطلاق “الرهائن الأبرياء”؟
وقد أفادت الأنباء اليوم أن بلغاريا صادقت على قرار إلغاء ديون ليبيا البالغة 65 مليون دولار (41،5 مليون أورو)، مما يعني أن بلغاريا ستساهم بهذا المبلغ على الأقل في “الفدية” التي طلبها القذّافي.
معلومات “الكنار أنشينيه”
حسب جريدة “الكنار أنشينيه” الفرنسية، كادت المفاوضات أن تفشل في آخر لحظة لأن القذّافي أصر على أن تدفع أوروبا مبلغ 452 أورو قبل إطلاق الرهائن. ولكن تعقيد إجراءات الدفع في المجموعة الأوروبية حال دون تسديد أكثر من 2،5 مليون أورو حتى الأسبوع الماضي. وعشية إطلاق الممرضات، اتصل الرئيس ساركوزي بأمير قطر طالباً تدخّله. وبالفعل سافر حاكم بنك قطر المركزي بطائرة خاصة إلى طرابلس وفي جيبه شيك بقيمة 452 مليون دولار. وتعهّد الإتحاد الأوروبي بتسديد المبلغ لقطر خلال 6 أشهر.
أي أن أوروبا هي التي ستدفع رغم نفي ساركوزي وكوشنير.
في الجانب “التجاري”، تذكر “الكنار أنشينيه” أن فرنسا (التي تحتل المركز 6 بين الدول التي تستورد منها ليبيا حاجاتها) ترغب في شراء زوارق حربية سريعة لمكافحة عملية الهجرة الإفريقية غير المشروعة إلى أراضيها. وكانت ليبيا قد اشترت قبل مدة قصيرة 15 طائرة “إيرباص”.
وتأمل شركة “أريفا” الفرنسية في الحصول على عقد لإقامة مفاعل نووي في ليبيا، في حين تسعى شركة “فيوليا” لبيع محطة لتحلية المياه. وقد فاز بنك “بي إن بي باريبا” في إستدراج عروض يتعلق بتخصيص 19 بالمئة من رأس مال “صحارى بنك”. وبلغت قيمة حصّته 145 مليون أورو.
في الجانب العسكري، تم، في نوفمبر 2006، توقيع عقد مبدئي لإعادة تأهيل وتحديث 40 طائرة “ميراج-1”. وسيتم تزويد المقاتلات بأدث الإلكترونيات، بما في ذلك قدرات إطلاق صواريخ “إكزوسيت” وصواريخ جو-أرض. ويفترض أن صفقة إطلاق الممرضات ستسمح الآن بتحويل هذا العقد المبدئي إلى عقد نهائي توقّع عليه كل من شركات “داسو” و”سافران” وسنيكما” و”تاليس”. وتأمل فرنسا أن تكون الخطوة التالية هي بيع مقاتلات “ميراج 2000” لليبيا.
ماذا عن المفاعل النووي الذي ستحصل عليه ليبيا “لتحلية المياه”؟ تذكر “الكنار أنشينيه” أن موارد ليبيا من النفط والغاز تسمح ببناء معمل لتحلية المياه بكلفة أقل من كلفة المفاعل النووي. وتشير الجريدة الفرنسية إلى أنه لا توجد حتى الآن، في أي مكان من العالم، محطة نووية لتحلية مياه البحر. بالمقابل، أثبتت تجارب أجريت حديثاً في اليابان والهند أنه يمكن إنتاج مياه محلاة عبر استخدام الحرارة الفائضة التي ينتجها مفاعل نووي تقليدي. فمقابل كل 1 كيلوواط ساعة كهرباء ينتجها المفاعل النووي، فإنه ينتج كذلك 2 كيلوواط ساعة فائضة حرارية تتبدّد في الطبيعة. وقد جرت تجارب للإستفادة من هذه الحرارة الفائضة لتدفئة المدن أو للزراعة في الخِيَم. مع ذلك كله، فالإنتاج الرئيسي للمفاعل النووي يظل الكهرباء، وتظل التحلية نشاطاً تابعاً.
وتتساءل “الكنار أنشينيه”، بناءً على ذلك كله، عما إذا كانت “قصة تحلية المياه” ليست سوى “إخراج” لعملية بيع مفاعل نووي تقليدي لليبيا. وحسب شركة “أريفا” Areva يمكن أن تحصل ليبيا على مفاعل ينتج 1600 ميغاواط بكلفة 3 مليار دولار.
ولن يسمح هذا المفاعل لليبيا بالحصول على القنبلة الذرّية، ولكنه سيسمح للقذّافي بدخول نادي “الدول المحترمة”!!
سيف الإسلام: الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني “أبرياء” و”كبش فداء”
وفي مقابلة مع جريدة “لوموند”(منشورة على صفحة “الشفاف” الفرنسية) تمّت بناء على طلبه، يقرّ سيف الإسلام القذّافي “بدون إنفعال بأن الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني أبرياء” وبأنهم كانوا مجرّد “كبش فداء” (للتغطية على انهيار نظام الصحّة في “الجماهيرية العظمى”!). ولكن “سيف الإسلام” يزعم أن ما نُشِرَ حول عمليات التعذيب التي تعرّضت لها الممرّضات والطبيب كانت “مبالغة، إنها من نسج الخيال، 100 بالمئة”!! هل يصدّق أحد أن ليبيا يمكن أن تمارس التعذيب والإغتصاب في سجونها؟
“سيف الإسلام” الذي تحدث إلى “لوموند” من فندق فخم في مدينة “نيس” وهو محاط بعدد من الحراس ومسؤولي “العلاقات العامة”، قال أن أهم ما ستحصل عليه ليبيا بموجب إتفاقها مع أوروبا هو نقل العميل الليبي، عبد الباسط علي المقرحي، المحكوم في قضية لوكربي من سجنه في استكتلندا إلى ليبيا. أي عملية عفو مقنّعة عن عملية أدت لسقوط 270 قتيلاً.
وقال سيف الإسلام لجريدة “لوموند”: قريباً سيتم توقيع إتفاق لاسترجاع المساجين مع بريطانيا” مضيفاً أن “جماعتنا كانوا في بريطانيا منذ شهر تقريباً”.
وردّاً على تساؤل “لوموند” حول وجود “صلة” بين إطلاق سراح المقرحي وإطلاق سراح الممرضات، قال إبن العقيد القذافي: “لقد أقمنا صلة…”.
المكسب الرئيسي الثاني لليبيا من الإتفاق، حسب سيف الإسلام، ليس المفاعل النووي. فهو يعتبر أن المفاعل “ليس أساسياً من وجهة نظر ليبيا. فلدينا ما يكفي من الغاز والنفط. أما قرار شراء مفاعل نووي، فهو يسمح لنا بتصدير الكهرباء إلى إيطاليا.”!
الأهم في نظره هو الجانب العسكري: “الإتفاق يغطي المناورات العسكرية المشتركة بالطبع! ثم أننا سنشتري من فرنسا صواريخ “ميلان” المضادة للدبابات بقيمة 100 مليون أورو في ما أعتقد. ثم هنالك مشروع فبركة سلاح تتخصص بصيانة المعدات العسكرية وتصنيعها. هل تعلمون أن هذا هو أول إتفاق لتزويد ليبيا بالسلاح تقبل دولة غربية بتوقيعه؟”
وكان الحظر الأوروبي على تصدير السلاح إلى ليبيا قد رُفِع في العام 2004. ولكن، حسب سيف الإسلام، “ظل هنالك منذ 2004 حظر غير معلن. واتخذ الألمان بصورة خاصة موقفاً متحفظاً. بالمقابل، شرعنا بالتفاوض مع الفرنسيين منذ مدة طويلة. وقد طلبنا إلى ساركوزي أن يسرّع الأمور. وبعد أن تمّت تسوية قضية الممرضات، فهنالك فرصة ذهبية ينبغي اغتنامها”.
وبعد أن يذكر أن “ممثلي شركتي تاليس وساجيم موجودون في ليبيا الآن”، يشير سيف الإسلام في حديثه مع “لوموند” إلى أن والده سيزور فرنسا لتوقيع العقود العسكرية.
ويذكر سيف الإٍسلام أنه تمّ التطرّق إلى “ضمانات دفاعية تنصّ على أن فرنسا ستقوم بمساعدة ليبيا إذا ما تعرّض أمنها الوطني للخطر”!! ويقول أن ليبيا طلبت مثل هذه الضمانة الأمنية “ولكنني لا أعرف إذا كانت هذه المادة قد أدرجت في الوثيقة التي تمّ التوقيع عليها”.
بيار عقل
اذا كان ذلك صحيحااذا كان ما ذكر في الجريدتين صحيحا ، فإنها المرة الأولى التي تلعب فيها الدبلوماسية الليبية بشكل صحيح للغاية الأمر الذي سيعود بالفائدة على ليبيا و يخرجها من عزلتها و يحجز لها مكان في على خارطةالسياسة العالمية. لكن لدي تساؤلين يحركان و يحفزان تفكيري ، الا و هما: الأول ، هل اوروبا عاجزة عن تدبير حوالي نصف مليار دولار لإنهاء العملية لكي تستنجد بقطر و ماهو دورها هنا وما الفائدة التي ستجنيها قطر من ذلك كله؟ الثاني ، ماذا عن ضحايا الايدز ماهو مصيرهم ومالذي سيستفيدونه من تلك اللعبة ام ان الضحايا اخر اهتمامات الدبلوماسية الليبية او… قراءة المزيد ..