شهد محيط بلدتي “الزهراء” و”نبل” الشيعيتين، شمال غرب مدينة حلب، أمس السبت 25 مايو/ أيار، اندلاع مواجهات مسلحة بين كتائب من الجيش الحر و”وحدات حماية الشعب” (صورة المقال)، الجناح العسكري لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي” الموالي لحزب العمال الكردستاني أسفرت عن وقوع عدد من الضحايا والجرحى في صفوف الطرفين، وسط مخاوف من انتقال المواجهات إلى مدينة “عفرين” الكردية السورية، سيما بعد امتدادها إلى قرى في ريف منطقة “عفرين” الشرقي.
تشير الأنباء المتضاربة القادمة من منطقة القتال بين الجيش الحر ووحدات حماية الشعب إلى استمرار المواجهات في قرى ناحية “شيراوا” التابعة لمنطقة “عفرين” من جهة الشرق (غرب محافظة حلب)، وهي القرى: عقيبة، زيارة، دير مشمش، البرج، وسقوط قذائف على قرية كورزيله. وفي حين ذكرت مصادر “حزب الاتحاد الديمقراطي” والمكتب الإعلامي لوحدات حماية الشعب إلى تقدم مقاتليهم في المنطقة وإلحاقهم الخسائر الجسيمة بكتائب الجيش الحر (مقتل 13 مقاتلاً من الحر وجرح 15 وتدمير دبابة وثلاث سيارات محملة بالدوشكا)، تتحدث مصادر الجيش الحر عن اندحار وحدات حماية الشعب وسيطرة الجيش الحر بدعم من المجلس الثوري الكردي السوري (كومله) على قرى دير مشمش (مشمشة) وباصل حايا والبرج، ومحاصرتهم لعناصر وحدات حماية الشعب في قرية عقيبة.
وقال المسؤول الإعلامي في المجلس الثوري الكردي السوري (كومله) عبدو خليل لـ “الشفاف” عن حصيلة المعارك بين الطرفين: ” حقيقةً، حصيلة المعارك هو دخول أكثر من خمسة عشرة قتيل من “ال ب ي د” لعفرين مع عشرات الجرحى المتواجدين على الارض. أما من طرف “كومله” والجيش الحر فهنالك سبعة مصابين من بينهم النقيب بيوار مصطفى وحالته الصحية جيدة الآن وسيعود قريباً للمعارك، وهنالك تسعة شهداء من الجيش الحر، والمعارك قابلة للتطور”.
ورداً على سؤالنا حول إمكانية امتداد رقعة القتال إلى مدينة “عفرين” في ظل أنباء عن نزوح جماعي للمدنيين إليها من القرى التي شهدت أمس واليوم معارك الجيش الحر ووحدات حماية الشعب، وقلق السكان من اقتحام الجيش الحر للمدينة الكردية السورية، أجاب المسؤول الإعلامي في “كومله”: “امتداد المعارك لعفرين وارد تماماً، ما دامت عفرين تحت سيطرة الشبيحة التابعين للأسد. فما زالت قرى “عفرين” تحمي كل عناصر الأفرع الأمنية المختبئين فيها وما زالت سجون الـ”ب ي د” السرية مليئة بشبابنا الثائر، وما زالوا يفرضون الأتاوات والرشاوي على المواطنين العزل و يستفزون الناس ويقمعون أية مظاهرة سلمية ضد نظام الديكتاتور بشار”.
وحول أسباب اندلاع القتال بين الطرفين يعزو عبدو خليل لـ”الشفاف” الأسباب الحقيقية إلى أن “حزب الاتحاد الديمقراطي، “ب ي د”، يدعم بالمواد التموينية وبالمعلومات جنود بشار الأسد الموجودين في بلدتي “نبل” و”الزهراء”، وقد سبق منذ أكثر من سنة أن وجّه الجيش الحر إنذاراَ لحزب “ب ي د” بعدما ألقى القبض أكثر من مرة على عناصر تابعين له وهم يدخلون أو يخرجون من هذين البلدتين اللتين تحتضنان جنود الأسد. والذي حدث أمس أن الجيش الحر أوقف مجدداً عناصر من حزب “ب ي د” وهم يخرجون من بلدة “نبل” الموالية، فحدثت مشادة كلامية انتقلت على إثرها الى أن يطلق حاجز “عقيبة” لحزب “ب ي د” النار على عناصر للجيش الحر ويقتل ثلاثة، بينهم قائد كتيبة لتتطور الأمور بهذا الشكل “.
بينما تعزو القيادة العامة لوحدات حماية الشعب “ي ب ك”، الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، في بيانها الصادر اليوم الأحد 26 مايو / أيار أسباب اندلاع القتال بين الطرفين في محيط بلدتي “الزهراء” و”نبل” وامتداده إلى الريف الشرقي لمنطقة عفرين إلى اتخاذ قرار من قبل كتائب للجيش الحر باستهداف منطقة عفرين عسكرياً, بعد اجتماع لهم في مدينة أعزاز المحررة من النظام, وذلك “لمآرب خبيثة هدفها النيل من إرادة الشعب الكردي وفرض الاستسلام والخنوع عليه”.
جديرٌ بالذكر أن الاضطراب في العلاقات، واللا ثقة، هو سمة التعامل بين الجيش الحر ووحدات حماية الشعب. ففي حين يقاتل الطرفان جنباً إلى جنب في حيي الأشرفية والشيخ مقصود الحلبيين ضد جيش النظام، حيث تشارك وحدات حماية الشعب في صفوف الجيش الحر من خلال لواء جبهة الأكراد، فإن مناطق أخرى في شمال البلاد شهدت خلال الفترة الماضية وقوع مجابهات عسكرية بين الطرفين بلغت ذروتها في مدينة سري كانيه (رأس العين) المتاخمة لحدود تركيا وأسفرت عن مقتل وإصابة العشرات في صفوف الطرفين، ما استدعى تدخلاً من الائتلاف الوطني السوري والهيئة الكردية العليا لإيقاف العمليات العسكرية المتبادلة وحل الصراع سلمياً. لكن أجواء الاحتقان بين الطرفين مرشحة للانفجار في العديد من المناطق السورية الأخرى حيث يتجاور المكونان الكردي والعربي، مع خشية من تحول أي صراع بين الجيش الحر ووحدات حماية الشعب إلى صراع كردي – عربي في سوريا.