رغم انه ختم مقاله آملا من الرئيس الجديد طبيب العيون بأن يعدل، وأقل العدل أن يرد المظالم لأهلها، فان المناضل الانساني الكبير رياض الترك، وهو المرادف السوري والعربي الأكثر دقة لنيلسون مانديلا الجنوب أفريقي، لم يتوانى عن وصم سوريا ومنذ اللحظة الأولى لتوريث الحكم لطبيب العيون بالطريقة التي تمت بأنها مملكة الصمت، والصمت ناتج عن خوف عام يعيشه السوري في كل لحظة على حياته وحياة أبنائه، وعلى عمله ولقمة عيشه “المغموسة” على ضآلتها، بالموت والسجون والقهر والظلم.
في تلك اللحظة اجتمعت كل الشروط لتؤكد حقيقة ما كتبه رياض الترك، فالترك عاش في زنزانة الأسد الأب الانفرادية قرابة الثمانية عشر عاما، ومن المؤكد انه قد خطر في باله حين كتب ما كتب أن يعود لذات الزنزانة ولكن هذه المرة في عصر الأسد الابن طبيب العيون الذي أمل منه السوريين ومنهم بالطبع رياض الترك، أن تكون مدينة الضباب قد تركت آثارها الديمقراطية عليه، رغم الطريقة التي استحوذ بها طبيب العيون على السلطة في سوريا والتي توصف في احسن الأحوال بأنها غير شرعية.
أمل السوريين الكبير بالقادم الجديد، ومعهم رمز نضالهم الأول ضد الطغيان الأسدي سببه طيبة عالية يتسم بها هذا الشعب ويلحظها كل من يزور بلدهم شقيقا كان أو صديقا، عربيا أم أعجميا، مقيما أم سائحا، لكن هذا الأمل الذي اشترك معهم به شعوب شقيقة مجاورة عانت من جور وظلم الأب، سرعان ما تلاشى بفعل ممارسات أجهزة الرئيس الجديد، التي أعادت رياض الترك الى زنزانته، وأضافت اليه قبله وبعده مئات الأحرار من أبناء وبنات سوريا الأحرار الى غياهب السجون، رغم ان الترك لم يقل شيئا سوى “الأن مات الديكتاتور” وهي عبارة لا تعني شيئا اذا ما ترجمت بلغة السوريين وبالظروف التي أحاطت بذكرها، سوى عفا الله عما سلف، وهي دعوة من رياض الترك لعموم السوريين بأن يمنحوا رئيسهم الشاب الفرصة والوقت المناسبين كي يبرهن أن الابن ليس بالضرورة سر أبيه.
أضاف السوريين شيئا حسنا الى محاسنهم الكثيرة، وأضافوا كرما جديدا الى مكارمهم التي لا تُحصى، عندما منحوا طبيب العيون كل الفرص التي يحلم بها رئيس شاب وصل الى دفة الحكم بالوراثة من أبيه الديكتاتور، الذي أمعن في قتل هذا الشعب كما لم يفعل أحدٌ من قبل، لكن الابن أصر على أن يكون سر أبيه، وبذل ما باستطاعته ليثبت أن “فرخ” الأسد عوامٌ أيضا، ولن يُشبعه إلا لحوم السوريين وجيرانهم، ولن يرويه إلا مزيدا من دماءهم، ولن تهدأ “ساديته” إلا باستمرار عذاباتهم.
عشر سنوات مرت هذه الأيام على رحيل الديكتاتور، وعلى تلك الخمس عشرة دقيقة الأكثر ايلاما ربما في حياة سوريا الحديثة، حين اجتمع مجلس الخوف السوري، ليوافق على تبديل مادة دستورية هي أكثر أهمية بملايين المرات من غيرها من المواد التي تُعنى بتسهيل الحياة اليومية للسوريين ومازالت تنتظر موافقة ذات المجلس على تغييرها أو في أسوأ الأحوال تعديلها منذ أربعين عاما، وهو ما لم يحدث، وبات مؤكدا انه لن يحدث إلا في سياق تغيير شامل ونهائي يحتاج كي ينجح أن يبدأ أولا من طبيب العيون ذاته، ولا يتوقف عند حدود مجلس الخوف الذي يتهمه البعض بأنه منح شرعية لمن لا يستحقها، وكأن القادم الجديد انتظر فعلا موافقة ذاك المجلس الصوري على تغيير تلك المادة، حتى تنتقل له السلطة ويبدأ ممارسة مهامه الرئاسية.
عاش السوريين خلال تلك السنوات العشر على وقع خط بياني متصاعد دوما من القمع والاستبداد والقهر والتجويع والنفي، وقبل كل ذلك القتل أيضا، والحديث عن ربيع دمشقي بعد استيلاء طبيب العيون على السلطة بالوراثة من أبيه، ربما يقدم صورة وردية عن واقع حكم الأسد الابن في شهوره الأولى، ويقدمه بشكل جميل ومنفتح وديمقراطي الى حد ما، لكن الحقيقة ان سبب ذلك الربيع الذي عاشته دمشق واخواتها في تلك الفترة هو حاجز الخوف الذي تبدد عند السوريين في لحظة ظنوا ان الفرصة التسامحية الكبرى التي يمنحونها للأسد الابن في تجاوز الماضي وآلامه وعذاباته، تمنحهم حق رفع صوتهم واستعادة وطنهم المصادر، لكن طبيب العيون خيب كل الظنون، وهي في كل الأحوال تبقى ظنون، وكثير من الظن ليس اثم على أي حال.
اذا كان الأب الراحل قد قرر تحت ضغوط دولية كبيرة اطلاق سراح رياض الترك، فان الابن أعاده واضاف اليه المئات وربما الالاف الى الزنزانة وعلى مرأى من أصحاب تلك الضغوطات أفرادا ومؤسسات وحكومات دون أدنى اعتبار لهم جميعا، واذا كان الأسد الأب قد حاكم الأحرار من أبناء سوريا وبناتها على فعلهم المعارض لسيطرته، فان ابنه أصبح يحاكم الأحرار على نواياهم وأفكارهم التي مازالت في دواخلهم، وان كان الأب قد قنن لقمة العيش للسوريين من خلال “الكوبونات” فان ابنه قد سلم السوريين ولقمة عيشهم لحيتانه من الحاشية المحيطة وأبناء الخالات والأخوال. أملَ أغلبية السوريين من عهد بشار أن يشهد وفرة في لقمة العيش وكرامة في الحصول عليها، مع قسط من الحرية يستحقونه ودفعوا لأجله الغالي والنفيس، ولكن سرعان ما تأكد لهم أن حفار القبور الذي كان يسرق القطن من أجساد الموتى ليبيعه أفضل كثيرا من ابنه الذي ورث عنه مهنته، فلم يكتف بسرقة القطن وانما وضع عيدان خشبية مكان القطن المسروق.
اضافة لكل ما فعله طبيب العيون في سوريا والسوريين، فانه كان اللاعب الأساسي في ما حدث لعراق ما بعد صدام، فأجهزته هي من سهلت دخول المجرمين الذين ما زالوا حتى اللحظة يفجرون أجسادهم في تجمعات الأبرياء، وتلك الأجهزة هي التي أشرفت على تلك المجموعات اداريا وتموينيا وقدمت لها كل مساعدة لوجستية ممكنة، فقط حتى يثبت طبيب العيون قصير النظر للسوريين ان بقائه هو أرحم لهم وأخف وطأة من سوريا جديدة ستعاني ما يعانيه العراق الجديد.
لم يُقتل من رموز الحرية في لبنان في عهد الأب الديكتاتور، مثل العدد الذي فقده الشعب اللبناني في عهد ابنه طبيب العيون، ولم يتدهور النموذج اللبناني كفسحة للأمل والحرية والأمان لكل طالب أمان مثلما يتدهور هذه الأيام، ولم تيأس قيادات لبنانية في أحلك ليالي لبنان وهو في قبضة الأسد الأب من المجاهرة بحقها في رفض الوصاية والتبعية مثلما هي يائسة الأن بفعل شراسة طبيب العيون الأسد الابن، هذه الشراسة الحاضرة دوما في التعامل مع الأخ والشقيق، والغائبة دوما وصولا الى “التأرنب” في التعامل مع العدو.
عشر سنوات عجاف عاشها السوريين، وتحولت فيه سوريا الى مزرعة خاصة لطبيب العيون يمارس فيها نزواته، وتمارس أجهزته ساديتها، وكل يوم يمر على سوريا كوطن وشعب هو أفضل بكثير من سابقه، ويبقى شعب سوريا الطيب الكريم الذي قدم لطبيب العيون أكثر مما يحلم من فرص لتجاوز الماضي، يبقى هذا الشعب صبورا الى حين، ولكن ليس الى الأبد كما شعار العائلة المعروف، وان كانت الخيانة هي من المفردات الأكثر اشمئزازا وتحقيرا لدى الشعب السوري الغيور، فان خيانة نظام طبيب العيون والتحرك لعزله والقضاء عليه ستكون أعلى درجات الوطنية، حتى ترتاح روح كل فقيد قضى في عهده وعهد أبيه اعتقالا وقهر وتعذيبا ونفيا، وفي مقدمة هؤلاء روح الفقيد الكبير محمد الماغوط بحيث لا يكون آخر الخائنين.
سوريا..الطغيان مازال في صباه
الانتقام قادم
اولا اشكر لك موضوعيتك اخت زينب واما عن رد عنصر المخابرات السوريه طبيب العيون سوف يلقن ماعرف مين درسا اقول له ياسيدي الفاضل انشالله بعد ان يسقط هذا الدكتاتور وزبانيته رح تشوف بعيونك طبيب العيون هذا تتقلع عيونو اصبر ان الصبر جميل اذا ماحاربناكم نحنا رح يحاربوكم اولادنا واولاد اولادنا بس يومها يوم لامغفره ولاشفقه ولارحمه
سوريا..الطغيان مازال في صباهتوزيع نعوة ديكتاتوريات العالم العربي؟ مع انتخابات السودان يبدو أن كائنات الهيبريد وتشكل الجملوكيات ماضية في سبيلها، مثل أي وليد مشوه بالمنغولية، أو معتوه بالهبل ومرض السغل وصغر الجمجمة، هذه المرة ولد الوليد المشوه بيد قابلة أمريكية باركته اسمها كارتر؟ حين كانت الإمبراطوية العثمانية يطلق عليها الرجل المريض، كان السلطان يحتفل بالانتصارات، وهذا هو وضع العالم العربي اليوم مع إعلان كارتر عن سلامة وصول الجنين السوداني للعالم فيجب قراءة التاريخ. ومتأمل الأوضاع في العالم العربي يرى ان الصورة في عمومها تشكل ظاهرة الفينومينولوجيا، كما ذكر يوما (هوسرل ادموند) الفيلسوف عن عالم الظواهر، فالأمر جد، والجملوكيات أو كائنات… قراءة المزيد ..
سوريا..الطغيان مازال في صباهنداء السوري — ndiaa@yahoo.co.uk المقال بصياغاته وصراحته (العالية، احياناً) موفق. لكني لم أفهم من اين أتت الكاتبة المحترمة بعبارة ” الطيبة” هذه التي ألصقتها بالشعب السوري لتبرير فشله منذ 40 عاماً على الاقل في انتزاع أبسط حقوقه وحرياته الانسانية!! كأن هذا الشعب المقهور هوالوحيد في “الغابة” العربية الذي عجز عن التخلص من ديكتاتور دومي فظيع اغتصب السلطة وأعطاها لغلامه الأكبر سنا، فبات هذا الديكتاتور الصغير عصياً على الإطاحة! ام ان الاستاذة زينب تعتقد أن العرب جميعاً “طيبون” أو “سُذّج” وبسطاء؟ ولو قارنت الاسد الاب، وأبنه، بصدام (الذي لم يخلعه العراقيون) أو مبارك أو… لوجدت ان التضحيات الكثيرة… قراءة المزيد ..
سوريا..الطغيان مازال في صباه
الى زهير ابن سلمى
received & ignored
سوريا..الطغيان مازال في صباه
فاروق عيتاني — farouk_itani@live.com
“لم يقتل من رموز الحرية في لبنان في عهدالاب الديكتاتور….” أنا متأكد من ان السيدة زينب الرشيد مخطأة في ذلك ، فلنعدد،و حسب الذاكرة الان : سليم اللوزي- رياض طه-المفتي حسن خالد- الرئيس المنتخب بشير الجميل، رغم انني حينها كنت ضده،- الرئيس رينيه معوض -نسينا كمال جنبلاط – خالد علوانه ما غيروا بطل قتل الضباط الاسرائيلين في مقهى الومبي ببيروت ، صيف 82 بطلب خيك معمر ،كون علوان اطلق النار على السفير الليبي عبد القادر غوقه في احدى كباريات بيروت. ربما سبب الخطأ في مفهوم رموز الحريةعند السيدة زينب كان السبب في الخطأ
سوريا..الطغيان مازال في صباه زهير إبن سلمى ـ لاجئ سوري في سوريا الى السيد riskability معظم الاوقات لا افهم ردودك المطولة، لكن يصلني انك ترغب ان توصل لي انك تعرف الكثير وانك وحدك الذي تعرف. وأهنئك فقد وصلتني رغبتك بايصال هذا الشيء. لكني اليوم اريد تسجيل ملاحظتين على أسلوبك في الحوار. إذ انني اتوقع من قراء الشفاف ان يكونوا شفافين قبل كل شيء. يا اخي اذا كنت مختلفا مع زينب او مع غيرها في نقطة معينة فناقشها بلغة مفهومة بدل سرد مطولاتك الضبابية التخوينية وعرضك لفيديو اليوتيوب. الملاحظة الثانية هي اعتقادك انك تهين زينب حين تقول لها انها اسرائيلية يهودية… قراءة المزيد ..
سوريا..الطغيان مازال في صباه زينب رشيد — zena1903@hotmail.com السيد نبيل السوري المحترم أشكر لك مشاركاتك الدائمة بما أكتب، والتي تضيف الكثير الى الموضوع وتسلط الضوء على زوايا أخرى اضافية. ربما أن السبب في سوء الفهم الذي أوصلك للنتيجة التي وصلت اليها من خلال قراءتك للمقال ناتج عن خطأ أتحمل مسؤوليته ورد في السطر الثاني من الفقرة الأخيرة حيث ورد أن يوم السوريين أفضل من سابقه، والصحيح أن يوم السوريين هو أفضل من غدهم، بمعنى ان الوضع في سوريا يتجه الى المزيد من التدهور في ظل سيطرة وبلطجة الديكتاتور الابن وأجهزته الاجرامية. كل ماجاء في المقال يؤكد ان أي حل لايمكن… قراءة المزيد ..
سوريا..الطغيان مازال في صباه
riskability — eemad20@aol.com
هل من قارىء (سوري خصوصا) او (موعارض للنظام السوري على الاخص) القدرة على شرح العبارة التالية التي اوردها (زينب رشيد : اليهودي الاسرائيلي الذي خلع – اخيرا – القناع الذي صاغه لنفسه من دم وجسد ضحيته بالادعاء انه “كاتبة فلسطينية” في المرات السابقة المتوالية) : ((سرعان ما تأكد لهم أن حفار القبور الذي كان يسرق القطن من أجساد الموتى ليبيعه أفضل كثيرا من ابنه الذي ورث عنه مهنته، فلم يكتف بسرقة القطن وانما وضع عيدان خشبية مكان القطن المسروق)) .. لنعتبر ذلك دليلا على سلامة عقله واحساسه
وشكرا جزيلا .. سلفا
سوريا..الطغيان مازال في صباه
سوري قرفان
مقالة رائعه نابعه من ضمير إنساني، وشكراً لزينب رشيد الانسانه على اهتمامها بالشأن السوري
سوريا..الطغيان مازال في صباه جمال — petra1973@hotmail.fr كتب أدونيس يوماً أن العرب كجنس ذاهبون إلى انقراض. الانقراض بمعناه الثقافي الحضاري الوازن. ولا شيء يتمثّل في هذا الانقراض مثل المخلوق “المترئس” انتحالاً وسطوة وتقتيلاً في دمشق. ملاحظة هي هذه لا أكثر. أما لبنان، فقصة أخرى، ربما أوحد ما يظهر فيه جلياً، من خلال الوحول المخلوقية الأسدية المتنتّنة فيه منذ 1976، أن بعض العقول قد تسورَنَت بالمعنى المخلوقي. خاصة وهو الأدهش عند بعض المسيحيين. ربما، في ذلك، “الإنجاز” الوحيد للمخلوق الأب/الإبن على مدى 34 عاماً من الفلتان البهيمي. لكن القصة في لبنان بعيدة من أن تكون انتهت. لبنان أعند من أن يكسره… قراءة المزيد ..
سوريا..الطغيان مازال في صباه
نبيل السوري
مع احترامي الشديد وكنت قد علقت على كل مقالاتك ايجابياً لكنك اليوم لم تصيبين كبد الحقيقة فحين تطلبين من رأس الأفعى أن يقود مسيرة الإصلاح فكأنك تطلبين من الأفعى أن تلدغ نفسها
هل تتوقعين ممن كانت لديه الفرصة الذهبية حين استلم من أبيه المجرم لكنه أصر على أن يمشي على خطا المجرم أن يقوم هو بالإصلاح؟؟
لا يا سيدتي، لم أتوقع منك هذه السذاجة
عليك أن تقرأي ألف باء الاستبداد، ومعلومك الأسد معلم المستبدين
والله يلعن هيك معلم
سوريا..الطغيان مازال في صباه
طبيب العيون السوري يلقن الاسرائيلي (زينب رشيد) الدرس الثاني بعد ان لقن والده “موشيه دايان” الدرس الاول في (تشرين – اكتوبر) درة انتصارات العرب
http://www.youtube.com/watch?v=ki42ZSIJjaU&feature=related
وهذا علاج آخر لصداعك المزمن يا زينب رشيد